توقفت حرب غزة مؤقتا لاسباب لا علاقة لها بالنصر والهزيمة لأي طرف.
تعرضت اسرائيل لموجة عالمية من الاحتجاجات والادانات لاستخدامها قوة عسكرية مفرطة ضد غزة التي لم يكن فيها جيش نظامي يدافع عنها ولم يكن فيها مقاومة فاعلة تردع اسرائيل. هذه الاحتجاجات وبالاضافة لاعتبارات تتعلق باستلام باراك اوباما منصبه كرئيس للولايات المتحدة وتفادي احراجه في لحظة تاريخية قررت اسرائيل ايقاف اطلاق النار احاديا.

وليس بسبب المقاومة كما يحلو للبعض ان يقول ولم تهزم اسرائيل بالمعنى العسكري بسبب فشل المقاومة في الرقي الى المستوى المطلوب. ويمكن تلخيص الحملة العسكرية ضد غزة بكلمتين فقط وحسب ما جاء في صحيفة الغارديان البريطاتنية وهي اكثر الصحف البريطانية دعما للقضية الفلسطينية التي وصفت الحملة العسكرية quot; بمسابقة رمي أو صيد الديوك الروميةquot; وباللغة الانجيلزية هي Turkey Shoot ومغزى هذا المصطلح ان الديك الرومي طائر ثقيل ولا يطير ومن السهل اصطياده وقتله وعقدت مسابقات في الغرب بين الصيادين لمعرفة من يقتل اكبر عدد من طيور الديك الرومي. وهذا ما فعلته اسرائيل ضد مدنيين غزة. بعبارة اخرى لولا الاحتجاجات العالمية ودخول اوباما للبيت الابيض كان بامكان اسرائيل قتل عشرات الالوف. الاستنتاج البديهي ان الكفار في اوروبا واميركا انقذوا حماس وانقذوا أهل غزة من الابادة.

ويتساءل سائل اين المقاومة.

وهنا يجب فضح العورات الخمس:

عورة المقاومة:
اداء المقاومة البائس امام آلة الارهاب الاسرائيلي جلب الاحباط للمتعاطفين مع حماس رغم اصرار البعض على الحديث عن مقاومة اسطورية وصمود اسطوري وثبت ان هذا كان كله كلام ودجل على البسطاء في العالم العربي حيث لم يكن هناك اي مواجهات بين الجيش الاسرائيلي والمقاومة. تبخرت المقاومة واختفت لتظهر بعد الانسحاب الاسرائيلي لتعلن النصر كما توقع الكثير من المراقبين والمحللين. لذا يتعين على حماس وقادتها ان يستوعبوا الدرس ويخاطبوا الناس والاعلام بتواضع لأنهم لم يثبتوا وجودهم في الميدان كما فعل حزب الله مثلا في صيف عام 2006.


حماس فشلت كمقاومة في هذه الحرب. وللذاكرة فقط قتل اشاوس حماس 150 فلسطيني بيوم واحد في الانقلاب الدامي اواسط حزيران عام 2007 بينما بعد اكثر من 3 اسابيع لم يقتلوا اكثر من 13 اسرائيلي. وعلق صحفي عربي مؤخرا بالقول quot; وبئس هكذا مقاومةquot;.


أين المقاومة واين مقبرة الجيش الاسرائيلي. لماذا هذا الدجل والضحك على الذقون. خاب أمل المواطن العربي بالاداء البائس لهذه المقاومة.

عورة ديمقراطية اسرائيلية وجرائمها ضد الانسانية
اثبتت هذه الحرب الغير متكافئة ان اسرائيل دولة اجرامية وارهابية قامت على التطهير العرقي والمجازر. وفي حوادث غزة الأخيرة اقتنع العالم باستثناء ادارة بوش السابقة ان اسرائيل دولة اجرام لا تأبه لحياة الانسان ولا تراعي القوانين الدولية. هذا لا جدل فيه ولذا حان الوقت لوضع قادة اسرائيل امام القضاء الدولي بتهمة جرائم ضد الانسانية. اسرائيل لم تحقق اهدافها السياسية حتى الآن ولذا يمكن القول انها لم تنجح في هذه الحرب وهذا لا يعني ان حماس ربحت.


عورة الممانعة والصمود والقومية:
أين حلفاء حماس الاقوياء وماذا فعلوا:

أثبت هذا المعسكر عجزه الكامل واعتماده الكلي على الخطابات النارية والشعارات المدوية وتم تعريته تعرية شاملة وكاملة وفاضحة. ما سمعناه هو شعارات وخطابات نارية فقط.
الرئيس السوري قال في كلمته في مؤتمر الدوحة مؤنبا دول الاعتدال التي تؤمن بالتفاوض والتعايش والسلام: quot;ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوةquot; كلام جميل ولكن علينا ان نتساءل ألم تؤخذ الجولان بالقوة قبل 42 عاما. لماذ الم يقم بتخفيف الضغط الاسرائيلي على حلفاءه في حماس ويسترد الجولان بالقوة.

الرئيس الايراني طالب دول الاعتدال بقطع العلاقات مع اسرائيل واللجؤ للمقاومة. كلام جميل ايضا ولكن الا تحتل ايران اقليم الاحواز العربي وتعدم الاحوازيين على اعمدة الكهرباء والرافعات لأنهم يتمسكوا بعروبيتهم.
الا تحتل ايران الجزر العربية الثلاثة وترفض التفاوض بها.
ألم يهدد الرئيس الايراني بازالة اسرائيل من الخارطة. لماذا لم يتفضل محمود احمدي نجاد وينتهز هذه الفرصة لمسح اسرائيل من الخارطة الجغرافية والسياسية ويريحنا من اسرائيل. أنه يريد التضحية بآخر طفل فلسطيني ليبرر هيمنته على المنطقة.

حزب الله
امتنع حزب الله ان يتورط ويورط لبنان بدخول حرب جديدة مع اسرائيل لتحرير مسمار جحا المعروف سياسيا واقليميا بمزارع شبعا. وصف البعض موقف حزب الله بالذكي لأنه لم يفعل شيئا سوى تقديم بعض الشعارات والخطب النارية على لسان امينه العام حسن نصر الله لاحراج مصر ودول الاعتدال العربي منفذا بذلك اجندة ايران.

عورة الاعتدال العربي:
حتى لا يقول قائل وماذا فعل نظام الاعتدال العربي سوى الوعود بالدعم المالي والدعم السياسي للسلطة الفلسطينية أقول ما يلي:
أثبتت سياسة الاعتدال والعقلانية في السنوات الأخيرة فشلها في اقناع الادارة الأميركية والحكومة الاسرائيلية بالانسحاب من الاراضي المحتلة وايقاف الاستيطان وازالة الجدار العنصري. ولم تقدم اسرائيل ادنى تنازل لدول الاعتدال وفشلت كونداليسا رايس بعد 17 زيارة للمنطقة من ازالة حاجز واحد. يمكن القول ببساطة أن اميركا واسرائيل بسياساتهما الخاطئة ساهمتا باحراج المعسكر العقلاني المعتدل حتى ان الشارع بدأ يتخوين هذه المعسكر.


العورة الخامسة
اكذوبة الصواريخ
تقول الدعاية الاسرائيلية ان اكثر من 6500 صاروخ اطلقت على بلدان ومستوطنات المنطقة الجنوبية وخلال 7 سنوات مات حوالي 18 اسرائيليا من المدنيين وبمعدل 305 صاروخ لكل مدني واحد. استغل قادة اسرائيل هذه الصواريخ التي اطلق عليها روبرت فيسك الكاتب المعروف بصحيفة الاندبندنت البريطانية في لقاء مع الجزيرة الدولية الناطقة بالانجليزية صباح 14 يناير كانون الثاني 2009 بالصواريخ البائسة العديمة التأثير. ولكن قادة اسرائيل استغلوها استغلالا بشعا لتحقيق اهداف سياسية واعلامية. ولا تزال حماس تصر ان هذه الصواريخ البلاستية عابرة القارات الفتاكة ستستمر.


نستنتج مما سبق ان حماس تتاجر بدماء الشعب الفلسطيني لتتشبث بالحكم ولتدفع فواتير سوريا وايران على حساب اطفال فلسطين. واثبتت الحوادث ان ما تريده حماس لا علاقة له بأي مشروع وطني فلسطيني بل تريد السيطرة على الانسان الفلسطيني ايديولوجيا وطالبانيا.

نهاد اسماعيل
لندن