د. فاضل سوداني:يطرح يوجيني باربا في كتابه زورق من ورق (ترجمة قاسم البياتلي) السؤال الأبدي عن ماهية
المسرح، ويبدأ بسؤال: ما هو المسرح؟؟
هل هو فضاء في داخل معمار فخم؟ أم هو ابداع الجمال والفكر الديناميكي؟.
ولتقصي هذه المعادلة ينقل لنا احدى اغاني باسافانا مؤسس أحد الاديان المتمردة على اليقينيات في الهند في القرن الثالث عشر:
(سيبنى معبدا لشيفا
وأنا
الفقير
ماذا سافعل؟
وكان يجيب:
سيقاني كالاعمدة
صدري منصة المذبح
راسي قبعة ذهبية
ويختتم:
اصغي لي ياسيد الانهار التي تلتقي
أن الاشياء الثابة ستسقط
وستبقى الحركة.)
المسرح، ويبدأ بسؤال: ما هو المسرح؟؟
هل هو فضاء في داخل معمار فخم؟ أم هو ابداع الجمال والفكر الديناميكي؟.
ولتقصي هذه المعادلة ينقل لنا احدى اغاني باسافانا مؤسس أحد الاديان المتمردة على اليقينيات في الهند في القرن الثالث عشر:
(سيبنى معبدا لشيفا
وأنا
الفقير
ماذا سافعل؟
وكان يجيب:
سيقاني كالاعمدة
صدري منصة المذبح
راسي قبعة ذهبية
ويختتم:
اصغي لي ياسيد الانهار التي تلتقي
أن الاشياء الثابة ستسقط
وستبقى الحركة.)
وبالتأكيد فان باسافانا يحدد بالضبط ماهية المسرح وجوهره وهو الحركة والديناميكية بما فيها ديناميكية الافكار والصور وبهذا فان المسرح يتحول من بناء معماري ثابت وبدون حركة الى معبد للفن.
أن المسرح الذي اكد عليه جوردن كريج ردا على الفكرة القائلة بان معمار بناء المسرح هو الذي يخلق الدراما والمسرح في آن واحد:
قال: أن المسرح ذلك الصوت الفيزيكي للانسان، انه تعبيرات الوجه وحركة جسد الإنسان أي الممثل. وهذا يعني بانه المسرح الذي يجسد المعمار في الحركة بشكل ما،أي انه فضاء الفن وليس البناء. وبمعنى آخر هو تربية الممثل على الحركة والشكل ويعتبر هذا احد مكونات المسرح و العرض المهمة.
وفي القرن التاسع عشر عندما بدأ السؤال الجوهري الذي يؤكد على أهمية الإخراج في العرض المسرحي، برزت الكثير من الأحلام اليائسة التي طالبت برغبة تثبيت خطة ورؤيا وطرق اخراج النص المسرحي على الورق( السكربت)،ويذكر باربا بان بعض المؤلفين ومنهم تيشخوف أبدوا رغبتهم في رؤية نصوصهم المسرحية التي اخرجها ستانسلافسكي كجزء غير منفصل عن كتب الاخراج المسرحي التي ألفها، باعتبارها نصوص مسرحية تنبئ بالتخطيط للرؤيا الاخراجية للعرض.
وهذا يعني بأن مستقبل النص منذ كتابته من قبل المؤلف، لا ينفصل عن العرض المسرحي،بل هو بذرة اخراجية وليست ادبية فقط، وستتطور في الرؤيا الاخراجية من قبل المخرج.وهذا يتطلب من المؤلف ألا يفكر بأسلوب أدبي في كتابة نصه وإنما عليه أن يتدرب ويتعلم كيفية كتابة النص على خشبة المسرح بحيث يستوعب حجم ومتطلبات زمن العرض الميتافيزيقي، وليس الأسلوب الأدبي
وقد رغب جوردن كريج في إخراجه لعرض ( ولع القديس ماتيا ) لباخ في أن تكون خطته الاخراجية كالنوتة الموسيقية ترفق مع النص ويعاد اخراجه بذات الصيغة كل عام بمناسبة الاحتفال بهذا القديس.وبالتأكيد فان هذا يبعد المسرح عن الإبداع المبني على الخلق ويحول المخرج الى منفذ تقني.
كذلك رغب برشت بالمزاوجة بين النص الدرامي والخطة الاخراجية. وما أكده أيضا بان النص المسرحي في حالة نشره يجب الا يختصر على الحوارفقط ومن الممكن ان ترفق معه ( الإيماءآت والبيئة المشهدية والأزياء وتخطيط حركات كل شخصية على انفراد مرفقة بحركة الممثلين ).
أما في المسرح الراقص فان الكثير من محاولات رودلف لابان وأميل دالكروزيه وبمساهمة أدلف آبيا ايضا فانهم حاولوا تثبيت تخطيط الحركات الإيقاعية على الورق،والشئ المهم هو التجارب التي اكدت على كيفية تحقيق شعرية حركة الجسد او موسيقى الفعل ـالحركة التي عموما يمكن ملاحظتها في الرقص.
وبالتأكيد كان هذا هو الشرارة التي اضاءت طريق اكتشافات جديدة في ما يخص موسيقى وشعرية الجسد المقدس في الفضاء المسرحي، حيث ادى هذا بانتونين آرتو ان يطرح في منهجه وكتابه (مسرح القسوة ) جل الأفكار التي تخص أهمية الجسد والحركة في العرض لدرجة ان تصبح هي النص. وقد وتأثر الكثير من المخرجين في العالم بهذه الافكار ومازال ألكثير منهم استنادا إلى هذا المنهج يكتشف تطورات جديدة لها، وقد طور هذا المنهج كل من ـ غروتوفسكي ومريده باربا وبيتر بروك وجوزيف شاينا.
وقد عمل مخرجون مثل جورج بوتيف وميخائيل تشيخوف وجاك كوبو وماكس راينهارد ومن الروس كل من نيكولا أفرينوف والكسندر تايروف على إزالة الحدود بين الرقص والتمثيل أي بين حركة الراقص وحركة الممثل والمايم، ومن اجل دمج حركة الممثل والراقص وممثل البانتوميم، فانهم عمدو الى دراسة الحركة في الكوميديا ديلارته والبانتوميم وغيرها من الأساليب الأخرى.
وفي الدنمارك يمكن ان نرى التأثير واضحا في اعمال جماعة مسرح الصورة وكذلك كريستن دولهولم وبيير فلنك باسه وبيتر هولمغو ويوجين باربا وغيرهم.
ونستطيع أن نؤكد هنا بان المنهج الذي سينقذ المسرح المعاصر في العالم من مجانيته وتأثره بوسائل الإعلام وسوق البزنس ويحوله إلى إبداع ديناميكي متجدد، هو شمولية الوسائل والأنساق الفكرية والتقنيات وكذلك الاستخدام الإبداعي للتكنولوجيا في العرض المسرحي، وإزالة الحدود بين الأنواع والأصناف الأدبية ووسائل بصريات الفنون المختلفة فليس هنالك أي حدود بين الكلمة البصرية ودرامية وشعرية الحركة والمايم والرقص وموسيقى الجسد واللاممثل( أي ماتقدمه الدمى والأشياء وعلاقتها بالفضاء ) وكذلك اللاتمثيل والكتلة وسينوغرافيا الفضاء.
والجوهر المهم الآخر هو ان المسرح المعاصر لا يخضع بل ضد مبدأ السبب والنتيجة سواء في حركة الممثل أم في النص اومكونات الفضاء أنها حركة حرة تخضع لزمنها الإبداعي أي في المكان والزمان الآني (الآن وهنا ). فكل نسق ابداعي في هذا المسرح يبدأ بسبب ما لكنه سيكتشف سبب آخر يطوره الى سبب جديد أو نتيجة جديدة ليس لها علاقة بسبب البداية وليس لها علاقة بالنتائج الواقعية والمنطقية.
وكل هذا سيغني الممثل والفضاء المسرحي لأنه يشكل جزءا من منهج المعمار في الحركة والفضاء الذي يجب أن تستخدم فيه كل وسائل ما قبل التعبير لدى الممثل أي قبل أن يقدم طقسه الإبداعي أمام الجمهور.
أن المسرح الذي اكد عليه جوردن كريج ردا على الفكرة القائلة بان معمار بناء المسرح هو الذي يخلق الدراما والمسرح في آن واحد:
قال: أن المسرح ذلك الصوت الفيزيكي للانسان، انه تعبيرات الوجه وحركة جسد الإنسان أي الممثل. وهذا يعني بانه المسرح الذي يجسد المعمار في الحركة بشكل ما،أي انه فضاء الفن وليس البناء. وبمعنى آخر هو تربية الممثل على الحركة والشكل ويعتبر هذا احد مكونات المسرح و العرض المهمة.
وفي القرن التاسع عشر عندما بدأ السؤال الجوهري الذي يؤكد على أهمية الإخراج في العرض المسرحي، برزت الكثير من الأحلام اليائسة التي طالبت برغبة تثبيت خطة ورؤيا وطرق اخراج النص المسرحي على الورق( السكربت)،ويذكر باربا بان بعض المؤلفين ومنهم تيشخوف أبدوا رغبتهم في رؤية نصوصهم المسرحية التي اخرجها ستانسلافسكي كجزء غير منفصل عن كتب الاخراج المسرحي التي ألفها، باعتبارها نصوص مسرحية تنبئ بالتخطيط للرؤيا الاخراجية للعرض.
وهذا يعني بأن مستقبل النص منذ كتابته من قبل المؤلف، لا ينفصل عن العرض المسرحي،بل هو بذرة اخراجية وليست ادبية فقط، وستتطور في الرؤيا الاخراجية من قبل المخرج.وهذا يتطلب من المؤلف ألا يفكر بأسلوب أدبي في كتابة نصه وإنما عليه أن يتدرب ويتعلم كيفية كتابة النص على خشبة المسرح بحيث يستوعب حجم ومتطلبات زمن العرض الميتافيزيقي، وليس الأسلوب الأدبي
وقد رغب جوردن كريج في إخراجه لعرض ( ولع القديس ماتيا ) لباخ في أن تكون خطته الاخراجية كالنوتة الموسيقية ترفق مع النص ويعاد اخراجه بذات الصيغة كل عام بمناسبة الاحتفال بهذا القديس.وبالتأكيد فان هذا يبعد المسرح عن الإبداع المبني على الخلق ويحول المخرج الى منفذ تقني.
كذلك رغب برشت بالمزاوجة بين النص الدرامي والخطة الاخراجية. وما أكده أيضا بان النص المسرحي في حالة نشره يجب الا يختصر على الحوارفقط ومن الممكن ان ترفق معه ( الإيماءآت والبيئة المشهدية والأزياء وتخطيط حركات كل شخصية على انفراد مرفقة بحركة الممثلين ).
أما في المسرح الراقص فان الكثير من محاولات رودلف لابان وأميل دالكروزيه وبمساهمة أدلف آبيا ايضا فانهم حاولوا تثبيت تخطيط الحركات الإيقاعية على الورق،والشئ المهم هو التجارب التي اكدت على كيفية تحقيق شعرية حركة الجسد او موسيقى الفعل ـالحركة التي عموما يمكن ملاحظتها في الرقص.
وبالتأكيد كان هذا هو الشرارة التي اضاءت طريق اكتشافات جديدة في ما يخص موسيقى وشعرية الجسد المقدس في الفضاء المسرحي، حيث ادى هذا بانتونين آرتو ان يطرح في منهجه وكتابه (مسرح القسوة ) جل الأفكار التي تخص أهمية الجسد والحركة في العرض لدرجة ان تصبح هي النص. وقد وتأثر الكثير من المخرجين في العالم بهذه الافكار ومازال ألكثير منهم استنادا إلى هذا المنهج يكتشف تطورات جديدة لها، وقد طور هذا المنهج كل من ـ غروتوفسكي ومريده باربا وبيتر بروك وجوزيف شاينا.
وقد عمل مخرجون مثل جورج بوتيف وميخائيل تشيخوف وجاك كوبو وماكس راينهارد ومن الروس كل من نيكولا أفرينوف والكسندر تايروف على إزالة الحدود بين الرقص والتمثيل أي بين حركة الراقص وحركة الممثل والمايم، ومن اجل دمج حركة الممثل والراقص وممثل البانتوميم، فانهم عمدو الى دراسة الحركة في الكوميديا ديلارته والبانتوميم وغيرها من الأساليب الأخرى.
وفي الدنمارك يمكن ان نرى التأثير واضحا في اعمال جماعة مسرح الصورة وكذلك كريستن دولهولم وبيير فلنك باسه وبيتر هولمغو ويوجين باربا وغيرهم.
ونستطيع أن نؤكد هنا بان المنهج الذي سينقذ المسرح المعاصر في العالم من مجانيته وتأثره بوسائل الإعلام وسوق البزنس ويحوله إلى إبداع ديناميكي متجدد، هو شمولية الوسائل والأنساق الفكرية والتقنيات وكذلك الاستخدام الإبداعي للتكنولوجيا في العرض المسرحي، وإزالة الحدود بين الأنواع والأصناف الأدبية ووسائل بصريات الفنون المختلفة فليس هنالك أي حدود بين الكلمة البصرية ودرامية وشعرية الحركة والمايم والرقص وموسيقى الجسد واللاممثل( أي ماتقدمه الدمى والأشياء وعلاقتها بالفضاء ) وكذلك اللاتمثيل والكتلة وسينوغرافيا الفضاء.
والجوهر المهم الآخر هو ان المسرح المعاصر لا يخضع بل ضد مبدأ السبب والنتيجة سواء في حركة الممثل أم في النص اومكونات الفضاء أنها حركة حرة تخضع لزمنها الإبداعي أي في المكان والزمان الآني (الآن وهنا ). فكل نسق ابداعي في هذا المسرح يبدأ بسبب ما لكنه سيكتشف سبب آخر يطوره الى سبب جديد أو نتيجة جديدة ليس لها علاقة بسبب البداية وليس لها علاقة بالنتائج الواقعية والمنطقية.
وكل هذا سيغني الممثل والفضاء المسرحي لأنه يشكل جزءا من منهج المعمار في الحركة والفضاء الذي يجب أن تستخدم فيه كل وسائل ما قبل التعبير لدى الممثل أي قبل أن يقدم طقسه الإبداعي أمام الجمهور.
التعليقات