&

أكدت السفيرة د.هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية - رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في كلمتها أمام منتدى وزراء الثقافة الصيني – العربي على هامش الدورة الرابعة لمهرجان الفنون العربية، والذي يقام تحت عنوان "التواصل بطريق الحرير والترابط بين قلوب الشعوب" في مدينة تشنغدو الصينية أن منتدى التعاون العربي الصيني أسهم منذ التوقيع على إعلان تأسيسه سنة 2004، في تعزيز علاقات التعاون وتثبيت أواصر العلاقات العربية الصينية التي تمتد جذورها إلى قديم الزمان، زمن يزيد عن 2000 عام، ربط فيه طريق الحرير القديم الصين بالدول العربية ربطاً وثيقاً وترك تراثاً نفيساً يجسد مجد وروعة الحضارتين الصينية والعربية. ولبعد المسافة بينهما استعملت الصين مجازاً للبعد والاستحالة والمشقة إذ حث الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته على طلب العلم ولو في الصين وما تدل مقولته صلى الله عليه وسلم إلا على تلك العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الصين والدول العربية منذ القدم.

وقالت أن الصين تعتبر وبحق أحد أهم الشركاء الدوليين للدول العربية، تربطهما روابط تاريخية وثقافية متميزة، ولديهما سجل تاريخي من العلاقات الودية والمواقف المؤيدة والداعمة للطرفين في القضايا التي تهم الجانبين، معتمدين في ذلك على الثقة المتبادلة والإرادة السياسية والشعبية لدى الجانبين للمضي قدما في عملية تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبما يصون الأمن والاستقرار ويحقق المصالح المتبادلة لهما. ولقد شكل التنسيق بين الجانبين العربي والصيني في إطار منتدى التعاون العربي الصيني نقلة نوعية حقيقية في كافة المجالات، وساهم في توطيد الصداقة العربية الصينية ودفع التعاون في مبادرة "الحزام والطريق"، هذه المبادرة التي من شأنها أن تسهم في تعميق وتوسيع مجالات التعاون والارتقاء به بين الدول العربية والصين إلى مستويات أعلى خلال المرحلة القادمة من مسيرة منتدى التعاون العربي الصيني، والتواصل والاستفادة المتبادلة في المجالات المختلفة والارتقاء بمستوى العلاقات العربية الصينية.

وإن جامعة الدول العربية حريصة كل الحرص على تطوير هذه العلاقات واستمرارها وإنجاح أهداف المنتدى الذي أصبح جسراً للتواصل والاتصال بين المجتمعين العربي والصيني تعبر عليه الثقافات ونتبادل من خلاله الحوار لتحقيق المصالح المشتركة وذلك في إطار الفعاليات التي يتضمنها البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون العربي- الصيني بين عامي 2018-2020، والإعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص ببناء الحزام والطريق، اللذان تم التوقيع عليهما من قبل وزير خارجية جمهورية الصين الشعبية وأمين عام جامعة الدول العربية في الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي عقد يوم 10 يوليو 2018، ببجين تحت شعار (التشارك في بناء الحزام والطريق وتعزيز التنمية السلمية والعمل معا لدفع الشراكة الاستراتيجية الصينية ـ العربية في العصر الجديد).

وأوضحت أبو غزالة أنه إيمانا من جامعة الدول العربية بأهمية التقارب الثقافي بين الدول العربية والصين، وبأهمية الترجمة في تعزيز هذا التقارب بين الجانبين، قامت الأمانة العامة لجامعة الدول بتوقيع مذكرة تفاهم بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والهيئة العامة للإعلام والنشر لجمهورية الصين الشعبية حول التعاون في "مشروع الترجمة والنشر للكتب العربية والصينية والأعمال الأدبية"، سنة 2010، وقد جاء هذا الأمر تجسيداً لبيان الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، حيث اتفق الطرفان

على ترجمة ونشر المؤلفات العربية والصينية في مجالات التاريخ والأدب الحديث والمعاصر وكتب الأطفال، حيث تم الاتفاق على أن يقوم كل طرف بترجمة مجموعة من الكتب من لغة الطرف الآخر سنويا ويتم نشرها في نفس السنة، وقد شكلت لجنة متخصصة من الجانبين العربي والصيني لتحديد أصناف الكتب، وقد تم بالفعل ترجمة الكتب وإيداع نسخة منها في المكتبة الرقمية العربية الصينية التي تم إطلاقها خلال الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي.

ورأت إن المنتدى الثقافي يأتي تأكيداً على حرص الجانبين العربي والصيني على تعزيز العلاقات في المجال الثقافي، هذا المجال الذي يعتبر وسيلة للقضاء على الجهل والتخلف من خلال الدفع بالعنصر البشري نحو طريق الإبداع والتميز وصقل المواهب، كما يعتبر من أهم المجالات المعنية ببناء العقول وتنمية الإنسان في وقت تتعرض فيه حضارتنا العريقة وثقافاتنا الأصيلة لموجة من التشويه وإدخال القيم والمفاهيم الغريبة ذات الأثر البالغ على أفكار وتوجهات الشباب. ولعلكم تتفقون معي أن للشباب دوراً محورياً في دعم التعاون الثقافي العربي الصيني وجسراً لتبادل الثقافات بين المجتمعين. وعليه فإنني أدعو وأؤكد من هذا المنبر على ضرورة الاهتمام بالشباب وبوسائل الإعلام والاتصال الحديثة التي يستخدمونها، والتي باتت تشكل ثقافتهم ووعيهم الثقافي، وأصبحت جزءاً هاماً من البناء الثقافي في مجتمعاتنا، ومسؤوليتنا نحن اليوم تتمثل في إيصال الرسالة إليهم حول أهمية التبادل الثقافي وفي حسن استخدام وسائل الإعلام والاتصال كجزء من الهيكلية الثقافية التي نسعى لتأسيسها، هيكلية قادرة على التعامل مع مستجدات العصر والتحديات الثقافية الكبيرة، التي فرضتها علينا العولمة وانفتاح الفضاءات الإعلامية وقادرة أيضاً على الحفاظ على الهوية الثقافية والانتماء للوطن.

وأكدت أبو غزالة إن الحضارات إنما خُلقت لتتحاور وتتعاون لا لأن تتصارع، ولعل هذا ما يحفزنا على مضاعفة الجهود والإيمان اليقيني بأن فرص التعاون والشراكة بيننا متعددة الجوانب وأن تعميق مفهوم التعاون الثقافي بيننا سوف يسهل علينا سبل التعاون في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن الثقافة هي الضمان الحقيقي لتحقيق السلام والمحبة والتقارب بين الشعوب والأمم. وإنني على يقين بأن لقاءنا اليوم بما يتضمنه من فعاليات سيؤسس لتعاون حقيقي مثمر وبناء بين الجانبين على درب التقارب الحضاري والثقافي بين الشعبين .