من المسلمات التأريخية ان الشيعة العرب قد تعرضوا لأنواع مختلفة من الظلم و لاضطهاد و مصادرة الحقوق و الإقصاء وقد عانوا الامرين من جراء ذلك، لکنهم وعلى الرغم من کل المخلفات و التداعيات و الاثار السلبية المتولدة کحاصل تحصيل أو کرد فعل، وبسبب من عمق إنتماءهم الاسلامي ـ القومي و إحساسهم المتميز بالمسؤولية، کانوا وعلى الدوام يسکتون على مضض وفي عيونهم(قذى) وفي أفواههم(شجى) ويؤثرون الصالح العام للمسلمين على مصلحتهم الخاصة رغم شرعيتها و حقانيتها. وهناك نقاط مضيئة في التأريخ تثبت الدور الايجابي للشيعة العرب في صيغة تعاطيهم مع الامور بمستوى عال من الاحساس بالمسؤولية و آثروا النظر الى النصف المملوء من الکأس لکي يفوتون الفرص على الاعداء الخارجيين الذين يتربصون شرا بعموم المسلمين و العرب منهم بوجه خاص و لا يميزون بين طائفة و أخرى وهو امر من الممکن أن يعتبره البعض من أخوتنا من الشيعة موقفا غير صحيحا من مسألة احقاق الحق و وضع الامور في نصابها الحقيقية الواقعية، لکنه و من زاوية أخرى فإن العقلاء و ذوي النظرة الثاقبة من الاطراف الاخرى، سينظرون إليه على انه موقف مخلص على مستوى عال من الاحساس بالمسؤولية ويثبت صدق ولاءهم و إنتماءهم لأرضهم وقد رأينا هذه النظرة و لمسنا هکذا تفهم و موقف إيجابي من الکثير من الاخوة العلماء السنة الافاضل و من جمع کبير من کتابهم و مثقفيهم خلال لقاءاتنا المتعددة بهم في العواصم العربية و الغربية وقد شعرنا بنوع غير عادي من الفخر و الزهو بهکذا ماض مجيد و مشرف للشيعة العرب و إکتشفنا و بشکل جلي البعد الحضاري و المدني لديهم سيما بنبذهم لممارسة کل أشکال العنف و فرض المواقف بمنطق القوة.
اليوم، ومع ملاحظتنا للتوتر المؤسف الحاصل في البحرين و تواتر الانباء بخصوص تبرم الشيعة البحرانيين من الاوضاع السياسية ـ الاجتماعية ببلادهم و مطالبتهم بمساحة و فضاء أکبرين من الحقوق، و وقوع أحداث عنف هي في الواقع غريبة على الشيعة العرب بشکل عام و الشيعة البحرانيين بشکل خاص وهو سياق قد يکون سيف ذو حدين ومن الممکن جدا أن يؤثر سلبا على عموم الوضع الوطني و الشعبي و يؤول في نهاية الامر الى مفترق طرق قد يکون أعبدها أکثرها وعورة أو يفضي الامر الى خيارات أحلاها أکثرها مرارة. اننا ومع عمق تفهمنا لموقف و تحرك الشيعة البحرانيين، فإننا وفي نفس الوقت ندرك و بدرجة عالية من الاحساس بالمسؤولية حساسية و خطورة المرحلة الحالية التي تمرzwnj; بها المنطقة و التداعيات المحتملة التي يتنبأ بها المحللون و المراقبون وان تحرك الشيعة البحرانين في هذه الاوقات تحديدا قد لا يکون حميدا و مأمون العواقب بالنسبة للجميع ولاسيما وان مملکة البحرين بدأت بفتح ذراعيها للشيعة و طفقت تنصت لهم و لمطاليبهم وبذلك فإنها تفتح صفحة بيضاء جديدة في العلاقات معهم وحري بأخوتنا الشيعة البحرانيين أن لا يترکوا هذا الباب المفتوح من دون أن يدخلوا منه و يستفيدوا منه بأقصى حد ممکن واننا نفضل الرکون الى الخيارات السلمية من تفاوض و حوار لعشرين عاما على اللجوء للعنف و القتال ولو ليوم واحد، إذ ان للنفس الانسانية کرامتها و قدرها و حيثيتها و هذا العصر بالذات هو عصر الحوار و الانفتاح على الآخر، عصر لم يعد اللجوء الى العنف و القوة الاسلوب الامثل لفرض المنطق و الوجود وهو أمر بات العالم کله يتفهمه و يفکر و يتعامل من خلاله وبإعتقادنا ان الشيعة العرب الذين سکتوا على ضيم مئات السنين إکراما لوحدة دينهم الحنيف و قوميتهم المجيدة التي أعزها و شرفها الله سبحانه و تعالى بالاسلام و کانوا على مستوى إستثنائي من الشعور بالمسؤولية و فکروا و تعاطوا باساليب حضارية قبل مئات الاعوام، من الافضل لهم الرکون الى الخيار الحضاري و التعامل مع الجهات المسؤولة بروح المسؤولية و نکران الذات و اننا لعلى ثقة تامة من ان الجهات المسؤولة في البحرين و على رأسها جلالة ملك البحرين و حکومتها سوف يصغون و بکل حرص الى مطاليب أخوانهم و يقينا أن إثارة الوضع في البحرين الى نقطة الازمة و الوصول لاسمح الله الى مفترقات خطيرة سوف يخدم و من دون شك مصالح و أجندة خارجية لاتفکر بأي شئ کما تفکر في ما ستجنيه من مکاسب على حساب شعب البحرين.
اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان، ندعو أخوتنا من شيعة البحرين ان يکونوا مرة أخرى بمستوى المسؤولية و يقدروا حساسية و خطورة الاوضاع السياسية و الامنية و يجعلوا مصلحة البحرين وطنا و شعبا فوق کل إعتبار آخر و يثبتوا مرة أخرى للأمة العربية جمعاء ان الشيعة العرب کانوا و سيبقون سيوفا مشرعة لخدمة الاسلام و العروبة.
* الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.