أمامَ طاولةِ الضياع
سأرتشفُ الكثيرَ من كأسِ الحسد
وأغمّسُ رأسَ حربتي
بخمرهِ العقيم..
وأصارحكم يا إخوتي:
بأنني أحسدكم
أنتم الذين تقدرون أنْ تسيروا
إلى يسارِ الطريقِ أو اليمين
مسلمينَ الرايةَ لشريعةٍ في غاب
تصوّرُ، بفظاعةٍ، أجنحةَ السراب
كفراشاتِ ربيع..
......
أحسدكم أنتم الذينَ ترقدون
على يسارِ البساطِ أو اليمين
دونَ أنْ يقضَّ مضجعكم
خوفَ الظنون
أو يُسلبَ من جفنكم أمنُ الضمير..
دونَ أنْ تتقلبوا مع فزعةِ الكابوس
أو تُؤخذونَ بفلسفةِ التهويل..
......
أحسدكم لأنكم
تؤمنونَ في الصميم
بأنَّ دماءكم هي وحدها الحمراء
ووحدها التي تثيرُ حميّةَ البلد
ووحدها التي تشعُّ حرارةَ الغضب
وتجيدُ تطهيرَ النزيف..
......
أحسدكم لأنكم تثقون
بأنّهُ فقط على الطرفِ النقيض
تتدحرجُ الكرياتِ السود
وتلعبُ شياطينُ التخوين
لتشوّهَ المسير
وتعرقلَ المساعي نحوَ تخليصِ البلد..
......
وأنا الضياعُ مأساتي
وسأستمرُ في فعلِ الحسد..
لأحسدَ الترابَ
لأنّهُ في المعركة
- لو تعلمون -
هو الوحيدُ المستفيد.
..............