قبل سنوات قدم روبرت سوتلوف احد ابرز الباحثين والمنظرين للسياسة الاميريكة وصفة جاهزة لما بعد 11 سبتمبر ، اليوم تبدو ادارة اوباما اكثر اقترابا وقناعة بنهج ادارة معركة لكسب العقول والقلوب في الحرب ضد الارهاب.

مؤلف كتاب quot;معركة الأفكار في الحرب ضد الإرهابquot; روبرت ستلوف مدير عام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. عاش في المغرب لمدة عامين، وخلال هاتين السنتين تجول في منطقة الشرق الأوسط وكتب العديد من الدراسات حول كيفية إصلاح الدبلوماسية العامة الأمريكية مع العرب والمسلمين في مواجهة تحديات عالم ما بعد 11 سبتمبر (أيلول).

في كتابه المثير يتحدث عن أربعة محاوراهمها الدبلوماسية العامة وإستراتيجيتها، وأخطاء الولايات المتحدة في التعامل مع منطقتنا.


ويتحدث سوتلوف عن أهمية شرح الولايات المتحدة لسياساتها بوضوح وبدون أية اعتذارات، فيقول مثلا إن على أمريكا أن تفخر بقوتها العسكرية التي استطاعت بها أن تدافع عن المسلمين في البوسنة، وكوسوفو، والكويت، وكذلك بتقديمها مساعدات مالية لأكبر دولة عربية quot;مصرquot;. علاوة على علاقتها الإستراتيجية بحكومات الدول الإسلامية مثل نيجيريا، تركيا واندونيسيا.

ويشير سوتلوف إلى نظرية جديدة في حرب الأفكار خاصته، وهي أن على الولايات المتحدة أن تطور من مؤسساتها الإعلامية تجاه قضايا المنطقة بدلا من أن تنافس الإعلام العربي quot;الحرة كمثالquot; أو أن تخترق الإعلام العربي.

ويرى الكاتب أن على الحكومة الأمريكية أن ترسم خطة رصينة للدبلوماسية العامة تجاه الشرق ألأوسط عن طريق وسائل الإعلام، كما أن عليها كذلك فتح دورات اللغة للسفراء والدبلوماسيين والمسؤولين في وزارة الخارجية والجهات الأخرى التي تتعامل من المنطقة العربية.

يتحدث سوتلوف بكل وضوح عن ستة أخطاء للدبلوماسية الامريكية ،الخطأ الأول: جهل الولايات المتحدة بأعدائها وأصدقائها. ويؤكد على ضرورة تحديدها لهم، فهناك حكومات وحركات عربية متشددة وأخرى معتدلة أو علمانية، يرى أن على الولايات المتحدة أن تفرق بينها.

الخطأ الثاني: تقديم الولايات المتحدة قروضا ومساعدات إلى أشخاص وهيئات غير مرغوب فيها. كحكومات استبدادية ما يولد عدم ثقة الشارع العربي بالدبلوماسية الأمريكية.

الخطأ الثالث: اهتمام الولايات المتحدة بالدعاية إلى الانفتاح والتسامح الديني، وتقليلها من الترويج لسياستها العامة.
الخطأ الرابع: خسارة الولايات المتحدة لمعركة كسب عقول الشباب في الشرق الأوسط بسبب جهلها بأساليب المعركة الصحيحة واهمها التغلغل في النسيج الاجتماعي للشباب العربي.

الخطأ الخامس: عدم اعتراف الولايات المتحدة بالأسباب الرئيسية لكراهية ملايين المسلمين والعرب لها. وهذه الأسباب كما يرى الكاتب هي دعمها المطلق لإسرائيل ومساندتها، بالإضافة إلى سياستها المتبعة في العراق وحربها الحالية ضد الإرهاب. وليس كما روج بوش من ان الاسباب الحقيقية نابعة من الاختلافات الثقافية، والاجتماعية والدينية.

الخطأ السادس: فشل كل وسائل الاعلام التي جندت بهدف تغيير الصورة عن الولايات المتحدة لدى العرب والمسلمين ويقصد quot; قناة احرة واذاعة سوا quot;.

الحلول كما يراها ساتلوف هي إبقاء الأبواب مفتوحة مع العالم العربي والإسلامي ونشر المدارس الأمريكية في المنطقة لما تلعبه من دور في الانخراط بمجتمعها الى جانب اصرار السياسيين الأمريكيين على مواصلة نهجهم السياسي والدبلوماسية، وتوسيع علاقاتهم الإستراتيجية والعامة مع الدول العربية والإسلامية.

وهو هنا يرى ضرورة تغلغل الولايات المتحدة أيضا في النسيج الشعبي الاجتماعي العربي وإعادة رسم الخطوط السياسية مع دول العالم ومساندة منظمات المجتمع المدني. لأنها المعبر التي سيمكن الأمريكيين من الاختلاط بالمجتمع العربي، إضافة إلى إنشاء مؤسسات تكون مهمتها الرقابة على المشروعات التي تمولها من أجل ضمان نزاهتها.

يعتقد ساتلوف في النهاية أن معركة الأفكار هي الأهم، وفي إطار ذلك يرى أن الأهم هو معرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول، والتخلي عن سياسة تجنب مخاطبة الشعوب العربية مباشرة بخصوص عدد من القضايا الصعبة مثل التطرف الديني والإرهاب، علاوة على الصراع العربي الإسرائيلي وحربها مع العراق.

*كاتب وإعلامي أردني