quot;في آخرِ الليلِ يهمدُ النهرُ، ويرسلُ روحَهُ الحكيمَ متجولاً في المدينةِ، تتقدّمُهُ عينُهُ الخضراءُ اللامعةُ. لا تعترضْ عيناً خضراءَ تتقدّمُ نحوكَ في زقاقٍ، أو تطرقُ بابَ بيتِكَ، إفسحْ لها في الطريقِ ودعْها تمُرُّquot; (محمد خضير)

موطني...
هكذا أنتَ يا موطني...
تملأُ شوارعَكَ أنقاضُ السماواتِ
مثلَ قدَرٍ بعيدٍ
في جعبتِهِ
رفاتُ موتى لا حصرَ لهُمْ
نُجَرْجرُ فيكَ زَغَبَ أقدامِنا
حاملينَ في داخِلِنا هيتروتوبياتٍ غامضةً
وتحتَ أنقاضِكَ :
رميمُ سراجٍ وئيدٍ
ودمٌ ينزُّ من شرايينِ جرارِكَ
وسخامٌ يغطّي عتباتِكَ
الريحُ ثقيلةٌ وداكنةٌ
تترسَّبُ في أسمالِكَ العتيقةِ
رماداً في محجريكَ وأخاديدِ ذاكرتِكَ
دثارُكَ الدّاكنُ دمٌ اسودُ
تصبُّ عصارةَ أحزانِكَ يا وطني
في عُلَبِ سردينِ أرواحِنا
ثم تجثو منتهَكاً
صار حلمي بكَ كصدأِ أيامِكَ
عصيّاً وشحيحاً
حشرةً ضخمةً تدبُّ لتلتقطَنا
واحداً تلو الآخر
كنا نجهدُ في مَنْعِ تفجُّرِ دواخلِنا
وكأنَّ أسماءَنا مدونةٌ
في سجلاتِ موتٍ محفوظةٍ
في ألواحٍ سرّيّةٍ
رأسُكَ الميتُ كان مضيئاً
ووجهُكَ اصطبغَ بلونِ اليرقانِ
كنتُ احلمُ يَقِظَةً أُناجي ظلّكَ الغامضَ
أتذوّقُ رائحةَ عصافيرِ دمٍ تحيطُكَ
عصافيرُ جَرُؤَتْ على الطيرانِ
بعدَ دهورٍ من الموتِ
وهي تصغي لنحيبِكَ الأبديّ
*****

الحكمةُ...
مَتى تَتَعلَّم :
quot;الْحِكْمَةَ وَالْفَهْمَ
وَالْبِرَّ وَالْعَدْلَ وَالاسْتِقَامَةَquot;
يا وطنا شعبُهُ النَّارُ quot;تَبْتَلِعَهُمْ أَحْيَاءً
كَمَا تَبْتَلِعُهُمُ الْهَاوِيَةُ...
في حُفْرَةِ الْمَوْتِquot;
فِي مَدَاخِلِ بغدادَ
تُنَادِي الْحِكْمَةُ هذه المرّة
وَفِي َسْوقِ مريدي تَرْفَعُ صَوْتَهَا
وفي المُفْتَرَقَاتِ الْمُزْدَحِمَةِ لعبد الله بن علي في البصرةِ
تَهْتِفُ، وتُرَدِّدُ أَقْوَالَهَا :
خذ يا وطني رُوحِي...
ولاَ تَنْسَ كَلِمَاتِي...
دوّنْها عَلَى صَفْحَةِ قَلْبِكَ :
quot;الْبَلِيَّةُ عَاصِفَةٌ
والْكَارِثَةُ زَّوْبَعَةٌquot;
وإنْ تستغيثوا تغاثوا
بحزنٍ وحنظل
*****
تمعّنْ بكَلِمَاتِ حِكْمَتِي وتفكّرْ بأَقْوَالِي
يَنَابِيعُكَ الطاعنةُ في الجريانِ تسفحُ شُعاعَها quot;كَأَنْهَارِ مِيَاهٍ الشَّوَارِعِquot;
دعنا نتقاسمُ :
ِمَصائِرَنَا،
وأَسْمالََنَا...
وquot;لِيَكُنْ يَنْبُوعُ عِفَّتِكَ مُبَارَكاquot;ً