يستعد متحف اللوفر أبوظبي لافتتاحه العام المقبل معلنًا عن مجموعة من الأعمال الفنية التي سيحتضنها، بينها 300 عمل من المتاحف الوطنية الفرنسية تعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط.

محمد الحمامصي: كشف متحف اللوفر أبوظبي عن مجموعة من الأعمال الفنية المعارة تضم 300 عمل فني تقريباً سيحتضنها المتحف عند افتتاحه في العام المقبل بموجب اتفاقية مبرمة مع عدد من المتاحف الفرنسية الرائدة، وذلك لاستكمال مجموعة المقتنيات الدائمة والمفهوم السردي للمتحف.

وتضم قائمة هذه الأعمال واحدة من أهم لوحات الفنان ليوناردو دا فينشي، وهي "بورتريه لإمرأة مجهولة" (حوالي 1495م) والتي تعرف أيضاً باسم "جميلة الحداد" من متحف اللوفر في باريس، ولوحة "عازف المزمار" (1866) للرسام الانطباعي الفرنسي إدوارد مانيه، و"محطة سان لازار" (1877) للفنان كلود مونيه من متحف أورسيه، ومنحوتة "الملاحة" من إمبراطورية بنين من متحف برانلي، بالإضافة إلى لوحة "طبيعة صامتة مع ماغنوليا" (1941) للفنان هنري ماتيس من مركز بومبيدو.

وقال الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة: "تؤكد الأعمال الفنية المُعارة على مدى ونطاق التعاون الذي يربط اللوفر أبوظبي مع شركائنا في فرنسا. وتمثّل هذه الأعمال، التي يعرض بعضها للمرة الأولى في أبوظبي ومنطقة الشرق الأوسط، فرصةً نادرةً للجمهور لمشاهدة أعمال فنية بهذه الأهمية من المتاحف الوطنية الفرنسية في حوار حضاري متناغم مع بعضها البعض ومع مقتنيات اللوفر أبوظبي أيضاً. إننا حريصون على تقديم تجربة فريدة وجديدة لزوار اللوفر أبوظبي من منظور جديد يؤكد على الطبيعة العالمية للمشروع بأكمله".

من جهتها، قالت فلور بلرين، وزيرة الثقافة لدى الحكومة الفرنسية، "تأتي عملية إعارة الأعمال الفنية من المتاحف الفرنسية ضمن إطار الاتفاقية الدولية الموقعة بين حكومتي دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا في عام 2007 بشأن افتتاح اللوفر أبوظبي، وتعتبر عملية الإعارة خطوة كبيرة في هذا المشروع الضخم، بالإضافة إلى كونها تكريماً للثراء الاستثنائي الذي تتميز به مقتنياتنا ولخبرات المتاحف الفرنسية. إن تلك القطع الأصلية المعارة من 13 متحفاً ومؤسسة فرنسية، ستوجد حواراً جديداً بين مختلف الثقافات والحضارات ضمن روح الحوار العالمي الذي تعتز فرنسا بإثرائه عبر العالم".

وتمت عملية اختيار الأعمال الفنية بإشراف كل من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ووكالة متاحف فرنسا، والمتاحف الوطنية الفرنسية بما يتوافق مع البرنامج العلمي والثقافي للمتحف.

ومن ضمن المراكز الثقافية الفرنسية التي شاركت في عملية إعارة الأعمال الفنية في العام الافتتاحي "متحف اللوفر"، و"متحف أورسيه"، و"مركز بومبيدو"، و"متحف كاي برانلي"، و"متحف جيميه" (المتحف الوطني للفنون الآسيوية)، و"المتحف الوطني لقصر فرساي"، و"متحف رودين"، و"مكتبة فرنسا الوطنية"، و"متحف كلوني" (المتحف الوطني للعصور الوسطى)، و"متحف سيفر" (المتحف الوطني للخزف)، و"المتحف الوطني لصناعة الخزف"، و"متحف الفنون الزخرفية"، و"المتحف الأثري الوطني في سان جيرمان"، و"قصر فونتينبلو".

بالإضافة إلى عمليات إعارة الأعمال الفنية، يتضمن دور وكالة متاحف فرنسا إعداد البرامج العلمية والثقافية لدى اللوفر أبوظبي، والمساهمة في وضع الأسس الإدارية والتنظيمية المتعلقة بالمتحف فضلاً عن وضع الأنظمة والقوانين العامة لزيارة المتحف. كما ستقوم الوكالة بتنظيم دورات تدريبية للكوادر الإماراتية حول آلية عمل المتاحف، بالإضافة إلى إعداد برامج تدريب مخصصة لهذه الكوادر في المتاحف الفرنسية.

هذا وستتم إعارة الأعمال الفنية وفق جدول زمني تنازلي على مدى عشرة أعوام، حيث سيتم عرضها خلال فترات تمتد من ستة أشهر إلى عامين، ومعظمها على مدى عام واحد، وذلك وفق متطلبات الصيانة والحفظ.

وستعرض اللوحات الفنية ضمن نظام تناوبي يحدد وفقاً لمتطلبات الحفظ، بينما ستُعرض الأعمال الفنية الأثرية لمدة أطول. ومع تزايد عدد المقتنيات الدائمة لدى اللوفر أبوظبي، ستنخفض عدد المعروضات المُعارة من المتاحف الوطنية الفرنسية. كما سيتّبع اللوفر أبوظبي أعلى المعايير الدولية والمتطلبات الخاصة في ما يخص عمليات نقل وعرض وحفظ المقتنيات الفنية.

ويضم اللوفر أبوظبي، الذي جاء تأسيسه ثمرة لاتفاقية تعاون بين حكومتي أبوظبي وفرنسا عُقدت في العام 2007، أعمالاً فنية ومخطوطات وقطعاً فنية تتميز بأهميتها التاريخية والثقافية والاجتماعية من حقب ما قبل التاريخ وصولاً لوقتنا المعاصر.

وستكشف الرواية السردية للأعمال الفنية، التي تقوم على رؤية مبتكرة، العلاقة التي تربط بين تقاليد الفنون من منظور عالمي لا يستند الى تصنيف المقتنيات الفنية حسب التسلسل الزمني للتعبير عن انفتاح وتمازج مختلف ثقافات وحضارات العالم.

ويأتي الإعلان عن الأعمال الفنية المعارة في أعقاب النجاح الذي حققه كلّ من معرضي "نشأة متحف" اللذين أقيما في أبوظبي خلال عام 2013 وفي متحف اللوفر بباريس من 2 مايو إلى 28 يوليو 2014، حيث عرضت تشكيلة من الأعمال الرئيسية من مقتنيات اللوفر أبوظبي الدائمة.

ومن أبرز الأعمال الفنية التي عُرضت تمثال "أميرة من باختريا" يعود تاريخه إلى أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد، و"سوار مزين بأسدين" من الشرق الأوسط، ولوحة بعنوان "أمير شاب منكبّ على الدراسة" رسمها عثمان حمدي بك في عام 1878، ولوحة "الأولاد وهم يتصارعون" للفنان بول غوغان من عام 1888.

كما عرضت أعمال فنية حديثة ومعاصرة لعمالقة الفن مثل "تشكيل بالأزرق والأحمر والأصفر والأسود" للفنان بييت موندريان، والتي كانت جزءاً من مجموعة إيف سان لوران وبيير بيرغ، ومنحوتة للنحات الأميركي ألكسندر كالدر التي عُرفت باسم "متحرّك - بدون عنوان" والمستوحاة من موندريان، وسلسلة من تسع لوحات للرسام الأميركي الشهير سي تومبلي.

وينظم اللوفر أبوظبي مجموعة متنوعة من البرامج العامة تمهيداً لافتتاح المتحف بما في ذلك المعارض، وعروض الأداء، والحوارات التي تشارك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين، بما في ذلك الدورة الرابعة من سلسلة "اللوفر أبوظبي: حوارات الفنون" التي ستنطلق في شهر أكتوبر.

يذكر أن عمليات الإنشاء في موقع اللوفر أبوظبي تتطور بشكل متسارع، وبدأت تظهر ملامح قبة المتحف بشكل شبه كامل، وتم وضعها في مكانها في الموقع. كما تم الانتهاء من عمل مجسم بالحجم الطبيعي لإحدى قاعات المتحف، لتوضيح موادها وأساليب العرض الممكنة. وسيضم اللوفر أبوظبي، الذي يمتد على مساحة 64000 متر مربع، أجنحة وقاعات عرض وممرات وقنوات تستحضر صورة المدينة العائمة على البحر.

ويغطي المتحف قبة كبيرة ومسطحة يبلغ قطرها 180 متراً، مستوحاة من تصميم سعف النخيل المتداخلة، بما يسمح بنفاذ الضوء مشكلاً ظلالاً خلابة.