عبد الجبار العتابي من بغداد: انطلقت مساء يوم الاربعاء على قاعة تموز في فندق عشتار،وسط بغداد، فعاليات مهرجان بغداد السينمائي الدولي الرابع، الذي يستمر لخمسة ايام، بمشاركة 300 من 61 دولة توزعت على قارات العالم، حيث كانت السينما المكسيكية (ضيفة الشرف)، والسينما الهندية (تحت الضوء)، وحضور العديد من الشخصيات السينمائية العربية والعالمية، وسط حضور رائع، من الفنانين العراقيين ووسائل الاعلام المختلفة، غصت به القاعة وفاضت الى ممرات وساحات اخرى في المكان الذي ازدهى بألوان العديد من اللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية والبوسترات الدالة على قيمة المهرجان الذي يحمل اسم بغداد على الرغم من عدم وجود دور عرض سينمائية في بغداد صالحة للعرض، بل انه تزامن من مع اختفاء دور عرض اخرى.
استهلّت جلسة الافتتاح بعرضٍ مسرحيّ / سينمائيّ من نوع (البانتومايم) حمل عنوان (ولادة فكرة) قدمه الفنّانون (خالد أحمد مصطفى، رسول عبّاس، مروج جبّار) من إخراج الدكتور حسين علي هارف، وقد ابهر العرض الحضور بحركات الجسد المعبرة والتقنية المنسجمة مع العرض، بعده اعتلى الخشبة الفنّان عزيز خيّون ليرتجل كلمة تحدّث فيها عن دور السينما فقال انها :هذا السرد الفني الفريد بامتياز، الفريد بدهشته، هذا المحمول الذي يرحب بالكثير من الحكايات والاساطير والصور المدهشة، نحتاج السينما لاننا نحتاج مدنا انيقة، مدنا آمنة، مدنا لا التصحر انما الاناقة والجمال، هي السينما، هي هذا السحر الاخاذ، تحتاج السينما أول ما تحتاج الى المخاطرة، لا تحتاج الى الدعم المالي، هناك عدد هائل من الافلام انتجت بميزانيات متواضعة، ايها العراقيون، ايها السينمائيون، ايها المبدعون.. لا تنتظروا الدعم بل تنكبوا كاميراتكم واهبوا الى الشارع العراقي، ستجدون على الارصفة عددا هائل من الاستديوهات، ومن القصص ومن الحكايات، سيعتب عليكم العراقيون كثيرا ان انتم اهملتموها، السينما تبدأ بالوعي، والمخاطرة ان تسير الى الامام، وان لا تلتفت، في تلك اللحظة تربح عمرك وتربح مشروعك السينمائي، اقول تنكبوا كاميراتكم في اللحظة لانني اخاف على ربيع اعماركم، اخاف على هذا التوهج ان ينطفيء، اخشى على هذه اللحظة التاريخية ان تنهب، السينما خيار، والصورة خيار والعراق خيار، السينما خيار العالم، الصورة خيار العالم.
ومن ثم ألقيت كلمات ترحيب بالمشاركين وكلمات ثناء بالافلام المشاركة، كما تم التعريف بالضيوف العرب والاجانب، الذين القوا كلمات قصيرة حيوا فيها المهرجان وعبروا عن سعاداتهم بالحضور الى بغداد، ثم بدأ عرض مجموعة من الأفلام القصيرة لمخرجين عراقيين وعرب وأجانب منها: (إنسان) لـلمخرجة ماشيلا محمدي من العراق، (آمال) للمخرجة المصرية نادية أبو شادي، (مفقود) للمخرج طارق ريماوي من الأردن، (أحمر فقط) من كوسوفو للمخرج دوريم كريزو، (حظر تجوال) للمخرج العراقي مناف شاكر، أما آخر فيلمين قصيرين قبل الإستراحة فقد كانا للمخرج مازن منذر (أمنية) و (انتباه) لعبير المفتي من مصر، وعلى الرغم من ان القاعة لم تصلح لعرض الافلام السينمائية كون ارضية غير مدرجة وصعوبة المشاهدة الا ان الحضور ابدوا ارتياحهم لوجودهم في المكان.
وقال رئيس المهرجان الفني الدكتور طاهر علوان لـ (ايلاف) : الدورة الرابعة كبيرة ومهمة تشكل نقلة نوعية في تاريخ المهرجان وبتاريخ المهرجانات في العراق، واقولها بثقة انه اضخم مهرجان عراقي حيث تشارك فيه 300 فيلم واكثر من 60 دولة وضيف الشرف المكسيك وتحت الضوء جمهورية الهند ومشاركات من السواد الاعظم للدول العربية، بذلنا جهدا شاقا على مدى 12 شهرا،ففي الدورة السابقة واجهتنا مصاعب وربما البعض راهن على اننا سنتوقف ولكننا اثبتنا في هذه الدورة اننا حققنا مهرجانا اقوى من المهرجان السابق، وبرنامج المهرجان فيها من التنوع في الموضوعات وللانواع الفلمية التي حضرت من افلام الرسوم المتحركة الى الافلام القصيرة الى الوئاثقية الى الطويلة الى التجريبية، كم هائل، وهذا الذي سنعرضه ما هو الا جزء من كم الافلام الكثيرة التي وصلتنا للمشاركة، وأود ان اقو لان البعض يعتقد ان بغداد في ظرفها الحالي ستعزف الناس عن الحضور اليها ولكن للحقيقة اقول اننا تلقينا عشرات الطلبات من مخرجين ومنتجين يرغبون في الحضور، والدليل هذه لجان التحكيم التي جاءت من المانيا وفرنسا وسورية ومصر وغيرها، المشكلة العائق الرئيسي الذي ما زال العقبة الكأداء التي تواجهنا هي مشكلة التمويل، فالمهرجان بلا ميزانية، نناشد كل الجهات المعنية، وزارة الثقافة، الحكومة العراقية، للالتفات الى المهرجان وتثبيت ميزانية له مهما كان حجمها، ولكن لا نريد ان نبدأ المهرجان كل سنة من الصفر، انا في كل عام ابدأ المهرجان من الصفر وأبدأ اتصل بكل الجهات لغرض مساعدتنا في تنفيذ برامج المهرجان، فأعمل ان نتخلص في الدورة المقبلة من هذا المشكل الكبير الذي هو الميزانية، ولكن في الوقت نفسه اقول اننا مصممون على ان الدورة المقبلة ستكون افضل والتي بعدها ستكون افضل.
واضاف : الدعم الحكومي جاء في اللحظة الاخيرة من خلال وزارة الثقافة بمبلغ بسيط لايشكل شيئا امام حاجة المهرجان،علما ان السبب الرئيسي في عدم قدرتنا على استضافة الضيوف هو ضعف الميزانية بل انعدام الميزانية، لان من بديهيات المهرجانات عندما يتم اختيار فيلم لمخرج ما فيجب ان يدعى وان تتوفر له تغطية النقل والسكن، نحن هذه غير متاحة لنا، ونأمل في المستقبل ان نتجاوز هذا العائق.
أما رئيس المهرجان وجمعية (سينمائيون عراقيون بلا حدود) الدكتور عمار العرادي فقال : المهجرجان تظاهرة ثقافية ناجحة كبرى، هذا منجز سينمائي يعبر عن عمق ومضمون ومعنى ينحاز الى الفن والفن السينمائي في اقل تقدير، ونحن اذ نستشعر الامل في مثل هذا الصنيع سوف تشرع ابواب العمل والانتاج السينمائي العراقي للمبدعين لنظهر للعالم هويتنا الثقافية السينمائية المتحضرة التي تتكلم بالصورة عن انساننا وانسانيتنا بصدق ومهارة تضع بصمتها بين بصمات العالم الفنية لتزيل صورة وترسم صورة جديدة تصلح لثقة العالم بامكانياتنا ونحن نملك الموارد البشرية وخبرتها، ولا نسمح بهدر اموالنا دونما انجاز فني حقيقي يعبر بعمق عنا وعن ثقافتنا بالامس واليوم وغدا.
واضاف : نبارك للمخرجين السينمائيين الذين سينجزون باكورة أعمالهم لأول مرة في سابقة تنفتح على الطاقات الجديدة في الإخراج السينمائي العراقي.. وماكان سيجدون لهم فسحة أمل؛ لولا مناخ الديمقراطية.. فمثل هذه الإشراقة، وغيرها، لايجوز إغفالها في شدّة الوضع السياسي.
واستطلعنا رأي الدكتور صباح الموسوي، رئيس قسم السمعية والمرئية في كلية الفنون الجميلة، فقال : مبادرة جميلة ورائعة وشهدت افتتاح جماهيري واتمنى ان ترتقي بفعالياتها اللاحقة بهذا المستوى من الحضور الجماهيري وهذا النجاح، ومن خلال قائمة الافلام المشاركة، فهي جديرة بالمشاركة ونتمنى للقائمين على المهرجان كل التوفيق والنجاح، ونتمنى ان ينمو المهرجان في دورته اللاحقة اكثر ويأخذ مكانته العالمية.
واضاف : عدم دعم الدولة العراقية للمهرجان هي مشكلة، ليست السينما فقط بل تجاه كل النشاطات الفنية والثقافية في البلد ويكاد الدعم يكون معدوما، وان شاء الله بتكرار هذه المحاولات سيخضع صاحب القرار الى ان يدعم هذه النشاطات لانها شريان الحياة في البلد.
وقد اقامت جمعية سينمائيون بلا حدود، على هامش المهرجان، معرضاً للصور الفوتوغرافية بمشاركة أكثر من 50 مصوراً ومصوّرة من داخل وخارج العراق، وضمّ المعرض أكثر من 120 لقطة توزّع على رواق المدخل للقاعة الرئيسيّة.
ويشتمل المهرجان على المسابقات والأقسام التالية :1- مسابقة الفيلم الروائي الطويل، 2- مسابقة الفيلم الوثائقي، 3- مسابقة الفيلم الدرامي القصير، 4- مسابقة أفلام حقوق الإنسان (صورة إنسان) وهو قسم مخصص للأفلام التي تتناول قضايا حقوق الإنسان في داخل العراق أو في الوطن العربي والعالم، 5- مسابقة مخرجات عربيات: وهو قسم خاص لتشجيع السينمائيات في العراق والعالم العربي لكي يكن جزءا فاعلا في الحركة السينمائية ولإثبات أنفسهن في تحديهن للعديد من الظروف والمصاعب وحملهن الكاميرا وصنع أفلام تحاكي الواقع المعاش والهدف هو أن يكون هذا القسم نواة لدعم سينما المرأة في العالم العربي بكل الوسائل والإمكانات المتاحة، 6- مسابقة آفاق جديدة وهو قسم مخصص للتجارب السينمائية للمخرجين العراقيين ومنهم الذين تخرجوا حديثا من كليات ومعاهد السينما في العراق (خاصة بالسينمائيين العراقيين). وأشار الى أن كافة المسابقات مفتوحة للمشاركين من العالم العربي وخارجه ماعدا مسابقة (آفاق جديدة) المخصصة للسينمائيين العراقيين.