بيرت: عرض مساء الخميس فيلمquot;وادي الدموعquot; للمخرجة اللبنانية الكندية ماريان زحيل ضمن فئة quot;البانوراما الدوليةquot; في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان بيروت الدولي للسينما، ويعود الفيلم بالذاكرة الى مجزرة مخيم quot;صبرا وشاتيلاquot; للاجئين الفلسطينيين في لبنان خلال الإجتياح الإسرائيلي عام 1982، من خلال عيني صحافية كندية تسبر أغوار quot;هذا الماضي الماسوي الذي لم تتم تسويته بعدquot;، على ما تقول المخرجة. وتقول زحيل لوكالة فرانس برس إن الفيلم استند إلى أبحاث أجرتها في العام 2001 عندما كانت تعد شريطا وثائقيا في إطار دعوى تقدم بها المحامي اللبناني شبلي الملاط أمام القضاء البلجيكي لمحاكمة المسؤولين عن مجزرة quot;صبرا وشاتيلاquot;. وتشير إلى أنها أوقفت العمل على هذا الشريط بعد مرض رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون الذي كان وزيرا للدفاع في إسرائيل خلال الفترة التي حصلت فيها المجزرة. لكن quot;وادي الدموعquot; يضم تحقيقا مصورا وثائقيا لا تتعدى مدته دقيقة واحدة، تقول عنها المخرجة انها quot;اللحظة الواقعية الوحيدة في الفيلم، فيما احداثه الباقية كلها روائية متخيلةquot;.
وتبدأ قصة الفيلم عندما تتلقى ماري (ناتالي كوبال) الصحافية الكندية (في مونتريال) المتخصصة في مذكرات الناجين من الحرب، رسالة تحمل في طياتها قصة علي، الشاب الفلسطيني الذي نشأ وترعرع في مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وينجح هذا الطرد في إثارة فضول ماري، فتبدأ بالتحري عن هوية صاحبه، يساعدها في تحرياتها شاب لبناني يدعى جوزف (يؤدي دوره جوزف أنطاكي) يصدف وجوده في مكتبها لأعمال الصيانة والطلاء.
وتنشأ بين جوزف وماري علاقة غريبة، فهما يأتيان من خلفيتين مختلفتين. لكن جوزف يختفي فجأة وتتدافع المعطيات في الفيلم لتقود الصحافية الكندية في رحلة إلى الماضي ستعاين فيها تاريخا داميا واسرار أيام ولت لكنها مبهمة إلى أقصى الحدود.
ويشارك في بطولة quot;وادي الدموعquot; مجموعة من الممثلين الكنديين هم ناتالي كوبال وناتالي ماليت وجانين سوتو وصوفي كاديو، إضافة إلى اللبناني جوزف أنطاكي، ونخبة من الممثلين اللبنانيين كوفاء طربيه وليلى حكيم ووليد العلايلي.
وتشرح زحيل أن عنوان الفيلم quot;وادي الدموعquot; هو عبارة وردت في كتاب quot;العهد القديمquot; تعني المطهر. وتضيف quot;هو العبور الذي يسبق الدخول الى شيء جديد. هو عبور الشخصيتين ماري وجوزف نحو مكان افضلquot;.
وتبرز زحيل في فيلمها ان quot;مجازر كثيرة، غير صبرا وشاتيلا، ارتكبت من قبل كل الطوائف اللبنانيةquot;. وتضيف quot;كوني ولدت مسيحية، أردت ألا أتناول الجرائم التي ارتكبها الآخرون، لكي لا ينظر إلى فيلمي من زاوية التحريض، في حين أن تناول المآسي التي ارتكبتها الطائفة التي انتمي اليها، هدفه ان نصل الى وقت نستطيع ان يمد بعضنا يده للبعض الآخر لكي نتحاورquot;. وتنفي زحيل أن يكون فيلمها ينطوي على إدانة للمسيحيين اللبنانيين، وتشدد على أن مقاربتها للموضوع quot;مقاربة انسانية فحسبquot;. وتضيف quot;لا اساءة دينية اوسياسية في الفيلم لاي طرف. قد لا استطيع التحكم باراء الذين يريدون تسييسه، ولكن لم أشأ أن ادين احدا من خلالهquot;.
وشهدت سنوات الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990) مجازر وجرائم حرب متبادلة ارتكبتها معظم اطراف النزاع. ومع انتهاء الحرب صدر عفو عام عن كل الجرائم المرتكبة خلال سنوات النزاع الدامي، وهو عفو ما زال يثير حفيظة المجتمع المدني اللبناني لكونه منح حصانة لكل امراء الحرب، وحال دون المصالحة الحقيقية القائمة على العدالة والمحاسبة. وتامل المخرجة ان يستاثر فيلمها باهتمام الجمهور اللبناني لدى عرضه في الصالات اللبنانية قريبا. وتقول إن quot;وادي الدموعquot; الذي صورته بين كندا ولبنان في عشرين يوما، يتناول quot;قصة من خلال عيني امراة كندية، مقدما لمحة كبيرة عن كندا ولبنان، وما يمكن ان يحصل في ظل ماض مأسوي لم تتم تسويته وحل مشاكلهquot;.
تجدر الإشارة إلى أن quot;وادي الدموعquot; هو الفيلم الروائي الطويل الثاني لزحيل، بعد quot;من نافذتي، من دون وطنquot;. وفي جعبتها مشروع فيلم جديد اجتماعي محض، بعيدا من أجواء الحرب، تجري احداثه بين البلدين.
وكان quot;وادي الدموعquot; فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان quot;غرينبوينتquot; في نيويورك هذه السنة.