[أوراقٌ عُثِرَ عليها مع كتابِ المجنونة]

إلى: المجنونةِ التي يتمزّقُ الموجُ فيها.

قطارٌ يسلّمُكِ إلى قطارٍ آخرَ..
مختومةً بختمِ السلامةِ..
يدٌ تسلّمُكِ إلى يدٍ أخرى..
كأنكِ لؤلؤةٌ نادرةٌ..
والزمانُ مسافةُ استلامٍ وتسليمٍ..
ليلُ أبوظبي والناطحاتُ المُعْرَوْرِقةُ برطوبةِ البحرِ والوجوهُ المختلفةُ واللغاتُ التي تفوقُ لغاتكِ والكؤوسُ تتزلّفُ وهمهماتٌ:
مرحباً
سيدتي
مرحباً
مرحباً
سيدتي:
زينتُكِ في (المجلةِ) زينةٌ ينتظرُ العالمُ أنْ تكتشفي مصلاً للداءِ الأزليّ خوضي في التجربةِ خوضي في رجرجةِ الماءِ رجرجي الساكنَ في لبنِ الصحراءِ علّمي الناطحاتِ أن تكونَ جِلداً للصحراءِ قطّعي وَترَ الربابةِ وكسّري عَمَدَ الخيمةِ أوقفي رحيلَ البدوِ في فناجيننا المذهّبةِ حضّري القهوةَ في الماكنةِ لا الدلّةِ اسكبي السكّرَ في قهوتِنا وامسحي تاريخَ المرِّ اقرصي العصبَ الميتَ فينا حطّمي مطابخَنا وكوني لأبو ظبي حنجرةً ويداً كوني لنا كتاباً جديداً نفتحُ بآياتِهِ البلدانَ ارجعينا إلى الصرخةِ الأولى اللبنِ الأولِ تفتيحةِ العينِ الأولى البسمةِ الأولى الخطوةِ الأولى احرقي الكتبَ المقدسةَ فينا حرّرينا منا حرّرينا من وضوءِ الأسلافِ ادلقي نبيذَكِ في كأسِ ما قبلَ بزوغِ الفجرِ اهدمي المحاريبَ المزركشةَ بتكرارِ الانحناءِ هشّمي تماثيلَ الكلامِ المبينِ ارهقينا صَعوداً إلى أولِ الجنونِ الفاضحِ بلادةَ العقلِ اخفقي في الروحِ كما يخفقُ اللهُ بثورتهِ في آخرِ الزمانِ ابكي معنا ابكي علمينا نبكي نزرعُ ببكائنا شجرةً نوقدُ قنديلاً نتطهّرُ نعشقُ ونموتُ في عشقِنا علمينا.
هذهِ الأنشودةُ تمشي أمامَ خطواتِكِ خلفَ ردفيكِ تندسُّ بغتةً في حقيبتكِ تجامعُ في الظلامِ عطرَكِ الفرنسيّ ومناديلَكِ وأقلامَك وأشياءَ الضرورةِ إيقاعُ حذائِكِ قصيدةٌ تولدُ للتوِّ لفتاتُكِ وترُ الغوايةِ والعطرُ يدوّنُ تاريخَ الوجوهِ المقتولةِ في وجهِكِ الملكةُ تشقُّ طريقَها رؤوسٌ محنيةٌ يمينكِ رؤوسٌ محنيةٌ شمالكِ قدّامُكِ يدٌ ترحّبُ تفتحُ الطريقَ ادخلي بنعلكِ لا تبسملي لا توسوسي الشياطينُ يتسلقونَ أكتافَ الانتظارِ غنّي ارقصي انشدي تجنّني اسكري مع الرؤوسِ السكرى افضحي ربطةَ العنقِ والجِلْسةَ الأنيقةَ الجلبابَ الأبيضَ العقالَ وما تحتهُ الجسدَ وما فيهِ الثيابَ وما تخفيهِ الكلامَ وما يطمرهُ العبي مع العقلِ الباطنِ لعبةَ العومِ في النهرِ اسرقي ثيابَ العقلِ واهربي بضحكتِكِ وأسنانِكِ البيضاءَ وقوامِكِ الذي يشبهُ معجزةَ اللهِ اهربي.
القاعةُ يقفُ الطيرُ على رأسِها:
أيها السادة
أنتمْ جبناءُ
[الله اللللللللللله جميل/ أعيدي سيدتي أعيدي]
أقول: أنتمْ جبناءُ
سجناءُ
مَن منكمْ يتبرأُ من تاريخِ اليدِ مَنْ؟!
اليدُ الشاهدُ الشاهدةُ المحتالةُ البريئةُ المقترفةُ الطهورُ..
تمشي معكم وتتلفتُ إلى يدٍ لا تمطرُ..
دائماً تنتظرونَ يداً:
يداً تعطيكم..
يداً تربيكم..
يداً تعلمكم..
يداً تعشقُ أيديكم..
يداً تقتلكم..
لكنكم تنسونَ دائماً يداً نائمةً بينَ أيديكم..
يداً تشطبُ وتمحو وتقتلُ الأيادي الممدودةَ تنسونَ!
ارفعوا أياديكم في وجهِ العقلِ وأكاذيبهِ..
مزّقوا دفاترَ اليقينِ أحرقوا آخرَ مئذنةٍ لنهاركم مزّقوا..
هل تقدرونَ على هذا؟ لا
هل تقدمونَ على هذا؟ لا
أنتم جبناءُ إذنْ
أنتم جبناءُ
جبناءُ
قرأتِ تمزّقتِ في كلماتِكِ تعبتِ وسهرتِ رجعتِ إلى غرفتِكِ وحيدةً كنتِ سهرتِ مع موسيقاكِ قلتِ إنكِ قرأتِ قصيدةً: ( تأثرتُ عميقاً) وكتبتِ رسالةً إلى صديقكِ المجنونِ: (القطارُ هناكَ الآنَ) أترككَ القطارُ يناديني ومضيتِ قطاراتٌ تجأرُ في رأسكِ لا تتوقفينَ لا تتوقفُ تتشاجرُ نوافذُ كمبيوتركِ ونوافذُ الغرفةِ تغلقينَ جميعَ النوافذِ تصرخينَ: الهواءَ الهواءَ الهوااااااااااااء تنامينَ بجميعِ ثيابكِ تنامُ معكِ دميةُ باربي وبناتُها وحكايةُ أليس في بلادِ العجائبِ ترتبينَ غرفةَ هذهِ وتختارينَ ملابسَ تلك تنامينَ لاعبةً تلعبينَ بشرائطِكِ البيضاءَ وفستانِك الأبيضِ تتقافزُ أقدامُكِ وسطَ الأزهارِ البيضاء يخطفُكِ الماردُ فوق حصانٍ أبيضَ يُرضعُكِ لبنَ الجنونِ الأولِ ويطلقُكِ نشيداً عابثاً بوصايا الأبِ والربِّ.
أبوظبي مئذنةٌ وأنتِ قارورةٌ معتّقةٌ تتبادلانِ نخباً بنخبٍ كلاكما يشتهي أن يغتصبَ الأخرى يفضحَ الأخرى يطعنَ الأخرى الزمانُ لا يستقيمُ بكما معاً والمكانُ.
القطارُ هناكَ الآنَ
القطارُ الذي ينتظرُكِ اتركيهِ علّمني الماردُ
كوني مجنونةً يصير الزمانُ عبدَكِ علّمني
لا تكوني وديعةَ القطاراتِ
اهربي من اليدِ التي تنتظرُ إلى اليدِ التي لم تنتظرْ بعدُ
هكذا علّمني
تسللتُ من غرفتي أخذتُ معي قيثارتي خرجتُ إلى الليلِ ركبتُهُ رقصتُ على صدرهِ عربدتُ بخمرتهِ كسرتُ كأسَهُ شاكستُ أضواءَ السياراتِ تمددتُ على الإسفلتِ شاهدتُني كيفَ يدوسُني الموتُ وتخنقُني الحياةُ وأهربُ أرمي ثيابي على ساحلِ البحرِ أسحبُ معي أقدامي وشَعري المتطايرَ أنادي عليَّ في الموجةِ المتلألئةِ تنادي عليَّ: تعالي يا أختي تحضنُني كما أخطبوط تحضنُني ندخلُ في ملكوتِ البحرِ نغني.
على رملِ الساحلِ
تركتُ لكم ثيابي
قيثارتي
مخطوطتي المحظورةَ
كتبتُ لكم فيها:
[الحكمةُ تجدّفُ في كلِّ حكمةٍ]
ومشيتُ فيما ظهري العاري
كانَ يتكلمُ
مع
خلائقَ
شتى