تحت وابلٍ من تدفق الحديث عن مجزرة الحولة، وبين مفردات الحرب الدائرة رحاها هنا وهناك!!.. وجدتني من حيث لا أشعر أبحث فيما بين كتب الفنون الحديثة، لأستخرج لوحة بابلو بيكاسو (الجرنيكا).. وما أن وجدتها، حتى دخلت فيها ماراً على كل تفاصيلها.. وإذا بها تمتزج بقرية عراقية!!.. وقرى أخرى اختزنت في الذاكرة من هنا وهناك وتحديداً قرى فلسطينية!!.. وقانا!!.. وغيرها..
وبينما أنا أتنقل بين تفاصيل اللوحة الصغيرة، حيث الهلع، والفزع، والدمار.. وجدتني أخط كلمات، لا أعرف بالضبط مدى التزامها بحرفيات صناعة الكلمة المموسقة!!..
ذلك لأنني كتبتها بروحية طفل.. حوصرت قريته بدمار الحروب التي يكثر الحديث عنها ليل نهار.. وهي الحولة!!..
قريتنا صغيرة
وفيها تعلو أشجار الزيتون
رمزاً لتاريخها
عندما تغرس خيوط الشمس في مساماتها
تنهض مستجيبة نداء الحياة
لكن صباح اليوم
فزعت القرية
وهرعت الدواب والأطفال
يحتمون باللا شيء
أسراب الدبابات أججت فضاء قريتهم
فخيوط الشمس أصبحت غازات سامة
أسراب الطائرات تُلقي عليهم
ما فجر أرضهم وأنعامهم
وبعضهم غدا أشلاء
يا لها من وجوه
يحدق فيها الفراغ!!..
ووجوه أخرى مرعوبة تنصت للمذياع
(إن مصرعكم سيكون عبرة لمن اعتبر!!..)
(سنحرم عليكم الشمس، والماء، والأرض!!..)
(سنحرمكم حتى من البؤس الأسود!!..)
أبناء قريتنا ذات الأشجار الباسقة
يقطرون حزناً ولوعة
ما كانوا يفكرون في الموت!!
فصناعتهم هي الحياة!!..
الموت!!.. ما أصعبه!!.. ما أسهله!!..
الموت.. يطل من عيون النساء والأطفال!!..
والرجال هرعوا يذودون عن الحياة..
أهالي قريتنا متواضعون
لا يعرفون من ترف الدنيا
غير شرب القهوة!!..
لم يسمعوا بتجار الحروب
لكن الذعر.. زرع الموت في قريتهم
طيارون..
مقنعون..
يلقون قنابلهم بعناية
يا لها من مجزرة شنيعة
تثير اشمئزاز أعتى العتاة من الطغاة
رائحة الموت تفوح بين الأزقة الضيقة
كيف يمكن إقناع أمٍ بمبرر لمصرع طفلها؟!..
وزوجها؟!..
* * *
أيها الناس
ليس هناك سوى عدو واحد.. الحرب!!..
شقيقة البؤس الكبرى..
وابنة الموت المفزع!!..
كريهة!!.. مرعبة!!..
كآبة الموت خيمت على الحقول!!..
أبناء قريتنا!!..
تحولتم إلى جيفة!!..
الأرض تدور في محاجر عيونكم
أفسد الموت توازن الزمن
فأصبحتم هدفاً (للنسور) و(الغربان)!!..
* * *
ومن بين كل هذا الحطام والعفن
ظهر مغنٍ الى جانب قيثارته حمامة..
يضمها الى صدره..
وينشد أغنية
ترددها معه، جثث الموتى في الطرقات..
مطلع الأغنية
شكراً للحب!!..
شكراً للحب!!..
شكراً للحب!!..
التعليقات