مسرحية ماكبث شكسبير ليست مجرد مأساة القتل والشعور بالذنب والندم ولكن أيضا قصة الحرب. هو أسوأ تصور كحل لمشاكل السياسة. وخلق الازمات كما يطلق استمرار للسياسة بوسائل أخرى الحرب، برزت أوروبا من خلال الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، الدكتاتورية العسكرية والسياسيين في قبعة المجانين، وعقليات القرون الوسطى والسحر وأشباح القلعة.ماكبث يختار الجغرافيا ليبقى دائماً في التاريخ, ماكبث ونوبات الصرع وعشق شهوة السلطة على خشبة المسرح الملكي الكبير دراماتن في ستوكهولم عرض مسرحية ماكبث" للكاتب "وليم شكسبير" واخراج مدير المسرح الملكي الفنان ستيفان فالديمار وتمثيل راين برينولفسون بدور ماكبث والممثلة لينا اندريه بدور ليدي ماكبث، يوريا الستيد، اوريان رامبري،توماس هاسون، هانس كلينج، بير ماتسون، يوناس برستروم، جون كارلسون. وخلاصة مسرحية "ماكبث" .. هي إن القائد العسكري ماكبث يقتل الملك دنكان عندما كان الملك يقوم بزيارة ماكبث والزيارة كانت تعبيرآ منه عن الشكر والتقدير لقائده العسكري الشجاع, بعد أن إنتصر هذا القائد في معركة كبيرة ضد أعداء أسكتلندا التي تدور فيها الاحداث هكذا قام ماكبث بقتل الملك وهو يزوره في قصره بتحريض من زوجته ليدي ماكبث. ماكبث وطموحه وحلمه أن يصبح ملكآ بدلآ من الملك الشرعي بعد إنتصاره في المعركة العسكرية، وهذه مشكلة إنسانية تتكرر عبر مراحل الثأريخ المختلفة فغرور العسكريين عند زهو النصرفي الحروب يشعرون بالميل الشديد الي كرسي الحكم، فالسيف ولغة القتل عندهم هو الذي يحقق شرعية السلطان الحاكم. وكان الجنرال ماكبث في بداية الامر مترددآ في إرتكاب جريمته، وهي جريمة تخلو من الشرف والكرامة ومبنية علي روح الغدر والخيانة، دفعته زوجته ليدي ماكبث الحالمة بالكرسي والعرش ولطموحها الجنوني ان تصبح ملكة. وبعد انخراط ماكبث في حياة الجريمة تحول الي رجل مذنب وبدأ كل شيئ يؤرقه وخاصة ضميره وقد ادعنت ارادته بالفعل الي حياة الشر. وتعرف ليدي ماكبث حقيقة زوجها وتكون في مواجهة الامور وأكثر عنادآ نحو الغايات الشريرة تعتبر مسرحية "ماكبث" رائعة وخاصة في مثهد الغدر وقتل الملك والايدي ملطخة بالدماء وقمة المشاهد هو مشهد ليدي ماكبث عارية وهي تمشي إثناء النوم وتحمل مصباح في اليد لكي لايظهر تفاصيل جسدها العاري ,ليدي ماكبث تعيش في حالة الهلوسة والهذيان لقد إختار وليم شكسبير ماكبث شخصية تفوق في دوافعها الشريرة دوافع أي شخصية أخري في أعماله التراجيدية ,ومع ذلك احتفظ شكسبير بقدر من التعاطف معها وإن كان هذا النوع من التعاطف معها الذي لايمكن للعقل أن يبرره .. هناك الساحرات يفرضن لونآ من الحتمية القدرية علي تصرفاته، ناهيك عن إغواءات ليدي ماكبث وتشجيع ودفع ماكبث علي إقتراف الجريمة. وكلما أوغل ماكبث في شروره أثار فيقلوبنا نوعآ من الشفقة الغريبة عليه وخاصة في عزلته ووحشته لأن شبح الجرائم التي إقترفها تطارده في عزلته. ومسرحية ماكبث هي مأساة عقل جسور نخر فيه سوس الطموح، ومع ذلك يبقي ماكبث سجين قصره بعد موت زوجته ليدي ماكبث ويقتل ماكبث بسيف "ماكدف" كما جاء في نبوءة الساحرات ويتولي مالكولم عرش أبيه. اما مسرحية" ماكبث" في المسرح الملكي دراماتن عبارة عن طفرة ثقافية من الناحية الدرامية بالنسبة لسجل المخرج" ستيفان فالديمار" والذي له حضور كبير في الساحة الفنية الابداعية علي مستوي الاخراج المسرحي، وقد حافظ المخرج علي اللغة الشعرية وروعة الحركة الدرامية .وكانت مسرحية "ماكبث" عبارة عن تحفة فنية، وكانت كل كلمة عبارة عن وسيلة لتوليد حركة درامية أوتعبير درامي لخلق الجو الخاص الدراماتيكي . إستطاعت الاسرة الفنية لماكبث من المخرج والممثلين والفنيين ان تثير حركة درامية تعبيرية. خرجت من العرض المسرحي بحقيقة أساسية لايمكن أن تقبل المناقشة وهي ضرورة الممثلين بمساعدة المخرج في فهم النص ولونه العاطفي، وقد وفق المخرج والممثلين علي ترجمة النص الي لغتهم الخاصة والتعبير عن مضمونه وخاصة عندما يضع البطل نفسه فيموقف صعب نتيجة إرتكابه الاخطاء، ففكرة الطموح متأصلة في نفس ماكبث فهو يريد من أعماقه أن يكون ملكآ . استطاع العاملين في مسرحية "ماكبث" أن يحضروا العالم الماضي وشكسبير وهو يمثل أمامنا بشكل فعلي ومقنع، وهكذا يؤكد إننا نعيش جميع الازمنة وفي كل الاماكن وكل ذلك يحصل من خلال اللعبة المسرحية وتيار صيرورتها علي خشبة المسرح . وقد أبدع جميع الممثلين في مسرحية ماكبث في معايشة الدور والأداء التمثيلي الرفيع والعقلاني المبني علي الدوافع عن طريق إدراك جوهر وماهية الشخصية وتجسيد الفكرة ،والمسرح يذكرنا دائمآ بجوهره وعظمته، والحفاض علي عناصر المتعة والتشويق في العرض المسرحي. حاول المخرج والسينوغراف الحفاض علي التباين الموجود مابين مناطق الظل والضوء من خلال الظلام والاجواء الداكنة لأن أحدات المسرحية تدور في الليل وقبل طلوع الفجر . وكان أشد عقاب وقع علي ماكبث وزوجته الليدي ماكبث هو حرمانهما من النوم، ففي هذه المسرحية وأجوائها التأمرية دليل علي روعتها مقتل دانكان ومنظر المشي إثناء النوم وشبح بانكو والساحرات كل اولئك يتجمع ليضفي علي المأساة قوة لاتقاوم. ماكبث هوي الي حتفه بسبب طموحه الغير شرعي والخيانة ووضع ماكبث نفسه في موقف حرج ,نتيجة ارتكابه الخطأ عندما يقتل دنكان ,يضع نفسه في ذلك الموقف الحرج ومن ثم يلقي مصيره وينتهي بالهزيمة والقتل. ومسرحية ماكبث نمودج يصلح لكل العصور فكل دهاقنة السياسة والاجرام عقابهم الوحيد هو الهواجس والكوابيس والحرمان من النوم ونهاية غير سعيدة اما القتل او الانتحار
قبل جائحة كورونا كنا نلتقي ونسافر ولنا صولات وجولات كنا نعيش الفرح والجمال المسرحي ولانخشى التجمعات ولانعرف التباعد الاجتماعي والمسافات مابين واحد وآخر، حاليآ اخشى كل التجمعات بسبب حالة الذعر والخوف والقلق واتبعت سياسة العزلة الاختيارية من أجل السلامة والتأمل, هذه عروض مسرحية شاهدتها قبل جائحة كورونا وإغلاق المسارح في السويد .والمسرح الملكي في ستوكهولم كل سنتين يقيم مهرجان إنغمار برغمان المسرحي العالمي قد يؤجل هذا المهرجان الى سنة ٢٠٢٢ بسبب جائحة كورونا
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد