اعداد لؤي محمد من لندن: في إنتاج أندرو هيلتون الجديد لمسرحية العم فانيا للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف نجد الفكرة الجوهرية التي شكلت أساس رؤيته هي الغضب، فهنا نجد كل الشخصيات تعيش هذه الحالة بأشكال مختلفة، فهناك فانيا المزمجر دائما وسيربيراكوف الميال للشجار وسونيا الحادة والمتقلبة المزاج ويلينا العابسة دائما. بالمقابل أقصيت تلك العناصر الديكورية التي تعطي طابعا للفتور عنذا الإنتاج مثل السماور الذي تدور الحوارات عادةً، بالمقابل تتلبس شخصيات العائلة وضيوفها في هذه المسرحية حالة شديدة من الانفعال داخل قصر عتيق ومتآكل.
لذلك لن يكون غريبا أن يرفع العم فانيا( سايمون أرمسترونغ) المسدس على الحاضرين بل الأكثر غرابة هو أنه لم يقم بذلك في وقت أبكر.
يمكن القول إن هذه هي المسرحية الأكثر تصادما بين الشخصيات في أعمال تشيخوف. كذلك تم تمديد خشبة المسرح لتحتل ثلاثة صفوف أمامية أخرى لخلق جو قصر ينتمي إلى القرن الثامن عشر، وهذا ما جعل الجمهور والممثلين قريبين بعضهم من بعض إلى حد استثنائي. فبدلا من الجلوس في الخلفية وتأمل أوضاعهم أصبح الأبطال في مناجاتهم الداخلية أقرب إلى الجمهور فهم يقفون عند حافة الخشبة وتتماس أعينهم بأعين جمهورهم القريب منهم. وفي الخلفية لن نشاهد كما هو الحال في الديكور الذي اقترحه تشيخوف أشجار الزان الفضي بل سماء تصبح ملامحها أكثر فأكثر تجهما.
وحسب رأي الكاتبة سوزانا كْلاب الذي جاء في مقالتها المنشورة بصحيفة الغارديان اللندنية أمس فإن إنتاج quot;العم فانياquot; الجديد هذا ذو أهمية كبيرة لا لما يتضمنه من معالجة جديدة للمسرحية وإنما للمكان الذي عرضت عليه. فمدينة بريستول الواقعة في جنوب غرب إنجلترا ذات تقاليد مسرحية قوية وسبق ان قدم هيلتون أعمال شكسبير في مصنع للتبغ هناك وكان ذلك وراء ذهابه إلى المسرح في بريستول، مع تحول مسرحه quot;أولد فيكquot; إلى محور أساسي وحيوي في ضخ الحياة الثقافية للمدينة بأعمال مسرحية بارزة.