(ا ف ب): في افتتاح موسمه الخاص بالشرق يحتضن متحف اللوفر في باريس معرضين خاصين بالفنون الاسلامية، الأول يتناول الفنون الفارسية الايرانية في عهد الصفويين والثاني عبارة عن عينات من مجموعة الآغا خان التي سيضمها عما قريب متحف يقام في كندا.
وسيفتح المعرضان أبوابهما امام الزائرين اعتبارا من 5 تشرين الاول/اكتوبر ويستمران لغاية 7 كانون الثاني/يناير.
ويؤكد منظمو معرض quot;الفن الايراني الصفويquot; استنادا الى الباحثين ان هناك علاقة حميمة ربطت دائما في الثقافة الايرانية بين الكلمة المكتوبة وبين الفنون البصرية التي كانت جميعا تمجد جمال العالم عبر تمجيد الاله وقدرته على الخلق.
وتبدو هذه العلاقة ظاهرة تماما في المنمنات الفارسية او في فن صناعة الاواني والقطع حيث تعكس الموتيفات استعارات ادبية اتسع التوجه نحوها في العهد الصفوي (1501 - 1736).
ويدل المعرض على فن تسوده الرموز. فكل الفنون الايرانية الصفوية كانت مرتكزة على العالم الاستعاري الذي يغذيه العالم الصوفي والروحي.
وكان الفن الايراني لفترة طويلة ومن هذا المنطلق بالذات عصيا على الفهم لفترة طويلة في الغرب، وهو فن وان ازدهر وامتد مع الاسلام فان جذوره وتاريخه يعود الى ما قبل 4000 عام.
ويقدم المعرض امثلة غير معروفة الا قليلا خارج حدود ايران على هذه الفنون الايرانية الاسلامية التي استقبلت بحفاوة في تركيا العثمانية والهند المغولية حيث تم تقليد هذا الفن.
ويحفل المعرض بصفحات مخطوطة ومزينة من كتاب quot;الشاهنامةquot; او كتاب الملوك المزين بمئات الرسوم والمنمنات والذي انجز في عهد الشاه تحماسب الذي تلا شاه اسماعيل وازدهرت في عهده الفنون.
غير ان الفن الصفوي وبعد مرحلة الازدهار خضع في الربع الاخير من القرن السابع عشر لتحولات كبيرة لا يعرف سببها وليست مرتبطة بتغير في السلطة ولكنها سبقت بسنوات وصول شاه عباس الى سدة الحكم حيث تحول الفن من التجريدي الى فن واضح الملامح.
وفي الفترة الثالثة من مسيرة الفن الصفوي هذه الفترة التي بدات عام 1630 - 1640 اكتشف فنانو القصر فنون اوروبا التصويرية وقلدوها فيما تهاوى فن المخطوطات والكتب وانقطعت العلاقة بين الشعر والادب وبين الفن في حين حافظت الهندسة والكالليغرافيا على تالقها حتى بداية القرن الثامن عشر.
وامتد الفن الصفوي في حينه الى اوبكستان وهندوستان وتركيا حيث كانت تستخدم اللغة الفارسية في العلاقات بين الاثنيات وحيث كان الادب الفارسي شائعا.
وفي المجمل يقدم المعرض نحو 200 قطعة اختيرت من مجموعات ايرانية وطنية وايضا من مجموعات خاصة وتم استعارة بعضها من متحف طهران ومن مكتبة غولستام ومتحف اصفهان ومتاحف في لندن ونيويورك اضافة الى مجموعتي الصباح في الكويت والآغا خان الخاصتين.
اما المعرض الثاني في متحف اللوفر فيقدم حوالى 80 قطعة من الفنون الاسلامية التي تضمها مجموعة اللآغا خان للفنون الاسلامية وتشهد في تعدديتها على تنوع هذه الفنون وحيويتها خاصة في مجالات تركز عبر فن صناعة الكتاب وتغليفه وفن الكاليغرافيا العربية وهي تكشف كذلك خصوصية الفن الشيعي وتمهد لما سيعرض في متحف الآغا خان في تورنتو الذي سيفتتح عام 2011.
وكما في معرض الصفويين فان معرض مجموعة الآغا خان يضم عددا من صفحات الشاهنامة المزينة وكتابات وخطوط من عدة انواع للقرآن ولغيره من الكتب بجانب اردية جميلة مزينة محفوظة.
وتدل القطع المعروضة على ازدهار الفن في العالم الاسلامي من دمشق الى الاندلس وصولا الى الهند وذلك بين القرن الثامن والقرن التاسع عشر.
واعد المعرض بشكل يظهر فيه التاثيرات المتبادلة بين العالم الاسلامي واوروبا والصين وهو قسم الى ثلاثة اقسام.
ويجسد القسم الاول هذا التاثير المتبادل من خلال النظرة التي يحملها فنانو العالم الاسلامي على النتاجات الفنية الاجنبية وذلك منذ العصور الوسطى حيث ساهم الاسلام في نقل فنون اليونان والرومان عبر اسبانيا الى الغرب.
ثم واعتبارا من القرن السابع يبين المعرض تاثير الغرب في فنون الاسلام حيث تصور لوحة مغولية مشهد صلب المسيح في منمنة صغيرة مدهشة. اما التاثير الصيني فيظهر خصوصا في قطع السيراميك المعروضة.
ويضم المعرض كذلك في جزء منه مجسما لمشروع المتحف الذي سينجزه المهندس الياباني فيميهيكو ماكي ليصبح متحف الآغا خان في كندا قرب تورنتو. وسيمتد هذا المتحف على مساحة 10 آلاف مربع.
وفي هذا القسم عدد من عناصر الهندسة الاسلامية مجسدة بالسيراميك ومحراب صلاة وقوس يدلل على غنى الهندسة والديكور في فنون الاسلام فيما يتعلق بداخل المباني وخارجها.
ويتجسد قلب المعرض في جزئه الثالث الذي يركز على فن تخطيط القرآن وتزيينه وحيث تدل انواع الخطوط والتزيينات على حضور الكتابة الكبير كعنصر تزييني في الفن الاسلامي وحيث تتراوح انواع الخطوط بين كتابات عملاقة واخرى صغيرة جدا لا تكاد ترى مثل الخط المسمى بالغباري والذي يمكن عبره ان يخط القرآن على صفحتين.
ويبرز بعض القطع اسم الله وجانبه النبي محمد والامام علي وقد خطت على علم من البرونز المخرم او هي كتبت على ورقة شجرة نحاسية مخرمة في قطعة جميلة جدا وفائقة الروعة تضاهيها في روعتها طاسة نحاسية خطت بآيات قرآنية كي تشفي المريض وتذهب عنه السحر.
quot;ان تاريخ اوروبا لا يمكن فصله عن الغنى الفلسفي والعلمي والفني للعالم الاسلامي الحاضر وبطريقة خصبة جدا في اندلس اسبانيا وفي مملكة صقلية في ايطالياquot; يكتب الآغا خان في الدليل المنشور المرافق للمعرض.
ويؤكد ان quot;الحوار بين الحضارات يبدو ضرورة ملحة اكثر من اي وقت مضى في بداية هذا القرنquot; ولعل في معرضي اللوفر حول الفنون الاسلامية مساهمة في احلال هذا الحوار.