دخلنا في اليوم التاسع والعدو الصهيوني لم يتوقف عن عملية الإبادة الجماعية التي يستهدف بها الأراضي الفلسطينية ويزرع أراضي غزة بصواريخه الثقيلة ويدمر ما تبقى من بيوت ومدارس ومساجد بحجة القضاء على المقاومة الفلسطينية، فيقتل بطريقه الأطفال والنساء حتى وصل العدد إلى أكثر من 470 شهيداً من بينهم 75 طفلاً و21 إمرأة ما عدا الجرحى الذين وصل عددهم إلى 2300 حالتهم أقرب إلى الموت منها الى الحياة بسبب نقص الأدوية ومستلزمات العلاج في المستشفايات الفلسطينية المحاصرة..

والعالم العربي باقٍ على صمته لا يحرك ساكناً ويشاهد فقط عبر القنوات الفضائية الشعب الفلسطيني وهو يقتل ويدفن تحت أنقاض منازلهم، وكأن المواطن الفلسطيني أصبح بنظرهم المحتل والجلاد والصهيوني الضحية والمظلوم والمحتل، وكل ذلك لأجل مصالحهم وغاياتهم المعهودة والتي تتسم بالخيانة والتخاذل المعروف عنهم والمخزي لنا ولهم..

فعندما نرى مشاهد المجازر التي تحدث في غزة والتي تدمي القلوب وتفتت الأكباد حزناً على الأطفال الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يريدون فرصة حياة في أرضهم المحتلة.. وننظر إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني من قمع وظلم وقهر وإضطهاد وقتل وسفك دماء وإبادة نستحضر سريعاً مشهدا كنت قد رأيته مسبقاً على احدى شاشات الفضائية لشريط وثائقي يعرض عملية إنقاذ حدثت في أحد المدن في الولايات المتحدة الأمريكية، لعدة جراء صغيرة حبسوا داخل بيت يحترق وأمهم تعوي خارجاً خوفاً عليهم، فيحاول رجال الإطفاء والمسعفون بشتى الوسائل إنقاذ الجراء لإرجاعهم إلى حضن أمهم حتى أن رجل منهم يخلع باب البيت ويدخل مخاطراً بحياته وينقذ الجراء واحداً تلو الآخر ويحاول أن يسعف جرواً مصاباً بحروق والدمع بعينيه حزناً عليه، ولو لزم الامر لأعطاه تنفساً إصطناعياً من فمه المهم أن يرجعه إلى حياته التي يقدرها!!!!

هذا فقط حيوان صغير ولكنه له قيمة عند الغرب وحتى أنه بنظرهم أفضل من كافة الشعوب في العالم الثالث!!!!

أما في غزة فالمشهد يختلف فهناك عائلة فلسطينية بأكملها يدمر عليها منزلها بصاروخ صهيوني رمته أحد طائرات العدو، وينتشل المسعفون من تحت الركام خمس فتيات من هذه العائلة جثثا هامدة مهشمة وطفلا رضيع تحمله أمه بعد أن أخرجته من تحت الأنقاض وزوجها إلى جانبها قد شلته الصدمة على فقدانه لأولاده الخمسة.

وتحمل رضيعها تلك الأم لتريه للعالم العربي والعالم وهو يتلوى من الألم والدماء تخضب وجهه، وهو يفرفر بينه يديها كذلك الحيوان الذي أنقذه ذلك المسعف الأمريكي، لكن الفرق هنا أن هذا الطفل هو طفل فلسطيني!!! لا قيمة له ولا يهم إنه مات أو مات غيره من الأطفال المهم أن لا تمس المصالح العربية بأي سوء وضرر حتى لو على حساب الأطفال الأبرياء!!!
وتتساءل هل قيمة المواطن العربي تدنت لهذه الدرجة بنظر حكامنا أم أننا فقدنا كرامتنا واحترامنا لذاتنا حتى يصل بنا الأمر لعدم تقدير قيمة حياة البشر في عالمنا العربي كما يقدرونه في الغرب.

أم إن الغشاوة السوداء أعمت عيوننا عن رؤية الحقيقة والظلم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني حتى نتخذ لغة الصمت ولا نتحرك قيد أنملة ونقف وقفة شرف حقيقية تنشلنا من بؤرة التخاذل والخيانة.

فغزة الآن تنادي: إستفيقوا أيها العرب من سباتكم وهبوا لنجدتها، غزة الجريحة المنكوبة التي تكاتلتم على إبادتها تصمد وتقاوم وتفديكم بأطفالها لأجل مصالح حكامكم الذين يتربعون على كراسيهم وينعمون بالسلام على دماء أطفالها وترابها..

غزة تستغيث بإخوانها العرب الشرفاء بكل وطني مقاوم مهما كان إنتماؤه لأجل دماء أطفالها سجلوا موقفا وطنيا ولو حتى بكلامكم وأقلامكم المهم أن لا تصمتوا فكفانا صمتاً وصمتاً وجبناً..

توحدوا وتضامنوا ولو لمرة واحدة في تاريخنا العربي لندحر العدو عن أراضينا ليتسنى لنا رفع رؤوسنا عالياً ولا نطأطئها بعد الآن أمام أي محتل غاشم يريد محو ذكرنا وذكر كل عربي شريف يؤمن بالقضية الفلسطينية ليمحيها عن الخارطة ويجعل العرب عبيدا له ويجردهم من عزتهم وكرامتهم وشرفهم المقاوم ووطنيتهم التي يتباهون بها عبر العصور ويتناقلونها من جيل إلى جيل....

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/