لم يعرف عن عبقري الكلاسيك بيتهوفن اشتغاله بالأعمال الموسيقية الكنسية. لكنّ اكتشافًا جديدًا لعمل ظل مطمورًا في دفتر laquo;اسكتشاتهraquo; الموسيقية يتيح زاوية أخرى للنظر الى هذا الرجل.


لندن: في 1820 أكمل عبقري الموسيقى الكلاسيكية لودفيغ فان بيتهوفن إعادته التوزيع الموسيقي لترنيمة دينية غريغورية قديمة تسمى laquo;بانغوا لينغواraquo; وتعتبر من طلائع التراتيل المسيحية المعروفة إذ يعود تاريخها الى ألف سنة على الأقل. على أن هذا العمل ظل غير مكتشف طوال هذه الفترة الى حين أعلن الآن باري كوبر، البروفيسور في جامعة مانشيستر، عثوره عليه وفقًا لما أورده موقع laquo;بي بي سيraquo; الإلكتروني الخميس. وكان بيتهوفن قد كتب هذا العمل في كراسة تحوي بعض laquo;الاسكتشاتraquo; الموسيقية التي يُحتفظ بها حاليًا في متحف المكتبة الوطنية ببرلين. ولأن مدته لا تتجاوز دقيقتين، فقد كان يعتقد أنه إما مجرد تمرين عام في الطباق الموسيقي (الكاونتربوينت) أو أرضية لعمل آخر كان المؤلف الكلاسيكي ينوي إنجازه وهو قداس laquo;ميسا سولومنيسraquo;. على أن البروفيسور كوبر، تعرف الى تركيبته الموسيقية ولاحظ الشبه بينها وبين الترنيمة القديمة. وما يضيف الى أهمية هذا الخبر، وفقًا للبروفيسور، أنه لم يعرف عن بيتهوفن إنصرافه الى الأعمال الموسيقية الدينية، ولهذا فإن ترنيمة laquo;بانغوا لينغواraquo; تعتبر بين الإنجازات النادرة للمؤلف الألماني في هذا المجال. وقال كوبر نفسه - وهو بين أبرز الخبراء في أعمال بيتهوفن - إنه لم يعثر على أي مؤلف آخر شبيه يعود الى هذا الموسيقي.
ورغم أن بيتهوفن ألف قداسين خلال حياته الموسيقية العامرة، فالثابت أنه لم يشغل نفسه مطلقًا بالأعمال الموسيقية الكنسية المتاحة للمصلين العاديين. ولهذا فإن إعادة توزيعه هذه الترنيمة تعتبر خارجة تمامًا على المألوف منه، وإضافة ستلفت نظر المؤرخين والمفسرين ولا شك.وقال كوبر إن الناظر العابر الى كراسة بيتهوفن يعتقد أن هذا العمل سلسلة من النغمات الموسيقية دُوّنت على عجل وبدون وعاء يجمعها باعتبارها وحدة متماسكة. لكن التمعن أثبت أنها في الواقع laquo;تأويل بيتهوفن الموسيقي الجديد للترنيمة القديمة نفسها، بما في ذلك، طبعًا، نوع التغييرات التي اقتضتها الضرورة الموسيقية من وجهة نظر بيتهوفنraquo;. ويمضي البروفيسور قائلاً إن المرجح هو أن الترنيمة، بتوزيعها الجديد ذاك، أُديّت للمرة الأولى على شرف الارشيدوق النمساوي رودلف خلال الاحتفال بتنصيبه ارشيدوق اولمتوز في مارس / اذار 1820. وكان هذا الرجل راعيًا لبيتهوفن الذي كان في سن التاسعة والأربعين وقتها. ومن جهته وصف البروفيسور وليام درابكين، من جامعة ساوثامبتون الانكليزية وناشر laquo;اسكتشاتraquo; بيتهوفن، توزيعه للترنيمة بأنه laquo;بسيط الى أبعد الحدود الممكنةraquo;. ويمضي قائلاً: laquo;عندما نسخت هذه الاسكتشات بغرض إعدادها للنشر، كنت أظنها فقط من باب التمرين على الطباق الموسيقي، ولكن اتضح انها أكثر من هذا بالطبع. أما أهمية الاكتشاف فتكمن في أنها تفتح نافذة على جانب غير مألوف في سيرة بيتهوفن وعلى نوع النشاط الموسيقي الذي كان يمارسه في عشرينات القرن التاسع عشرraquo;.
يذكر أن القطعة المكتشفة أُديت في حفلة خاصة ظهيرة الخميس في جامعة مانشيستر. ويذكر أيضًا أن البروفيسور كوبر اجتذب أضواء إعلامية باهرة في عالم الموسيقى الكلاسيكية قبل 14 عامًا عندما خلق laquo;سيمفونية بيتهوفن العاشرةraquo; مؤلفة من عدد من اسكتشاته الموسيقية وأعماله غير المكتملة.