أيها الوطنُ الرابضُ بقلبي
كالصوانِ الأصمّ
أما آن لك أنْ ترحلْ
بكلِّ ما فيك من أسىً
بكلِّ أنفاسِك الحرّى والباردة
بكلِّ شجوِك الغارق بالحزن
لم تُسمعْني يوما؛ لحناً حلوا
موّالاً عذبا يشجُّ أضلعي
لم تُبهِجْ أساريري
برقصةٍ آسرة
لم ترْبتْ على كتفيّ حانياً
لم تأخذْني بأحضانك
لاأريدُ مكوثَك معي
توجعُني بشرودِك
تتوهُ بي بعيدا
تفزعُني أحلامُك
ارحلْ كما يرحلُ الطغاة ُوالمارقون
خذْ معك شلالاتِ حنيني
بحارَ حبِّي السالفِ
بِتُّ الآن أمقتُك
أحيدُ عنك جانبا
أغمضُ عينيَّ كي لاأرى..
طلعتَك الشوهاء قبالتي
*******************
مهجعُك قد علاه القضيض
رأسُك مليءٌ بالكوابيس المرعبة
سأهيئ شراعَ سفينتك
أفكّ مرساتك
أطفئ فنارَك
لتبحرَ بعيدا.....بعيدا
كالذكريات المُرّة
كالطفولة البعيدة الشاردة
حينها لم تعدْ
تجثمُ على صدري
كالكَدَرِ الثقيل
كالوساوسِ العصية
شفيتُ من حبِّك الآثم
صدري ضاق ذرعا بك
حقولك المفعمة بالرياحين..
أضحت خرِبةً تؤمها الكلاب الضالّة
والثعابين السامّة
وطريدو المنافي
والجرذان المحشوّة بالطاعون
******************
حينما ترحل..
سأوفي بنذري الذي حززته برقبتي
سأكون خاليَ الوفاض
جذلا ؛ ولا أمرح مني أحَد
سأطير طليقا كالسحاب
سأشدو في الأعالي
مزهوا بخفتي
وأستعيدُ عافيتي
خذْ معك صُرَرَ دراهمك
زناخة َنفطك
ألاعيبَ مزادك
رافدَيك الآسنين
رياضَك الخاملة
أغصانَك اليابسة
شجرَك المثقل بالزقّوم
خذ معك جيشك العرمرم الهزيل
وملفات العهر والسحت المكتنزة في الرفوف
كلَّ حرائقك التي اكتويت بها
لاأطيق وقوفك أمامي
كفاني اشتعالا بحبك
لستُ طامعاً فيك
أرضك غدتْ يبابا قاحلا
قلاعك سجنٌ لي
ماؤك أجاجٌ كالح
زادُك زُفْرةٌ مقيتة
حَطَبُك أجسادٌ عاريةٌ
تتراكمُ في المزابل
يعلوها الدم ؛يدثرها الخوف
عيناك نازفتان حزنا
مللْتُ جهشةَ بكائك
أهلي هجروني للشتات القاصية
رفاقي يهزؤون بي من بعيد
في مدن الثلج
في قيعان الأرض
فجِّها وعميقها
قدماي ترتجفان حين أتسكع...
في أزقتِك..يتراءى لي الموت
جذوري تقطّعت بها السبُل
ملامحي محتْها التجاعيد
مغناي التراتيلُ والأذكار
السابلةُ تلوكُ سيرتي
الأغراب تتشفّى بوجعي
لأنّ حنينَها رياء..
لستُ أسميها بلادي
ورِقّتَها مَيْنٌ
ليست مسقط رأسي
ومهوى فؤادي
سأنشدُ لها ساخرا:
quot;بلادي إذا جارتْ عليّ كريهةٌ
وأهلــي إذا شحّــوا علـيّ لئــامُ
تنــحّ بعــيدا لاأريــدك خــاذلا
رعيتــَك التعبـى تُذلُّ ،تضــامُ quot;

/بغداد