عندما سألني صديقي بعد انتهاء ليلة رأس السنة عن مشاعر بعض المصريين الذين أعرفهم أمام أخبار ضرب غزة، كانت الإجابة من خلال ملاحظة ما يجري في كثير من الشوارع الرئيسية كالتالي: خمور ومسليات وجنس.


ليلة رأس السنة يشعر فيها المصريون بفرح غير طبيعي لانتهاء عام كئيب بكل ما يحمله من منغصات وكوارث وأوبئة وأخبار حروب وفقر مدقع يعيش فيه أغلبية الشعب، كل هذا على أمل أن يأتي العام الجديد ببريق أمل أو رجاء في حياة أكثر سعادة من سابقتها تنتهي فيها الكوارث وينال فيها المصريين كثير من حقوقهم الإنسانية المسلوبة. يأمل المصريون كل عام أن تنتهي حالة التمييز الديني بين الشعب بناء على معتقداتهم، أو حالتهم الاجتماعية أو أعراقهم، أو جنسهم. يأمل المصريون في حالة من السلام الاجتماعي بين الأمن والمواطنين. يأمل المصريون في إنهاء حالة الإرهاب والطوارئ التي استمرت عشرات السنين.


أمام كل هذه الآمال وتحت غطاء الأحلام يذهب كثير من المصريين إلى محلات الخمور لشراء أي نوع من الخمور حسب الطاقة الشرائية للأسر ومعها كثير من المسليات ويخرجون في نزهات ليلية رغم البرد والصقيع للتنزه والتزاور أو الذهاب إلى السينمات أو المسارح. يذهب القليل من المصريين إلى أماكن العبادة كنوع من تهذيب النفس وغفران خطايا العام الماضي على أمل أن يأتي العام الجديد ببصيص من النور والأمل والرجاء. يصلون ويدعون المولى أن يتدخل لمعالجة الصعوبات والآلام التي وقعت العام الماضي، متناسين أن الإنسان له دور فاعل ومؤثر في تغيير التاريخ.

سأل صديقي: أين غزة وما يجري فيها من مذابح إسرائيلية؟

لسان حال الأغلبية من الشعب: دعنا نعيش نحن اليوم ويكفينا آلامنا وأوجاعنا.
انظر عزيزي القارئ إلى وجوه العابرين أمامك في أي شارع في هذا الوقت من بداية العام الجديد ستجد أن هذا هو شعور الأغلبية المسكينة التي تبحث عن أقل القليل من احتياجاتها اليومية، فكيف تجد ما تعطيه من خبزها الضروري لغيرها.
إن لسان حال الأغلبية من شعب مصر الكريم أمام مئات القتلى من أهل غزة وآلاف الجرحى هو المثل الشعبي: quot;اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامعquot;.


بأقل كلفة مادية حفنة من المسليات وزجاجة خمر وتذهب الأغلبية من الشعب الفقير إلى السرير مبكراً لتشاهد فيلماً كوميدياً أو مسرحية هزليه في التليفزيون ثم يمارس المتعة المجانية وينتهي العام الميلادي القديم ليبدأ عام جديد من الصراع والآهات وتواصل الحياة.
كل عام والمصريون بخير. وليحل الفلسطينيون أزمتهم بأنفسهم.


أيمن رمزي نخلة
[email protected]