بغداد: اثار موت الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد خلافا واختلافا كبيرين في المواقف بين الادباء العراقيين وصلا الى حد ان البعض راح يربط موقفه من الشاعر بما يخص سلوكه الاجتماعي ومواقفه ولا يخص شعره .
&&&& احدث رفض اتحاد الادباء والكتاب في العراق نعي الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد انقساما في الوسط الثقافي العراقي ، ففي الوقت الذي يرى البعض ان الاتحاد كان عليه ان يتعامل مع الراحل كشاعر ، رأى البعض الاخر ان الشاعر لاينفصل عن سلوكياته الحياتية ومواقفه، وقد وصل الحال الى ان عددا من الشعراء قدموا استقالاتهم من الاتحاد احتجاجا على هذا التصرف& ومنهم سامي مهدي وعبد المنعم حمندي وعادل الشرقي وجواد الحطاب .

استقالات من اتحاد الادباء
&فقد& اعلن الشاعر سامي مهدي مقاطعته لاتحاد الادباء ، وقال على صفحته على (الفيس بوك): قطعت صلتي بالإتحاد كلياً بعد الإحتلال الأمريكي للبلاد ، وخاصة بعد أن رأيت رئيسه في الأخبار التلفزيونية وهو يلتقي ببول بريمر الذي عينه الإحتلال حاكماً لها ، ورأيت هيآته الإدارية وهي تتخذ من الأدباء ، ولاسيما المبدعون البارزون منهم ، مواقف سياسية ثأرية – انتقامية ، وتجلى هذا بوضوح في موقفها من الشاعر الكبير الراحل يوسف الصائغ عند وفاته . وهاهي تفعل الشيء نفسه في موقفها من الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد عند رحيله ، رغم أنهما كانا أديبين مستقلين ، لا يُزايَد عليهما في إبداعهما ووطنيتهما ، وإن كانت لكل منهما قناعاته الخاصة شأنه شأن كل أديب ، اتفقنا معه أم لم نتفق . أنا شخصياً كنت على خلاف معهما في كثير من الأمور .
واضاف :إن اتحاداً هذه هي مواقف هيأته الإدارية لا يريحني أن أحسب عليه أو يحسب عليّ ، ولذا أعلن لأصدقائي الأدباء في العراق وفي بقية الأقطار العربية قطيعتي النهائية معه .
& كما ان الشاعر عبد المنعم حمندي اعلن استقالته من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق قائلا : :بعد أن حدث الزلزال وجاء الاحتلال واستولى عليه الذين رفضوا إدانة الاحتلال ومقاومته بالقلم وهذا أضعف الإيمان قررت مفارقته وهو أقسى قرار اتخذته في حياتي لانه أشبه بفراق حبيبين عاشقين لايقويان على البعاد ،وكم عانيت من شدة الشوق لكل زاوية فيه وكل شجرة وكل ركن وهواء..! وبقدر لهفة الشوق تجذّر قرار الفراق مع كل فعل مضاد تتخذه إدارته الحالية بدءاً من استقبالهم اتباع الاحتلال وصانعيه وانتهاءً برفض نعي الشاعرين الكبيرين يوسف الصائغ وعبدالرزاق عبد الواحد .
واضاف: ان قرارهم الأخير بعدم نعي الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد القشة التي قصمت ظهر البعير ، ومنها أعلن :أنا عبد المنعم حمندي الشاعر الذي أصدر أحد عشر كتاباً استقالتي من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ولا يشرفني ان يولّى على إدارته من يخلط الدم بالحليب ولا يميّز بين الندى والسراب وهو مثقل بالضغائن.

الخلاف سمة الوسط الثقافي
من جهته دعا الشاعر والناقد علي الفواز الى عدم تضخيم الموضوع وقال : الاتحاد مؤسسة نقابية ومن حق المنتمي لها أن يستقيل منها، ورغم طبيعة& الاسباب المؤدية للاستقالة وهي خيار شخصي، الأّ أن موضوع رثاء& الشاعر& عبد الرزاق عبد الواحد يمكن وضعه في سياق الحوار الثقافي& بين& المثقفين العراقيين، لأن الحالة تحولت الى نوع من أدلجة الزمن الثقافي، والموقف من شاعر ما& له مواقفه التي أثارت حولها جدلا .
واضاف: ادعو الجميع الى عدم تضخيم الموضوع، لأن الخلاف الثقافي حول& قضايا كثيرة بات سمة واضحة في المشهد الثقافي، وعلى الجميع أن يقبل النقد والملاحظة، وبدون حساسية أو مواقف متشجنة، لأن موقف البعض من الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد يخص سلوكه الاجتماعي ومواقفه، ولايخص شعره، وهو ماينبغي الوقوف عنده& والتعاطي معه بمسؤولية لاننا& سنواجه الكثير من المشاكل التي تخص مواقف من الدولة والهوية والارهاب، وهو مايعني تغليب لغة الحوار بدل التخوين والمقاطعة، والتي تكشف في جوهرها عن هشاشة البنية الثقافية، وللاسف& الوعي الثقافي أيضا...

ارتباط بظرف سياسي
& اما الشاعر جمال جاسم امين فقد اكد ان المسألة مرتبطة بظرف سياسي ،وقال: اظن ان تقييم حجم ومكانة الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد لم تكن مسالة فنية محضة بل هي مرتبطة بظرف سياسي معروف للجميع ، ظرف شائك ومعقد ولذا فأن تحميل الاتحاد ثقل مثل المسؤولية امر فيه الكثير من التعسف . واضاف :اتحاد الادباء واجهة مهنية لا غير ينبغي ان لا نجره الى مماحكات حادة من هذا النوع ، المسالة تتعلق بمحاكمة فترة عصيبة مر بها العراق و ليست تقييم شاعر .. اتمنى ان لا يسود الانفعال في حواراتنا لانه بلا طائل.

خذل شاعريته ولكن
الى ذلك كان للكاتب صباح عطوان رأي ، فقال : لا شئ إختلف عليه الناس هذه الأيام، أكثر من إختلافهم على تصنيف وضع الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد..فمازلت دائخا ،تحت تأثير فوضى الهجوم عليه من جهة ،واندفاعات الترحم عليه من جهة اخرى..وفي إعتقادي الراسخ إنهما بكلتيهما يمثلان عملة بوجهين متشابهين، لتصادم إرادتين سياسيتين ، طائفيتين ، بإمتياز..بذا ينحسر الموقف الوطني قليلا عنهما!! فمن يشعل هذا الهجير، تصادم محبي النظام السابق بمخالفيهم..!والشاعر يمثل طرفا محددا بوضوح..!! .
&واضاف: المؤسف في إعتقادي ان عبد الرزاق عبدالواحد قد خذل شاعريته،بتوظيف موقفه الشعري لأمر مرفوض..واستبدل بذلك الحس الوطني، لحس لنمطية شخصية ،وولاء شخصي لصدام حسين، وانسحب هذا، فإتسع ليشمل ولاء لداعش إن صح مانشر.. لقداصطف لولاء جذرّه بشعره ، وبذرّه بتواصله مع تداعيات سقوط النظام.. بذا ترك موته الناس في حيرة حول الحياة التي عاش.. وكنت اقرأ واسمع عنه منذ ستينات القران الماضي، كشاعر شيوعي مرموق، دون ان اقرأ شيئا من شعره.
&&& وتابع: كان عبد الرزاق عبد الواحد يذوب حبا بإهل البيت.. وكان الحسين مثله الأعلى .. لكن المحيّر ان تحب الحسين وتذوب شقيا في هواه..وانت توائم قوما جفاة، حفاة اناس جاؤوا بمعاولهم لتهديمه، ونبش قبره..؟! شئ لا يشبه شئ تماما!!..
& وختم بالقول : نعم..لا احد يوافق عبد الرزاق على فكره التبعي للقائد الضرورة، وتبجيله لنوازع صدام ،ومغامراته.. فهذا غير مفهوم تاريخيا ،او ادبيا ،او اجتماعيا ،وانتهاك لضحايا ذهبوا مئات دون ذنب.. لذلك يذكرني عبد الرزاق احيانا بشعراء السلاطين ومرتزقتهم ..ووعاظهم وسدنتهم.. لكن..رغم هذا وذاك.. يتبقى للرجل ملف من حياته، او جزءا من ملف لشعر كانت تقرأه الناس.. ويحتفى بمثله في المحافل.. ومن كان منكم بلا خطيئة.. فليرمه بحجر..؟!

مطالبة بسحب الثقة من الاتحاد
اما الكاتب اياد الزاملي فقد طالب بسحب الثقة من الاتحاد ، وقال : اتحاد الادباء وقع في شر اعماله وورط نفسه في امر سيكون عارا على مجلسه التنفيذي الحالي عندما رفض نعي الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد كي يجامل في ذلك من اصبح مطية لهم واذا بهؤلاء انفسهم راحوا ينعون الشاعر الراحل ورب ضارة نافعة جعلت الكثير من مؤسسي واعضاء هذا الاتحاد يقدموا استقالاتهم في فضيحة كشفت عورة هذا الاتحاد ونجدها فرصة لاعضائه الاسراع الى سحب الثقة عن هذا المجلس والدعوة الى انتخابات مبكرة علها تفرز مجلس تنفيذي جديد اكثر شجاعة واستقلالية من هذا المجلس الذي افرغ هذه المؤسسة الثقافية العريقة من محتواها الحقيقي وجعل منها فقط بار ومطعم والثأر من هذا وذاك ! ..

شاعر كبير اضاع مجده
اما رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فاضل ثامر فقد اكد ان عبد الرزاق عبد الواحد شاعر كبير أضاع مجده وظلم شعبه، وقال : اثار رحيل الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الكثير من السجال والجدل والحوار، فهناك من يحتكم إلى عطائه الشعري ويرى اننا يجب ان نؤبنه ونستنكر انجازاته الشعرية، وهناك من يحتكم إلى مواقفه السياسية المتأخرة ويرفض اظهار ايّ شكل من أشكال التبرير للدور الذي نهض به في تلميع صورة دكتاتور عانى الشعب العراقي الويلات من ساديته وسياسته واستبداده، وايضا بسبب قصائده المتأخرة التي ظل يمجد فيها رموز النظام الدكتاتوري المقبور، ويحرض فيها على العنف والارهاب ضد الشعب العراقي الذي وصفه بـ "الهمج".
واضاف: هناك اليوم من يعتب على الادباء والكتاب والشعراء العراقيين ويتهمهم بعدم إنصاف الشاعر الراحل، وأقولها مرة أخرى اننا لا يمكن ان نختلف على شاعريته وانجازاته ومكانته، ولكننا ايضا لا يمكن ان نعزل ذلك عن مواقفه السياسية وقصائده التي كانت عاملا خطرا في إذكاء نار الحروب التي شنها الدكتاتور صدام حسين آنذاك والتي تسببت في قتل مئات الآلاف من ابناء شعبنا فضلا عن تبريره لجرائم الابادة التي ارتكبها الدكتاتور ضد الشعب الكردي والمحافظات التي انتفضت ضده عام 1991 بعد فشل احتلاله المخزي لبلد عربي شقيق مسالم هو الكويت، وكان بالإمكان ان نضع هذا التاريخ جانبا، اذا ما عمد الشاعر الى الصمت او التراجع او الاعتذار بعد سقوط الطاغية، لكنه تمادى في مواقفه، بعد ان وجد الدعم المادي والمعنوي له للسير في هذا الطريق، فراح يناصب الشعب العراقي العداء منطلقا من مسلمات أيتام النظام الدكتاتوري من الصداميين وفتاوى التكفيريين والإرهابيين باتهام كل عراقي لم يدافع عن حكم الطاغية بالخيانة، من خلال مغالطة مكشوفة تتمثل في الحديث عن الاحتلال الامريكي للعراق والصمت ازاء جرائم النظام السابق، مما يعني ان ادانة الاحتلال لم تكن لتدنيسه ترابنا الوطني وهو أمر أدانته كل القوى الوطنية وكل شرائح المثقفين بل لأنه كان العامل الخارجي الذي ادى إلى إسقاط نظام الطاغية، وهو أمر كنا نود ان لا يتحقق بهذه الطريقة من خلال تمكين قوى الاحتلال لتدمير مؤسساتنا بل من خلال انتفاضة شعبية قادرة على الإطاحة بالنظام الدكتاتوري، وهي إمكانية برزت فعليا من خلال الانتفاضة الشعبية عام 1991 والتي تآمرت عليها القوى الرجعية والطائفية العربية بمباركة الولايات المتحدة التي وافقت على إعادة الحياة إلى النظام المهزوم وتمكينه من سحق الانتفاضة الشعبية، والعودة إلى الحياة تحت مظلة الحصار والاحتواء.
وتابع : لذا فنحن نقول بصراحة إننا لسنا ضد الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد لكننا ضد السياسي عبد الرزاق عبد الواحد الذي وظف شعره للإساءة للشعب العراقي بكل شرائحه ومكوناته ولتبرير كل الأفعال والجرائم التي كان يرتكبها الإرهابيون التكفيريون والأيتام الصداميون ضد الشعب العراقي.
وختم بالقول :نشعر بالأسى والرثاء لشاعر أضاع نفسه وظلم شعبه وارتضى أن يكون أداة للعنف والإرهاب وسلطة الطغاة.
&