يتوقع مسرحيون أن يلجأ وزير الإعلام الكويتي إلى سحب جوائز مهرجان الطفل بسبب شبهات فساد وتجاوزات في توزيع الجوائز لصالح جهات قائمة على الفعالية.

بينما يتجاهل وزير الإعلام الكويتي الشيخ سلمان الحمود حتى الآن اللغط الدائر حول الفساد المالي والتنفيع العلني في تجاوزات مالية مكشوفة تمثلت بإعلان جوائز مهرجان مسرح الطفل التي أعلنت أخيرًا، والذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ينتظر المسرحيون أن يقطع الوزير الحمود الطريق عليهم في اضطرارهم للجوء لأعضاء مجلس الأمة لإثارة الموضوع تحت قبة البرلمان، ويصدر قرارًا بسحب جوائز مهرجان مسرح الطفل، الذي أعلنت نتائجه منذ أيام وأثارت لغطًا حول وجود تجاوزات في توزيع الجوائز وحصول جهات أخرى على مبالغ مالية كبيرة رغم إنها لم تقدم شيئًا يذكر للمهرجان.
الحكاية بدأت حين تلقت لجنة النصوص سبعين نصًا عربيًا، لكنّ أحد أعضاء اللجنة فجأة وقف على المنصة ليذكر في بيان لجنة مسابقة النصوص إنهم تلقوا تسعة وعشرين نصًا فقط! واللجنة خرجت بتوصيات من دون نتائج، لتسعة وعشرين نصًا لم يفز منها أحد.
الغريب أن من قدم ندوات من ضمن فعاليات المهرجان كان أيضًا مشاركًا في لجان تحكيم العروض (مثال: هيثم الخواجة ونبيل بهجت) لكن أن تصل الجرأة بمنسق عام المهرجان العربي لمسرح الطفل حسين المسلم أن يمرر مسرحية (هروج) من تأليفه ولفرقته الجيل الواعي كي تعرض وتفوز وتحظى بدعم قيمته ثمانية آلاف دينار، بالإضافة الى ثمانية آلاف أخرى نظير عرضها على الخشبة، وتكون الحصيلة 16 ألفًا لمسرحية رئيس المهرجان الذي ترعاه دولة الكويت.
هذا ما يشغل المسرحيين في الكويت الذين يراقبون التطورات الدرامية، حيث نفت الإعلامية أمل عبدالله ما نشره إعلان في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) عدد 1124 بتاريخ 24 مارس الفائت جاء فيه تفاصيل التجاوزات المالية، وقالت إنها لم تتسلم فلساً واحداً وبهذا تكون ميزانية المهرجان صبت في جيب حسين المسلم، وفي ما يلي نص الصفقات التي اعتمدت:
اجتماع لجنة المناقصات المركزية رقم 11/2013 الموافقة على التعاقد المباشر مع مؤسسة باك ستيج لإقامة مهرجان مسرح الطفل بمبلغ 38000 دينار وقررت اللجنة الموافقة.
اجتماع لجنة المناقصات المركزية رقم 15/2013 الموافقة على التعاقد المباشر مع نفس المؤسسة لتقديم أوبريت الافتتاح وثلاثة عروض مسرحية (أحلام سعيدة) بمبلغ 18000 وقررت اللجنة الموافقة.
طلب التعاقد المباشر مع مؤسسة الأمل للإنتاج الفني لإعداد والتحضير لإقامة المهرجان العربي لمسرح الطفل خلال الفترة من 7- 19مارس 2013 بمبلغ إجمالي قدره (36,000) قررت اللجنة الموافقة.
الإعلامية أمل عبدالله في حديث لصحيفة الوطن أمس الأول قالت: quot;أقسم بحياة أولادي أنني فتحت حسابًا خاصاً على هامش مؤسسة الأمل، ولا يحق لي السحب أو الإيداع منه، إنما مدير الإنتاج بالمجلس الوطني هو المخول بالإيداع والسحب فقط لا غير، وليست لي أية علاقة بهذا الحساب إلا بالاسم ولم يدخل في جيبي من مهرجان الطفل فلس واحد، وهذا المبلغ (36ألفاً) صرف على المهرجان ومستلزمات الفرقquot;.
وأضافت: quot;إدارة المهرجان هي من كانت تعطي مدير الإنتاج الفواتير بناء على حاجة المهرجان، وكانت تبلغه باحتياجاتها ولست أنا... لقد اقتطع الـ36000 دينار من المجلس الوطني بسبب بطء الإجراءات الرسمية، ولأنني في الكويت ومؤسستي كويتية فـlaquo;hellip;سوواraquo; هذا العقد وطلعوا هذا المبلغ وحجزوه باسم مؤسسة الأمل لحساب مهرجان مسرح الطفل، ولا علاقة لي بهquot;.
الجدير بالذكر أن أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس صالح اليوحه لم يبدِ أي تعليق ولم تتلقَ وسائل الإعلام أي تصريح له حول ما نشر في عدة مطبوعات حول شبهات التنفيع و سوء إدارة مهرجان مسرح الطفل الأول، المعروف عن اليوحه بعده التام عن التعاطي مع ملاحظات الكتّاب وتجاهله لهم، مما حدا البعض منهم بتوجيه أسئلة واضحة و مباشرة لوزير الإعلام الذي لم يتخذ إلى اللحظة أي إجراء ولا حتى تعقيب من طرفه.
حيث وجهت الكاتبة باسمة العنزي سؤالاً مباشرًا للوزير عبر مقالها في صحيفة الرأي عن هذا التجاوز ووصفته قائلة: quot;هذا ما يحدث في الكويت فقط، لذا لن أستغرب لو وضعت الدولة جوائز واختارت من يتولى الاهتمام بها ممن سيسعى بكل قوته للحصول عليها! حدث ذلك قبل سنوات عندما منح مدير إدارة الثقافة والفنون في المجلس الوطني جائزة الدولة التشجيعية لروايته.quot;
وأضافت: quot;وسط صمت الكل وأولهم أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي لا يعلم- على ما يبدو- أنه لا يجوز لعضو لجنة وليس رئيسها أن يقدم عملاً من تأليفه للمشاركة!quot;
وكذلك فعل الكاتب المسرحي علاء الجابر حين وجه خطابه إلى أمين المجلس علي اليوحه ليعيد الأمور إلى نصابها متسائلاً: quot;من بين الشروط التي أوردها الكتيب الصادر عن المهرجان، تشكيل لجنة لتقييم العروض شريطة ألا تكون لها علاقة بالعروض المشاركة، وقد نُسف هذا الشرط نسفًا من أجل المنسق العام للجنة مسرح الطفل حسين المسلم، حيث شاركت فرقة (الجيل الواعي) وهو المؤسس والرئيس والأب الروحي لها بعرض (هروج) وشارك هو شخصيًا كمؤلف للعرض أيضا، فأين النزاهة في ذلك وفي الأمر الكثير من ارتباط المصالح؟!quot;
المفاجئ اعترافات الإعلامية أمل عبد الله بعدم معرفتها أين صرفت المبالغ التي تلقتها مؤسستها (الأمل للإنتاج الفني) تؤكد تجاوز العاملين في المجلس الوطني للوائح قانونية في مخالفات فاضحة أبسطها نشر إعلان في الصحف يطلبون به شركات فنية لتقديم عروضها الأمر الذي بررته قائلة quot;هذه إجراءات إدارية يسأل عنها المجلس الوطني. لكن أنا عندما رأيت أن الوقت ضيق ونريد الانتهاء من الإجراءات الإدارية عرضت خدماتي وقلت لهم أنا على استعداد إذا كان ذلك يسهل إجراءات العمل ما عندي مشكلة، لاطمئناني للإجراء المتخذ، وهو أن هناك مبلغًا تم رصده باسم مؤسسة الأمل للصرف على الأعمال عن طريق مدير الإنتاجquot;.
وأمل عبدالله ذهبت في تعاونها مع تجاوزات المجلس إلى هذا الحد، ذلك لأنها عضو في ثلاث لجان بالمجلس، وهي اللجنة العليا، ولجنة النصوص، وعضو لجنة تقييم العروض المسرحية، أما الخطأ الفادح الذي وقعت فيه عبد الله في تصريحها أن مدير الإنتاج في المجلس الوطني مخول بالسحب والإيداع بينما الواقع يقول إنه لا يوجد مسمى وظيفي في هيكل المجلس باسم مدير إنتاج السؤال الذي يطرح نفسه عن هوية الشخص ومسماه الحقيقي ولماذا لم تكشف عبدالله عنه.
التجاوزات في آلية العمل في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ليس الحادثة الأولى من نوعها فقد حدث ذلك قبل سنوات عندما منح مدير إدارة الثقافة والفنون في المجلس الوطني آنذاك وليد الرجيب جائزة الدولة التشجيعية لروايته، وسط ذهول الوسط الثقافي وصمت الكل، وأولهم أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذي لا يعلم- على ما يبدو- أنه لا يجوز ضمن شروط المهرجان لعضو لجنة تحكيم وليس رئيسها أن يقدم عملاً من تأليفه للمشاركة!.
وقد تحدث لـquot;إيلافquot; مصدر في المجلس الوطني رفض كشف اسمه، فقال: quot;إن من المبادئ العامة المتعارف عليها عالمياً أن يبتعد العاملون في لجان تحكيم أي مهرجان عن المشاركة بأي فعالية فيه فلا يحق لشخص مسؤول عن مسابقة أو مهرجان أو جائزة أن يشارك بعمل له، فما بالك حين يكون حسين المسلم منسق عام المهرجان من يفوز نصه المسرحي وفرقته بالعرض وحجته ضيق الوقت وقلة العروض المتقدمة، المهرجان يحضّر له من سنة والحصيلة تجاوزات مالية ومخالفة أعراف ولوائح بحجة الوقتquot;.
وتابع المصدر ذاته: quot;كان على المسلم وخصوصًا بعد إثارة اللغط على فوزه أن يعتذر ويرد الدعم وذلك حفاظاً على الحيادية والنزاهة ودرءاً للشبهات التي عليه أن ينأى عنها، وحين استغل ترخيص مؤسسة الأمل فعل ذلك متجاوزاً اللوائح بالتعاقد المباشر اختصارًا لبطء الإجراءات الحكومية، كما برر هو وأمل عبدالله لكني أسألهما هذا تحايل على الإجراءات الحكومية واللوائح وهل قدم مدير الإنتاج الذي تحدثت عنه أمل ولا أحد يعرف حتى الآن من هو؟ هل قدم فواتير للرقيب المالي وكيف صرفت مثل هذه المبالغ؟ وأين الرقيب المالي من هذا التجاوز؟ وكان يهمه أن يمرر نصه ومسرحيته والنية مبيتة بدليل إنه سأل عواطف البدر عن التعاقد المباشر معها قبل الأمل فقالت له البدر أن رخصة شركتها منتهية الصلاحية.
وأضاف المصدر: quot;ان التعاقد المباشر تم كذلك مع راشد الحملي الذي تقاضى 38 ألف دينار عن حفل الافتتاح و18 ألف دينار قيمة ثلاثة عروض قدمتها مسرحيته quot;أحلام سعيدة quot; ليحصل على 56 ألف دينارraquo;.
وأضاف: quot;هل سكوت وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود تمهيداً لإقصاء اليوحه من منصبه بعد تراجع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أرفع مؤسسة حكومية ترعى الفكر والثقافة والأدب عن دوره التنويري؟ خاصة في ظل الانتقادات الدائمة من الوسط الثقافي الكويتي على عمل المجلس وترهله بالإضافة إلى التجاوزات المالية في إدارة مهرجاناته وفعالياته بطريقة الكوميديا السوداءquot;.