لوس انجليس: تنفذ الولايات المتحدة الشهر المقبل أول عملية إعدام لامرأة منذ 67 عاماً، مع إعدام ليزا مونتغومري التي أدينت بخنق إمرأة حامل ثم شق بطنها لسرقة طفلها.

هل كانت المجرمة مختلّة عقليا أم لا؟ هل تستحق الموت للجرائم التي ارتكبتها؟ يقع الجدل حول عقوبة الإعدام والأمراض العقلية في قلب الوثائقي "Crazy, Not Insane" (مجنون، وليس مختلاً) الذي يتابع عمل الطبيبة النفسية الأميركية الشهيرة دوروثي أوتناو لويس المتخصصة في المجرمين السفاحين.

حكمت محكمة فدرالية على ليزا مونتغومري (52 عاماً) بالإعدام في 2007. وبعدما قررت حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الصيف الماضي استئناف تنفيذ أحكام الإعدام على المستوى الفدرالي، ورفضت المحكمة الأخذ بعدم المسؤولية الجنائية للمدانة بسبب الجنون، بات بالإمكان إعدام المرأة البالغة 52 عاما بالحقنة القاتلة.

وقالت لويس لوكالة فرانس برس "لا حاجة لأن يكون الواحد طبيباً نفسياً حتى يدرك أن هذه المرأة تعاني من اضطرابات عقلية شديدة جداً (...) فلديها مؤشرات كثيرة تمتّ إلى الذهان".

وأبدت الطبيبة النفسية "ذهولها" لقرار إعدامها موضحة "لا أفهم من أين يأتي كلّ هذا التعطّش للدماء".

قابلت دوروثي أوتناو لويس ما لا يقل عن 22 سفاحاً وفتحت عيادة للمجرمين الشبان. وهي تؤكد أن الاضطرابات التي تقود إلى العنف والقتل هي بصورة عامة نتيجة التعرض لتجاوزات قصوى خلال الطفولة، ولمشكلات عصبية، وليست تعبيراً عن رغبة "فطريّة" في إلحاق الأذى.

وفي سعيهم لتجنيبها عقوبة الإعدام، استشهد محامو ليزا مونتغومري بالتعديات الجنسية التي عانت منها في شبابها والإصابات في الرأس التي تعرضت لها.

يستعرض الوثائقي ملفات العديد من المجرمين السفاحين، وصولاً إلى أحد القتلة الأكثر ضراوة الذين قابلتهم لويس، وهو تيد باندي الذي اعترف بارتكاب سلسلة من عمليات الاغتصاب وثلاثين جريمة قتل على أقل تقدير، وهو نشر الرعب في الولايات المتحدة خلال السبعينات، وتحول بنظر الكثيرين إلى رمز للشر الخالص.

ويؤكد باندي أنه عاش طفولة طبيعية وهانئة، لكن لويس ترى أنه عانى من "اضطراب الهوية التفارقية" المعروف أيضاً باسم اضطراب تعدد الشخصيات، نتيجة التربية العنيفة التي خضع لها مع جده سام.

وتعرض الطبيبة النفسية في الوثائقي رسائل حب كتبها تيد باندي لكنه وقعها باسم "سام"، موضحة أن الذين يعانون من هذا النوع من الاضطرابات غالباً ما يحمون أنفسهم بتقمص هوية الذين مارسوا تجاوزات بحقهم.

وأوضح مخرج الوثائقي أليكس غيبني الحائز جوائز أوسكار لوكالة فرانس برس "دوروثي لا تقول إنه لا يجدر بنا حماية المجتمع من أشخاص كهؤلاء قد لا يكونون قادرين على السيطرة عن أنفسهم وقد يرتكبون أعمالاً عنفية أو جرائم".

ويضيف "إنها تقول فقط إننا نخطئ إذا اعتبرنا أنهم قرروا ببساطة ذات يوم أن يرتكبوا فعل شرّ وأذية لمجرد اللهو والتسلية"، مؤكداً "أعتقد أن التعاطف الشديد الذي تبديه دوروثي مهم، لأننا تستند إلى نظرية علمية".

وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى الفدرالي، وحض مختلف الولايات الأميركية على اتخاذ قرار مماثل، لكن عند صدور مثل هذا القرار، قد يكون فات الأوان لإنقاذ ليزا مونتغومري من الإعدام.

ورأى أليكس غيبني أن قرار إدارة ترمب استئناف عمليات الإعدام "سلاح سياسي قوي" من شأنه "دغدغة غرائز الناخبين الأكثر انحطاطاً".

وأشار إلى أن ترمب ليس الرئيس الوحيد الذي استخدم هذه الأداة، ذاكراً بصورة خاصة عمليات الإعدام والسجن المكثفة التي سمح بها الرئيس الديموقراطي الأسبق بيل كلينتون.

لكن المخرج يشدد على أن ترمب يؤيد عقوبة الإعدام منذ وقت طويل.

ولفت إلى أن "دونالد ترمب خسر هذه الانتخابات، لكنه جمع سبعين مليون صوت. موقفه لا يهم، فالمسألة لا تتعلق برؤية سياسية بل بالقدرة على تأجيج مشاعر غضب ونقمة وانتقام".