عبد الجبار العتابي من بغداد: نعى اتحاد الادباء والكتاب في العراق الدكتور محمد حسين الاعرجي، الشخصية الوطنية والثقافية والأكاديمية المرموقة، الذي وافاه الاجل يوم الاثنين الماضي بعد صراع طويل مع المرض الخبيث الذي لم يستطع ان يشفى منه على الرغم من العديد من العمليات الجراحية التي اجراها خلال السنتين الاخيرتين في داخل العراق وخارجه، وعبر الادباء العراقيون عن احزانهم لرحيل هذا الاديب المميز بعطائه ودماثة خلقه وعدوا رحيله المبكر خسارة كبيرة للثقافة العراقية، مشيرين الى انه تميز خلال مسيرته الادبية بالسير على نهج أستاذه الدكتور الطاهر فبرع في النقد الأدبي والبحث الأكاديمي، كما كان تميزه بصداقته الوثيقة بشاعر العرب الأكبر الراحل محمد مهدي الجواهري، وانه كان من أوثق رواة شعره، اذ لايمكن لأحد يريد ان يبحث في حياة الجواهري دون المرور على الاعرجي ليكشف له عن كثير من الاحوال الخاصة بالجواهري الشاعر والانسان، لاسيما في كتابه (الجواهري: دراسة و وثائق) الذي صدر عن دار المدى عام 2002.
خلف الدكتور محمد حسين الاعرجي مؤلفات عدة في الأدب والنقد والمسرح طبعت في بغداد ودمشق والقاهرة.
ولد الراحل محمد حسين الاعرجي في مدينة النجف في عام 1949، وحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الآداب/ جامعة بغداد في العام 1977 عن أطروحته الموسومة (الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي) التي أعدها بأشراف أستاذه الراحل الدكتور علي جواد الطاهر، وعمل أستاذا في كلية الآداب/ جامعة بغداد واضطرته ظروف النظام السابق الى مغادرة الوطن متنقلا بين براغ والجزائر ودمشق، ولكن الغربة التي يطق معها صبرا فعاد الى بغداد ليواصل عمله في كلية الآداب، وتولى الراحل رئاسة تحرير مجلة (المورد) التي تصدرها وزارة الثقافة
، وينقل عن الاعرجي قوله( انا وريث الدكتور عناد غزوان،فلقد عينت في كلية الاداب بدرجة عناد غزوان وشغلت منصب رئيس تحرير مجلة المورد الذي كان يشغله قبل وفاته)
يقول الكاتب والاديب محمد علي الخفاجي عنه: الاعرجي شاعر واديب وناقد واستاذ جامعي تسنم موقع رئاسة تحرير مجلة (المورد) قبل ان اتسنمها انا، حيث ورثته في غيابه بعد المرض الذي تنشبه، مرض السرطان، كان ذلك علم 2009، واحفظ عنه انه كان استاذا جادا وشاعرا يحاول ان يجد طريقه بين الشعراء الكبار وهو ناقد ايضا وصديق عزيز.. ربما نحن لا نجد الكثيرين منه في واقعنا دائما، رحم الله صديقي العزيز الدكتور محمد حسين الاعرجي.
فيما قال القاص حنون مجيد:عرفت الدكتور الاعرجي منذ عقود ولقد كان رجلا باحثا في مجال الشعر وناقدا متميزا وله اضافت كثيرة في هذا المجال، ولربما كان الاعرجي المثقف الكبير والاكثر امتلاكا لناصية المعرفة الجواهرية، بمعنى لقد كان يمتح من شعر الجواهري وحياته ومن تجربته ويستشهد به ولا اطن ان مجلسا للدكتور محمد حسين الاعرجي يمكن ان يكون من دون ان يتطرق الى الجواهري الكبير، ذلك ان تجربته مع الجواهري كانت كبيرة وعميقة وممتدة الى سنوات طوال، من ذلك يكون محمد حسين احد المؤرشفين فكريا وكتابيا لهذه التجربة العميقة التي تواصلنا معها منذ عقود لان الجواهري شاعر عظيم والاقتران به لايمكن ان يكون الا بهذا المستوى، لذلك فأنني اعد محمد حسين الاعرجي صنوا بقدر من الاقدار للجواهري العظيم.
واضاف: كان الراحل ذا مجلس وثقافة عريضة ممتدة الى اعمق مما يمكن ان تشف به احاديثه ومكالماته ومجالسه، وقراءة محمد حسين الاعرجي لايمكن ان تكون الا بالرجوع الى كتبه الغزيرة التي كتبها. وختم حديثه بالقول: ان وفاة الاعرجي تعد خسارة وطنية وثقافية كبيرة وانني هنا اعزي نفسي واعزي كل المثقفين الذين اسفوا وحزنوا على الوفاة المبكرة لهذا المفكر والباحث والناقد والاكاديمي الكبير ، وأعتقد اننا خسرناه خسارة كبيرة، الرحمة له.
اما الكاتب مؤيد معمر فقال: فوجئت وانا التفت الى حائط اتحاد الادباء بلافتة سوداء، دققت النظر ووجدت اسم الدكتور محمد حسين الاعرجي، ذهلت وانا اعلم انه كان قد ذهب الى الخارج للعلاج ورجع وقيل انه قد تعافى، اي زمن هذا يجعلننا ننتظر محض الامل ولا نحصل الا عكسه.
واضاف: لم اتعرف على المرحوم الاعرجي قبلا حيث كان هو في الخارج، وحين عاد التقينا قبل عام 2000 في كلية الاداب انا وهو المرحوم الاستاذ الدكتور عبد الاله احمد، تحدثنا كثيرا وكان الاعرجي يتحدث كمن يبحث عن موقع له في كلية الاداب وقال فلان لايعطيني المجال وفلان، فقلت له: ان موقعك ثابت من خلال افكارك، فالرجل مميز في عمله ويستحق كلمة وفاء ومحبة لانه شاعر مجيد ومتكلم بارع وقادر على ان يفهم موقع الكلمة من الجملة، واذن فهو لغوي جيد، رحمه الله ورحم كل الطيبين.