إيلاف: خصص الصحافي الفرنسي دافيد تومسون كتابه "العائدون" للحديث عن شباب فرنسيين غادروا بلدهم إلى سوريا والعراق للمشاركة في ما يسمّونه "الجهاد"، ليعودوا بعد فترات تطول أو تقصر، بعضهم يعاني من خيبة أمل وإحباط، وبعضهم الآخر غاضب، وراغب في توجيه ضربات إلى من حوله.
قناعة متجذرة
هذا الكتاب هو ثمرة جهد استمر خمس سنوات، بذله تومسون، الذي كان يعمل مراسلًا لإذاعة فرنسا الدولية في تونس، بذله في متابعة شباب مجهولي الهوية بشكل عام، لكنهم يمثلون شريحة لا بأس بها في فرنسا، حيث لتقاهم وتحدث إليهم، ونقل قصصهم وأفكارهم.
السلطات الفرنسية لا تأخذ خطر الجهاديين العائدين على محمل الجد |
نلاحظ من المعلومات الواردة في الكتاب أن بعض هؤلاء مقتنعون تمامًا بأيديولوجية من الصعب تغييرها، ما يعني أنهم يمثلون خطرًا كبيرًا على بلدهم ومجتمعهم الفرنسي.
تذكر الأرقام الرسمية أن هناك حوالى 1100 فرنسي غادروا إلى سوريا منذ عام 2012 مع زوجاتهم وأطفالهم في غالبية الأحيان، ويعرض لنا الكاتب قصة شخص اسمه بلال، كان أول فرنسي تمت ملاحقته في تركيا، بسبب تهم تتعلق بالإرهاب، أو قصة شخص آخر استخدم اسمًا مستعارًا، وقال إنه كان غبيًا عندما غادر إلى سوريا، وأكد أنه لم يرغب في المشاركة في القتال، بل عمل سائقًا لدى تنظيم داعش. ويؤكد أنه استرد وعيه لاحقًا، وقرر العودة، فقام بالاتصال بالقنصلية الفرنسية، وسلم نفسه إليها.
الاصطدام بواقع آخر
قصص أخرى يرويها حول شباب أصيبوا في المعارك بعد مضي أسابيع قليلة من وصولهم، وينقل الكاتب عنهم قصة فرارهم من مواقع القتال إلى الخطوط الخلفية، ويلاحظ أن واحدًا من كل أربعة فرنسيين غادروا إلى سوريا فرّوا منها لاحقًا، وعادوا إلى بلدهم وهم مصابون بخيبة أمل.
بعض القصص تثير شعورًا بالشفقة أكثر من الخوف، مثل قصة أحدهم الذي حاول إقناع المحققين بأنه كان في إجازة في تركيا، وأنه استغرق في النوم في سيارة أجرة، ليجد نفسه عند الاستيقاظ في سوريا.
وتقول إحدى العائدات إنها شعرت بخيبة أمل، لكنها راحت تسخر من مساعي الحكومة الفرنسية إلى تطبيق برامج لمكافحة التزمّت والتطرف لدى شباب ضائع، ربما تمثله هي. أحد هؤلاء العائدين يقول إنه يكره فرنسا، ولكنه لا يكره الفرنسيين، ثم يدعو خلال حديثه إلى قتلهم.
تخبط أمني
يلاحظ الكاتب من جانب آخر أن السلطات الفرنسية تتخبط وتعتمد أسلوب التجربة والخطأ، ولا تعرف كيف تتعامل مع شريحة قد تمثل خطرًا كبيرًا جدًا على فرنسا.
اللجنة حيّت شجاعة الصحافي تومسون (36 عامًا) وجرأته ونزاهته وتكريسه خمس سنوات من عمره لهذا المشروع. ويقول الكاتب إنه لن يواصل العمل على هذا الموضوع، لاعتقاده أنه تطرّق إلى جميع محاوره وتفاصيله.
يذكر أن تومسون سيغادر إلى الولايات المتحدة، حيث سيكون مراسل إذاعة فرنسا الدولية هناك. وقد حصل على جائزة ألبير لوندر عن كتابه "العائدون".
التعليقات