&لندن: يتناول الدكتور إبراهيم الحيدري في كتابه الجديد الصادر عن دار الساقي بيروت 2015 موضوع الإرهاب وانتشاره في جميع أنحاء العالم، ويبحث خطورته وحساسيته وتعقيده ونتائجه الوخيمة على المجتمع والفرد، وذلك عبر دراسته من الناحيتين السوسيولوجية والسيكولوجية. كما يعالج الكتاب سوسيولوجيا العنف والاتجاهات النظرية في تفسيره وعلاقته بالطبيعة البشرية مستعرضا أهم النظريات التي عالجت العنف والإرهاب، وفي مقدمتها نظريات العقد الاجتماعي، بدءاً من هوبز ولوك، مروراً بماركس وفرويد وابن خلدون، وصولاً إلى فوكو وهابرماس.
يتضمن الكتاب مقدمة وخمسة فصول. يبحث الفصل الأول في سوسيولوجيا العنف وعلاقته بالطبيعة البشرية. كما يبحث في إشكالية الإرهاب من حيث تعريفه وتاريخه وأسبابه وكذلك دور المنظمات الإرهابية المختلفة في نشر العنف والإرهاب.
اما الفصل الثاني فيتضمن مبحثا في الثقافة والعنف من حيث سياق التثقيف وتأثيره على شخصية الفرد ونمو ميوله نحو الحب والتعاون والعمل او نحو الكراهية والعنف والإرهاب .كما يبحث في وجوه العنف المتعددة كالعنف المضاد والعنف العرقي والعنف الديني المقدس والعنف الجنسي وغيرها.
ويركزّ الفصل الثالث حول مفهوم الأصولية في الشرق والغرب التي ترتبط بالحركات الدينية وخاصة حركة الصحوة الإسلامية التي تعم منطقة الشرق الأوسط بصورة خاصة.& وكذلك جذور الفكر السلفي الجهادي الذي يعود الى الفكر الوهابي الذي يعتمد على النقل وليس العقل. كما يبحث في أهم الحركات الإسلامية الأصولية المتطرفة وعلى رأسها حركة الاخوان المسلمين وتنظيم القاعدة واخواتها وتفرعاتها وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وما قامت به من قتل جماعي وسبي وتشريد . إضافةً إلى الأصوليات الدينية الأخرى، كاليهودية والمسيحية، وكذلك الحركات الثورية التي خرجت على السلطة في الإسلام كالخوارج والحشاشين وغيرهما.
ويتضمن الفصل الرابع تحليلا سوسيولوجيا لظاهرة الإرهاب. فالإرهابي لا يوّلد بالضرورة إرهابيا وانما يصبح الإرهابي كذلك بفعل عوامل عديدة اجتماعية واقتصادية وعقائدية وسياسية. ولذلك فالإرهاب هو صنيعة من صنائع المجتمع، مركزين على سيكولوجية الإرهاب ودوافعه، حيث يعيش الإرهابي حالة نفسية وأفكار متطرفة يعتقد بها الى درجة الهذيان. فهو يكفر ولا يفكر، وذلك بسبب ثقافة العنف وحملات التحريض الديني وغسل الدماغ وأخذ حبوب الهلوسة وغيرها وكذلك ذوبان الشخصية في الآخر والاحتماء به. إضافة الى صدمة الحداثة ودخول عناصر الحضارة والمدنية الغربية من الأبواب الخلفية.
أما الفصل الخامس والأخير فقد تضمن بحث مفهوم التسامح وثقافة التسامح وكذلك نشأته في التاريخ واهتمام الأديان به وخاصة الاسلام والمسيحية، مركزا على دور عصر التنوير وفلاسفته في نشر مفهوم التسامح وتعميقه من جون لوك الى فولتير وكانت الى غاندي ومانديلا وغيرهم. كما تطرق الى أهمية لائحة حقوق الانسان التي صدرت من اليونسكو وكذلك مبادئ الأمم المتحدة من اجل التسامح وتعزيزه.
وفي الأخير حاول المؤلف قدر الإمكان رصد جميع حالات العنف والإرهاب وتحليل اسبابهما ودوافعهما الانثروبولوجية والسوسيولوجية وغيرها، وكذلك تأثيراتها الاجتماعية والنفسية والأخلاقية على الفرد والمجتمع.
&