كامل الشيرازي الجزائر: في خطوة تريد من ورائها الجزائر تصنيع جيل مبتكر من الأدباء المستقبليين، فضلا عن تنمية حاسة المطالعة لدى الجيل القادم، احتضنت البلاد مهرجان quot;القراءة في احتفالquot; في ست محافظات كبرى، وهي عملية تروم تقويم الاعوجاج الحاصل من المنشأ، بعدما نزلت نسبة المقروئية في البلاد إلى أدنى مستوياتها استنادا إلى ما كشفه تحقيق رسمي حديث.

شهدت الطبعة الأولى من مهرجان quot;القراءة في احتفالquot; التي ستختتم نهاية الأسبوع الجاري، حضورا كبيرا لمئات الأطفال الشغوفين بعالم الكتب، حيث جرى من خلال عديد الورش والمنتديات حث براعم تتراوح أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة على المطالعة، وتشجيعهم على الكتابة، تبعا لمكانة الأخيرة على صعيد تشكيل شخصيات الناشئة وأبعادها الثقافية والمعرفية.
ويقول الأستاذ quot;محمد بوكراسquot; أحد منظمي هذه الاحتفالية في مدينة المدية (90 كلم جنوبي الجزائر العاصمة)، أنّه تمّ توفير ما لا يقل عن ألف كتاب في كل التخصصات سواء العلمية أو التاريخية أو الدينية أو القصص الخيالية أو الواقعية أو الأساطير عبر مكتبات متنقلة لفائدة مواطنية الأطفال، وتولى عدد من كبار الكوادر والنخب تأطير البراعم وتوجيههم في مختلف ضروب القراءة، وعلى سبيل تحفيز الكبار أيضا، أطلقت محافظة quot;المهرجان المحلي القراءة في احتفالquot;، مسابقة quot;أحسن تلخيص كتابquot;.
وتشير quot;ليندة رزوقquot; رئيسة قسم التنشيط الثقافي،إلى أنّ الاحتفالية التي استمرت خمسة عشر يوما، لم تقتصر على المطالعة والكتابة فحسب، بل امتدت أيضا إلى الأشغال اليدوية والرسم ومسرح الأطفال، أين قدّم هؤلاء البراعم إبداعات متنوعة من كتابات ورسومات ومنحوتات ومسرحيات، سيتم إصدارها ضمن كتاب جماعي يدوّن أعمال الأطفال.
من جانبهم، عبّر العديد من الأطفال عن ابتهاجهم بتمضية هذه الفترة في الاستمتاع وقضاء وقت ممتع ومميز والاستفادة من المطالعة والتعلم، وهو رأي البرعمة quot;آيةquot; (11 سنة) التي قالت إنّ الاستمتاع بالعطلة الصيفية لا يكون على شاطئ البحر فحسب، بل بتعلم أشياء جديدة ممتعة ومسلية وربط علاقات وصداقات جديدة مع أطفال من بلديات أخرى جاؤوا لغرض التعلم.
أما الطفل محمد (12 عاما) الذي ابتكر موقدا تقليديا وقام بطليه بمختلف الألوان، فأشار إلى كون الفضول وحده ما دفعه إلى حضور المهرجان، قبل أن يستكشف بهاء الموعد، ويستشعر بالرغبة في الإبداع والمطالعة إلى حدود غير متناهية، وهو شعور تبرزه أيضا quot;ريماquot; (10 سنوات) التي تقول إنّها تكاد توشك على إتمام مطالعة كتاب quot;عبقرية محمدquot;.
ويسجّل الأستاذ quot;محمد العيد صماديquot; أنّ فعاليات الاحتفالية نجحت، طالما أنّ الأطفال الذين كانوا مرفوقين بأولياء أمورهم، تهافتوا على تصفح كل ما وجدوه أمامهم، وأبدوا تفاعلا كبيرا ينبئ بالخير مستقبلا، خصوصا مع إطلاق تجارب كتعليم الرسم بالحاسوب وكذا الكتب الإلكترونية التي امتدت إلى المستشفيات، بما يكرس خطة تثقيف الأطفال أينما كانوا وخلق جيل جديد يكون الكتاب رفيقه الدائم.
وتبعا لنجاح هذه الومضة، تتطلع الجهات المختصة إلى تعميمها إلى باقي المحافظات، وعدم الاكتفاء بتنظيمها خلال الإجازات فحسب، وتوسيعها لتشمل عطلتي الشتاء والربيع، وتعدّ هذه الاحتفالية تكملة لما نهض به المهرجان الثقافي الدولي لأدب وكتاب الشباب الذي افتتح قبل أشهر، عدة ورش وأنشطة ثقافية موجهة للمتمدرسين.
ويرى مراقبون مثل هذه المواعيد مناسبة لبعث أدب الطفل والشباب في الجزائر، خصوصا مع الأهمية الذي يكتسيها هذا الأدب الذي يستدعي تضافر جهود دور النشر، والسلطات من خلال توسيعها شبكة المكتبات المدرسية، مع دعوة الكتاب إلى المدارس للتحدث عن مؤلفاتهم وقراءة نصوصهم مع الجيل الجديد، وتفعيل الحكواتيين الذين يحظون بشعبية خاصة في الجزائر.
وسبق لأدباء جزائريين، أن أبدوا قلقهم لكون القراءة لدى مواطنيهم من فئة الشباب والأطفال أصبحت شبه منعدمة، بسبب غياب ما سموه quot;شبكة محلية لتوزيع الكتابquot;، ويؤكّد هؤلاء ضرورة إعادة الاعتبار للقراءة لدى الشريحة المذكورة، من خلال خلق ديناميكية على مستوى المكتبات المدرسية لاسيما بالمتوسطات والثانويات، حيث طالبوا بإعطاء الكتاب حصة وافرة في المناهج المدرسية مع عدم حصر القراءة في الكتب المدرسية فقط.