عبدالله السمطي من الرياض: قدم الدكتور عبدالله الغذامي استقالته من اللجنة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد للكتاب، والتي سحبت من الدكتور حفناوي بعلي في دورتها الرابعة (فرع الآداب) بعد أن تبين أن الكاتب أخل بحقوق الملكية الفكرية في كتابه المقدم للجائزة quot;مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارنquot;. وتأتي استقالة د. الغذامي من اللجنة الاستشارية على إثر تلك الإشكاليات، بعد أن حرص على الحياد أثناء تداول مسألة سحب الجائزة، والتي منحتها اللجنة التحكيمية سابقاً للدكتور بعلي. وفيما يلي نص رسالة الدكتور الغذامي لأمين عام الجائزة:
الصديق العزيز الأستاذ راشد العريمي
الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
من قبل خمسة عشر قرناً، قالها الحارث بن عباد:
لم أكن من جناتها علم الله
وإني بحرها اليوم صال
وكنت أنا قد قرأت البيت قبل نصف قرن وأحسست برهبة اللحظة ورعب المعنى، ولم أكن أعرف أن له معي موعداً يحدد به علاقتي مع جائزة الشيخ زايد، وأنا مثل الحارث لم أكن من جناتها ولكن نارها لا تفك عني، ولذا فإن ما جرى لا يتيح لي فرصة إلا أن أتخذ موقفاً يعطي اللحظة حقها، اللحظة التي يتحقق فيها معنى هذا البيت الصارخ في دلالته وفي تحفيزه على القرار الضروري.
لذا فإنني أقدم لكم استقالتي من عضوية الهيئة الاستشارية للجائزة، وكم أنا مقدر للهيئة العليا تفانيها في رعاية الجائزة وتلبيتها كل مقترح جاء من الأمانة ومن المستشارين، لقد كنت أشهد عملاً جماعياً ناجحاً وتفاعلياً، وسأظل أختزن أجمل ما يكون من الذكريات عن العمل وعن أيام كلها صفاء ونجاح. ولك أنت مني كل تقدير ومودة، وأختم بالتركيز على الثناء على قراركم الشجاع والشفاف في سحب الجائزة، كما إنني ممتن ومرتاح الضمير حيث تقبلتم طلبي في أن تتم المداولات بعيداً عني وعن مشاركتي، لقد كنت أتوخى للجائزة ولنفسي تمام الموضوعية والحيادية، وهذا ما يشعرنا كلنا بالثقة والرضا.
أخوكم/ عبدالله محمد الغذامي

رأينا في استقالة الغذامي والقرار الجسور

قرار جسور وشجاع اتخذه الناقد الدكتور عبدالله الغذامي ، حيث بادر بتقديم استقالته من عضوية الهيئة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد الدولية للكتاب، هذا القرار يحسب للغذامي الناقد والمفكر الذي آثر أن يعيد لصورته الثقافية نصاعتها وحضورها، وآثر أن يقدم نموذجا لمسؤولية المثقف وأمانته وضميره المنهجي .
جاءت استقالة الغذامي على إثر إعلان الأمانة العامة للجائزة سحب جائزتها عن الدورة الرابعة فرع الآداب 2010 ( يوم الثلاثاء 27 أكتوبر 2010) من الدكتور حفناوي بعلي الذي كان قد جرى إعلان فوزه وتكريمه في شهر مارس 2010 بعد أن قام كاتب هذه السطور بالكشف عن أن كتابه يحتوي على عدد كبير من الصفحات والفقرات المسروقة من كتب نقدية عربية ومترجمة أبرزها كتاب :quot; النقد الثقافي: قراءة في الأنساق الثقافية العربيةquot; لعبدالله الغذامي، وكتاب:quot; دليل الناقد الأدبيquot; للدكتور ميجان الرويلي، والدكتور سعد البازعي ، وكتاب:quot; الثقافة العربية وعصر المعلوماتquot; للدكتور نبيل علي، وكتاب:quot; دفاعا عن إدوارد سعيدquot; للناقد الأردني فخري صالح وغيرها من الكتب.
لقد وجه الغذامي بهذه الاستقالة جملة من الدلالات الحيوية التي تتساوق وأهمية الحدث، تتمثل في: أن الغذامي أراد أن ينأى عن quot; القيل والقالquot; بشأن منح الجائزة لكتاب يجري في المضمار نفسه الذي يكتب فيه الغذامي كتاباته في السنوات الأخيرة، وهو مضمار:quot; النقد الثقافيquot; حيث من المؤكد أن الأسئلة التي تطرح في هذا السياق تتعلق بسؤال: لماذا النقد الثقافي؟ هل يعد هذا نوعا من الترويج لمشروع الغذامي النقدي؟ لأنه هو عضو باللجنة الاستشارية للجائزة؟ وما البال بالنظريات والمفاهيم النقدية الأخرى؟
كما أن هذه الاستقالة تؤسس لرؤية جديدة كرسها الغذامي هنا، بأن المخطىء يبادر إلى الاستقالة؟ وعلى الرغم من أن الدكتور الغذامي بعيد ndash; من الوجهة الموضوعية ndash; عما حدث إلا أنه بهذا القرار أوقف احتمالات كثيرة، تشير إلى أن الغذامي كان موجودا باسمه فقط في اللجنة الاستشارية، وأن من وهبوا الجائزة للدكتور حفناوي بعلي لم يقوموا باستشارته، وقد يقول قائل أن الجائزة منحت بالتزكية، وبرضا بعض النقاد والاستشاريين في الجائزة مما يفقدها مصداقيتها ونزاهتها.
الغذامي نأى بنفسه ndash; عبر هذه الاستقالة- عن كل الأقاويل الممكنة والمحتملة، وقدم لأعضاء اللجنة الآخرين ومنهم:
الدكتور صلاح فضل(مصر) الدكتور رضوان السيد (لبنان) الدكتور عبدالرحيم كافود (قطر) الدكتور عبدالسلام المسدي (تونس) بالإضافة إلى الكاتب الإمارتي محمد المر.
قدم نموذجا عمليا على ضمير المثقف، وإحساسه، وسعيه للحفاظ على تاريخه الأدبي والعلمي، وتأصيله للضمير الثقافي العربي الشجاع.
سوف يعود الغذامي إلى كتاباته، وسوف يوسع من آفاق مشروعه النقدي الثقافي، ويعيد التأمل في الأنساق الثقافية العربية، بعيدا عن ضجيج الجوائز، وصخبها، وبعيدا عن منطقة الاحتمالات والتآويل ليضيف جديده القادم إلى المكتبة النقدية العربية التي تسعد دائما بكتاباته، وتنشغل بما يطرحه من أسئلة، وتصورات، وآراء حصيفة.