عبد الله كرمون من باريس: لقد تسلل الفنان الفوتوغرافي جان فرونسوا جونفيل (1943_2002)، المعروف خاصة في عالم الإشهار، إلى أرض الأنثى؛ منجزا تقويما لطيفا للزمن الذي يُنفث في أركان الداخل الظليلة، من خلال صوره التي ما تزال تعرض حاليا في غاليري دينا فيرني في باريس، تكريما من هذه الأخيرة للفنان، وذلك بإيعاز من صديقه والمشرف على نتاجه السيد ديديه بوبار ومدير الغاليريه أولييفييه لوركان؛ وهما اللذان اختارا بحرص حوالى العشرين صورة المعروضة.أرضية المطبخ، مثلا، وما تعنيه من عز حميمية المرأة؛ المكان الذي حبسها فيه ثقل التاريخ وتعقيدات رهاناته . هذا الفضاء هو فضاؤها، عن قناعة أحيانا أو عن حس جمالي أو فني بِقِيَم المائدة والجسور التي تربطها بعالم قيم أخرى. فيه الأواني وفيه المواد. فيه العناصر وفيه فسحة خلق وإمكانية إعادة خلق. مكان الطبخ إذن ليس مكانا عاديا. إنه مكان إنجاز عمليات تحويل. الطبخ ليس أمرا بسيطا. إنه، على خلاف كل التوقعات، عملية قوية وقادرة على التغيير أو التزييف أو على منح القوى، إن لم تكن تحريضا على الهشاشة والضعف والموت المفاجئ.
نراها عارية من خلف، ونحن نحدق في عراء ظهرها وتُمكّنُنَا من بياضه، نبصر ثلم الوركين، ملتحما بالفخذ، نشهد سكون بط الساق، ونرى في ذهول لا تسمح به وضعية المشي ما تحت قدميها، فيه أثر مشي طويل إلى مناطق يمكن أن نتخيل غرابتها. ثم هناك فص ما تحت فقرات الظهر وتعامدها الهندسي المنظم مع مناطق التقاء الكتفين!
في قدام، نرى ذلك المنديل الذي قد يحفظ الصدر والبطن والخاصرة والحجر والنقطة الفاصلة بين موت شاهق وحياة باطنية، من سقوط نقطة زيت أو خل عليها أو، لو غالينا قليلا، هو من خوف نقر ديك بشار ودجاجاته الخمس حوله. أولم تقل أسطورة هندية أن فرج المرأة كان في الأصل تحت ركبتها، فخاف من تربص نقر ديك به ففر إلى ما بين الفخذين حيث استقر حتى اليوم!
غير أن الأواني المحيطة بها تافهة أمام آنية الله تلك!
أراد وصف الفضاء الحميمي بعدسته. تعقب حواس المرأة الأخطبوطية عندما تخلو إلى نفسها. خاصة لما تتحرك، في كل مرافق البيت، عارية أو نصف عارية؛ متحررة من ثقل التقاليد؛ في غياب أي رقيب. عندما تغتسل أو عندما تنظف أسنانها، تلك العملية التي تحظى لوحدها، عادة، بجانب مهم من التخفي والستر. أو عندما تقضي حاجتها وتضع ردفيها العجيبين على كرسي المرحاض، وتنظر علّ إمكانيات غواية تظهر على الحائط المقابل. وتفضحها حلمة النهد الفار من سلطة الثقافي كي يحيا طبيعته الحيوانية المذهلة وهو ينظر إلينا شزرا، مثل وحش لطيف!
الأوضاع الطبيعية لامرأة هي ما شغل إذن جونفيل في صوره الجميلة تلك. مع نساء جميلات، اقتنعن بالكاد بالانخراط معه في مشروعه الشعري الفتان.
ظل جونفيل مع ذلك في الحد الفاصل بين الايروسية و البورنوغرافية. أغلب نسائه لا نرى وجوههن، بل نبصرهن دوما من الخلف، أو لأنهن هن اللائي يتجنبن مواجهة العدسة الفنية. غير أن حركاتهن اليومية نراها منفلتة من الحمام أو غرف النوم؛ متزرات بقماش هو سليل ورق التوت.
يبدو من أعمال الفنان أنه عاشق نساء ممتاز. فهو يخالطهن باطراد، ثم يلتقط من خلال فسحة فيء حوالى أجسادهن دهشة جمال أو نور أو بعض سر تكمن فيه الأسباب العميقة لجنون مجانين.
تلك اللقطات التي تبدي لحظات تنشغل فيها الأنثى بحزمِ وعاءي نهديها، كي يأخذا هيئة تليق ببهائهما. فننظر على الصور أصابعها التي تبحث خلف ظهرها عن قيد؛ هو في الحقيقة إطلاق سراح. أو هو ترك انتهاز فرصة لتسلط أفعى ذات رأسين.
عادة ما تغلق النساء سدادة رافعة النهد من قدام قبل أن يمررنها بحركة دائرية إلى الخلف. أما صور جونفيل فتريد إظهار ذلك التحسس البدائي الذي تأتيه أصابع لا ترى، فتشرق لذة خاصة قبل ربط الدابة التي تنتفض من أمام.
للمرأة مع المرآة تاريخ طويل. تؤكد الأساطير أن أصل المرآة متأت من بول الشيطان. فهو الذي بال قدام حواء لتنظر في صفحة بوله كي تبصر صورتها ومن تم وسوس لها بأن آدم قد اتخذ امرأة أخرى دونها وهي تلك التي رأت بأم عينها في بوله، أي انعكاس صورتها.
في أسطورة أخرى، دون أن تكون لها علاقة كبيرة مع ما نحن بصدده، غير أن لها علاقة بالمرأة والشيطان. ذلك أنهما قد تعاركا ووصل بهما الأمر إلى قطع الواحد منهما رأس الآخر، ثم هب جبريل دون استشارة الله، الذي وبخه بعد ذلك، للحيلولة دون استفحال أمرهما، وَجِلا مما رأى، سارع وأخذ رأس الشيطان المفصولة عن جسده ووضعها عن خطأ فوق جسد المرأة ورأس المرأة فوق جسد الشيطان.
ومن هنا حدث هذا التماهي، حسب الأسطورة دائما، بين المرأة والشيطان!
أما المرآة فهي عنصر آخر للتماهي!
في صورة جونفيل ننظر إلى المرآة قبل أن ننظر إلى ظهر وعجيزة المرأة التي تعكسها، في المرآة وبين فخذي المرأة سواد مبهم!
صور جونفيل مفعمة بعشق الجمال والحب، قبل أن تكون نقلا عاديا لوضعيات أجساد عارية.
وكتب صديقه الكاتب فريديريك بيغبيدر، كدعوة أخرى إلى فردوس جونفيل، ما يلي: quot;لقد جعل منا جونفيل متلصصين عاشقين. ما يؤكد كم هو مؤلم أن يكون المرء محبا للنساء: في كل مكان، في كل بيت، في أي حمام، يختبئ الفردوس. ينزع الفردوس برقّة قميصه القصير وينظف أسنانه، وجدعه عار، وعجيزته مدورة من خلف. ينعم جونفيل الآن في الفردوس غير أن الأمرين لا يختلفان لديه: فقد سبق له أن عاش فيه...quot;
[email protected]
نراها عارية من خلف، ونحن نحدق في عراء ظهرها وتُمكّنُنَا من بياضه، نبصر ثلم الوركين، ملتحما بالفخذ، نشهد سكون بط الساق، ونرى في ذهول لا تسمح به وضعية المشي ما تحت قدميها، فيه أثر مشي طويل إلى مناطق يمكن أن نتخيل غرابتها. ثم هناك فص ما تحت فقرات الظهر وتعامدها الهندسي المنظم مع مناطق التقاء الكتفين!
في قدام، نرى ذلك المنديل الذي قد يحفظ الصدر والبطن والخاصرة والحجر والنقطة الفاصلة بين موت شاهق وحياة باطنية، من سقوط نقطة زيت أو خل عليها أو، لو غالينا قليلا، هو من خوف نقر ديك بشار ودجاجاته الخمس حوله. أولم تقل أسطورة هندية أن فرج المرأة كان في الأصل تحت ركبتها، فخاف من تربص نقر ديك به ففر إلى ما بين الفخذين حيث استقر حتى اليوم!
غير أن الأواني المحيطة بها تافهة أمام آنية الله تلك!
أراد وصف الفضاء الحميمي بعدسته. تعقب حواس المرأة الأخطبوطية عندما تخلو إلى نفسها. خاصة لما تتحرك، في كل مرافق البيت، عارية أو نصف عارية؛ متحررة من ثقل التقاليد؛ في غياب أي رقيب. عندما تغتسل أو عندما تنظف أسنانها، تلك العملية التي تحظى لوحدها، عادة، بجانب مهم من التخفي والستر. أو عندما تقضي حاجتها وتضع ردفيها العجيبين على كرسي المرحاض، وتنظر علّ إمكانيات غواية تظهر على الحائط المقابل. وتفضحها حلمة النهد الفار من سلطة الثقافي كي يحيا طبيعته الحيوانية المذهلة وهو ينظر إلينا شزرا، مثل وحش لطيف!
الأوضاع الطبيعية لامرأة هي ما شغل إذن جونفيل في صوره الجميلة تلك. مع نساء جميلات، اقتنعن بالكاد بالانخراط معه في مشروعه الشعري الفتان.
ظل جونفيل مع ذلك في الحد الفاصل بين الايروسية و البورنوغرافية. أغلب نسائه لا نرى وجوههن، بل نبصرهن دوما من الخلف، أو لأنهن هن اللائي يتجنبن مواجهة العدسة الفنية. غير أن حركاتهن اليومية نراها منفلتة من الحمام أو غرف النوم؛ متزرات بقماش هو سليل ورق التوت.
يبدو من أعمال الفنان أنه عاشق نساء ممتاز. فهو يخالطهن باطراد، ثم يلتقط من خلال فسحة فيء حوالى أجسادهن دهشة جمال أو نور أو بعض سر تكمن فيه الأسباب العميقة لجنون مجانين.
تلك اللقطات التي تبدي لحظات تنشغل فيها الأنثى بحزمِ وعاءي نهديها، كي يأخذا هيئة تليق ببهائهما. فننظر على الصور أصابعها التي تبحث خلف ظهرها عن قيد؛ هو في الحقيقة إطلاق سراح. أو هو ترك انتهاز فرصة لتسلط أفعى ذات رأسين.
عادة ما تغلق النساء سدادة رافعة النهد من قدام قبل أن يمررنها بحركة دائرية إلى الخلف. أما صور جونفيل فتريد إظهار ذلك التحسس البدائي الذي تأتيه أصابع لا ترى، فتشرق لذة خاصة قبل ربط الدابة التي تنتفض من أمام.
للمرأة مع المرآة تاريخ طويل. تؤكد الأساطير أن أصل المرآة متأت من بول الشيطان. فهو الذي بال قدام حواء لتنظر في صفحة بوله كي تبصر صورتها ومن تم وسوس لها بأن آدم قد اتخذ امرأة أخرى دونها وهي تلك التي رأت بأم عينها في بوله، أي انعكاس صورتها.
في أسطورة أخرى، دون أن تكون لها علاقة كبيرة مع ما نحن بصدده، غير أن لها علاقة بالمرأة والشيطان. ذلك أنهما قد تعاركا ووصل بهما الأمر إلى قطع الواحد منهما رأس الآخر، ثم هب جبريل دون استشارة الله، الذي وبخه بعد ذلك، للحيلولة دون استفحال أمرهما، وَجِلا مما رأى، سارع وأخذ رأس الشيطان المفصولة عن جسده ووضعها عن خطأ فوق جسد المرأة ورأس المرأة فوق جسد الشيطان.
ومن هنا حدث هذا التماهي، حسب الأسطورة دائما، بين المرأة والشيطان!
أما المرآة فهي عنصر آخر للتماهي!
في صورة جونفيل ننظر إلى المرآة قبل أن ننظر إلى ظهر وعجيزة المرأة التي تعكسها، في المرآة وبين فخذي المرأة سواد مبهم!
صور جونفيل مفعمة بعشق الجمال والحب، قبل أن تكون نقلا عاديا لوضعيات أجساد عارية.
وكتب صديقه الكاتب فريديريك بيغبيدر، كدعوة أخرى إلى فردوس جونفيل، ما يلي: quot;لقد جعل منا جونفيل متلصصين عاشقين. ما يؤكد كم هو مؤلم أن يكون المرء محبا للنساء: في كل مكان، في كل بيت، في أي حمام، يختبئ الفردوس. ينزع الفردوس برقّة قميصه القصير وينظف أسنانه، وجدعه عار، وعجيزته مدورة من خلف. ينعم جونفيل الآن في الفردوس غير أن الأمرين لا يختلفان لديه: فقد سبق له أن عاش فيه...quot;
[email protected]
التعليقات