مهما تغيرت الظروف و الشعارات يبقى الهدف واحدا هذا ما تؤكده التجربة والواقع العملي للسياسة الإيرانية. فمنذ تولى رجال الدين السلطة في إيران أصبحت الشعارات أهم الكواشف الأساسية الدالة على فهمالنوايا الحقيقية لسياسة هذا البلد الذي لم يرتضي قادته إلا ان يكونوا في صدارة اللاعبين في ساحة المؤامرات الدولية التي تحاك ضد المنطقةlsquo; حيث لم ترض غرورهم المكانة التي كانت عليها بلادهم في عهد الشاه الذي كان يوصف بشرطي الخليج فالشرطي باعتقادهم لا يتجاوز دوره الحراسة على المكتسبات التي يحققها الآخرون و لا يسمح له ان يكون صانعا للمخططات وهذا يخالف طموح و أهداف قادة نظام طهران بكثيرlsquo; فهم يرون ان إيران بما تمتلكه من قدرات lsquo; بشرية ومادية وموقع جغرافي وتاريخي lsquo; يجب ان لا ينحصر دورها في منصب الشرطي ولهذا فقط سعوا الى مد الدور الإيراني الى ابعد من منطقة الخليج العربي وذلك عبر فتح بوابات متعددة مفاتحيها تصنع في قم وطهران وتعمل بإشارات ورموز مشفرة تصاغ على شكل شعارات جذابة من ضمنها شعار يوم القدس العالمي وغيره من الشعارات البراقة الأخرى التي لا يوجد لها مكانة في عقيدة وإيمان مطلقي هذه الشعارات.
حين قرر قادة النظام الإيراني خوض الحرب مع العراق لكسر أول واهم عقبة تقف في وجه مشروعهم التوسعي lsquo;كان شعارهم في تلك الحرب quot; تحرير القدس يمر عبر تحرير كربلاء quot; lsquo; (وكان لهذا الشعار أثر إعلامي وسياسي في بعض الساحات العربية التي أدمنت على نغمات و الحان شعارات إذاعة صوت العرب وغيرها من الإذاعات الأخرى التي كانت مهمتها بث أقوى الشعارات وألمعها للتستر على الهزائم والتغطية على الأعمال الدكتاتورية لمعظم الحكام العرب)lsquo; و على الرغم من هزيمتهم في تلك الحرب إلا ان quot;تحرير كربلاءquot; قد تحقق لهم بعد ذلك بفضل القوات الأمريكية ولكنهم لم يتخذوا طريقا لتحرير القدس كما كانوا يزعمون وإنما أصبحت كربلاء طريقا لتمدد الإيراني وإشعال المزيد من الفتن الطائفية في العراق و المنطقة.
القادة الإيرانيون الذين اعتادوا افتعال الأزمات مع دول الجوار لتحقيق مآربهم في المنطقة وجدوا ضالتهم هذه المرة في خلافهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة حول قضية الجزر المحتلة ليتخذوا منها وسيلة لافتعال أزمة تدخل المنطقة العربية في دوامة جديدة تشغلها على الأزمات السابقة و تحقق لإيران مزيدا من التوسع والنفوذ lsquo; ولهذا فقط بدأت إيران مؤخرا بسلسلة من الإجراءات وإطلاق العديد من التصريحات العدوانية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة بلغت حد التهديد بشن الحرب.
و في هذا الإطار فقد صعد برلمانيون إيرانيون من حملتهم ضد ابوظبي حيث هدد النائب - جواد جهانغير زادة - باتخاذ ثمة إجراءات ضد دولة الإماراتlsquo; من بينها قطع أو تخفيض مستوى العلاقات معها. وطالب وزارة الخارجية الإيرانية بتكليف الشرطة الإيرانية الخاصة بالرعايا الأجانب القيام بأخذ البصمات والتفتيش الجسدي للمسافرين الإماراتيين القادمين لإيران كأحد أنواع الضغوط ضد الحكومة الإماراتية.
أما عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني quot; برويز سروري quot; فقد أكد ان البرلمان يدرس إمكانية التخلي عن شركة quot;اتصالاتquot; الإماراتية لتشغيل الخط الثالث من الهاتف النقال في إيران. مدعيا ان الإمارات تحولت اليوم الى احد مراكز الأزمة الاقتصادية العالمية وإذا لم تقدم الإمارات على إصلاح سلوكها السيئ (...) فإننا سنخفض مستوى علاقاتنا الاقتصادية معها وهذا سيضر بالاقتصاد الإماراتي المتأزم أصلا lsquo;على حد زعمه.
أما النائب - داريوش قنبري- وهو أيضا عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني lsquo; فقد كانت تصريحاته هي الأكثر تصعيدا حيث هدد بإمكانية شن بلاده الحرب على دولة الإمارات في حال استمرت بملكيتها الجزر الثلاث التي تحتلها إيران. مذكراً ان الحرب بين إيران والعراق كانت قد وقعت بسبب الخلاف حول ملكية الأراضي lsquo;لذلك فان تكرر مطالب الإمارات قد يؤدي الى نشوب حرب بين البلدين lsquo;حسب زعمه.
وبما ان لكل حرب شعاراتها فلا يستبعد ان يكون الشعار الإيراني هذه المرة هو lsquo; تحرير القدس يمر عبر احتلال دولة الإمارات العربية المتحدةlsquo;!.
و لكن بما يعتبر البعض هذه التصريحات لا تعبر عن الموقف الرسمي للنظام الإيراني ولكنها في الواقع يمكن اعتبارها كاشفا عن نوايا هذا النظام و ما تتداوله أجنحته ومراكز قواه المتعددة من أفكار وتصورات تجاه العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
و إذا اعتبر البعض ان ما تقدم لحد الآنlsquo;مجرد مواقف كلامية من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين lsquo; فإننا نرى يجب ان لا نغفل حادثة مهمة كانت قد جرت قبل شهر تقريبا وقد تمثلت بإعدام طهران لضابط إماراتي كبير رفض التعاون مع المخابرات الإيرانية.
فبحسب التقارير التي وزعتها منظمات حقوقية إيرانية وأخرى سياسية وأكدتها مصادر إماراتية موثقة lsquo; ان السلطات الإيرانية أعدمت في مطلع ديسمبر الجاري في سجن أوين quot; جلالي شيرانيquot; ( البلوشي ) وهو طيار سابق برتبة مقدم في الجيش الإماراتيlsquo;كان قد جرى اعتقاله قبل عدة أشهر أثناء سفره الى إيران لمعالجة والدته ونتيجة رفضه التعاون مع المخابرات الإيرانية اعدم في إطار الضغط الممارس على دولة الإمارات العربية المتحدة التي بدورها التزمت الصمت إزاء هذه الأمر و كل ما قامت به لحد الآن حسب المصادر الإعلامية الإيرانية هو اتخاذ إجراءات لإخراج عدد من رجال الدين الإيرانيين المقيمين في دولة الإمارات. فبحسب تلك المصادر ان السلطات الإماراتية امتنعت عن تمديد إقامة كل من ممثل مرشد الثورة الإيرانية في الإمارات الشيخ quot; مختار حسيني quot; و رجل الدين الايراني الشيخ quot; كشميريquot; ممثل آية الله السيستاني في الإمارات.
و لكن هل هذه الإجراءات الإماراتية هي بمستوى التهديدات الإيرانية؟.
لقد سبق للعراق الذي خاض حربا ضروسا مع إيران ان قام بتسفير وإبعاد العديد من الإيرانيين المقيمين على أراضيه قبيل وقع الحرب عليه ولكن ذلك لم يكن كافياً لدرء نشوب الحرب أو القضاء على الطابور الخامس.
لذا فان المطلوب إماراتيا التفكير بإجراءات أكثر جدية و اشد حزماً في مواجهة التهديدات الإيرانية. فالمؤمن لا يلدق من جحر مرتين.

صباح الموسوي
كاتب احوازي

rlm;26rlm;/01rlm;/2009م