بعد الوفاة الغامضة للممثل الهندي Sushant Singh Rajput في 14 يونيو 2020، كثر الحديث في الصحافة الفنية الهندية حول طبيعة الوسط الفني السينمائي الهندي، في مومباي خاصة، و انشغل الرأي العام الهندي بموضوع العائلات الفنية المسيطرة في بوليود.

كاران جوهر، السينمائي الشهير، ابن المنتج الكبير Yash Johar، هو من بين المشاهير الذين أثيرت حولهم الشكوك و التساؤلات بعد وفاة سوشانت، و انتقدته بعض الصحف الهندية و انتقده بعض الفنانين غير المدعومين و غير المنتسبين للعائلات الفنية الكبيرة، مثل الممثلة Kangana Ranaut المعروفة بخلافها القديم مع كاران حول نفس الموضوع، لكن وفاة سوشانت أعادت فتح الخلاف من جديد. الاتهامات الموجهة لـكاران جوهــر و بقية العائلات الفنية في بوليود، هي الاحتكار و السيطرة على توزيع الأدوار و الفرص، و المحسوبية و المحاباة و الواسطة، على حساب مواهب كثيرة غير مدعومة و ليست من العائلات الفنية المعروفة. و في هذه الاتهامات، الكثير من الحقيقة و الواقع، حيث يولد الممثل الهندي ابن العائلة الفنية نجما من البداية، و في أول دور له (أو لها) يكون بطلا و يستمر في أدوار البطولة دون توقف. حالات قليلة لممثلين صعدوا على سلم الشهرة في بوليود بالتدرج، الأغلبية يبدأون نجوما، و بقية الممثلين غير المدعومين يتم حصرهم في الأدوار الثانوية أو بطولات الصف الثاني طيلة مشوارهم الفني. و بما أن كاران جوهر يشتغل أكثر بالإنتاج و أحيانا بالإخراج، و مرات قليلة في التمثيل، فتهمة التمييز و احتكار الفرص موجهة له بشدة، خاصة أنه في أفلامه يعمل كثيرا مع أبناء النجوم و أبناء المخرجين و المنتجين، و يعطيهم أحيانا أحسن الأدوار و البطولات، و أحيانا فرص من ذهب لا تتكرر، و هو ما حدث خاصة مع الممثلة عـالـيـا بهـات، التي ولدت نجمة و جاءتها أحسن الفرص للتمثيل في أفلام كثيرة أهمها أفلام كاران جوهر. و بالنسبة لأفلامه، هي فعلا مميزة، مبهرة، تلفت انتباه حتى غير المهتمين بالسينما الهندية، هو سينمائي ذكي جدا، يحسن اختيار مواضيع أفلامه، و اختيار فريق عمله، هو سخي من حيث تسخير كل شيء لإنجاح أعماله، و رؤيته الإخراجية لأي عمل مميزة و يمكن ملاحظة بصمته على عمله.

فيلمه الأول كمخرج، كان الفيلم الأيقونة Kuch Kuch Hota Hai سنة 1998، و هو نفسه من أنتجه و كتب قصته، من بطولة أفضل ثنائي في بوليود و ربما في العالم، شاروخان و كاجول، و هما من الأصدقاء المقربين لكاران جوهر، و كان لهما معه لاحقا أفلام أخرى ناجحة، و يعتبر كاران من بين السينمائيين الهنود المشاركين في تكريس شاروخان و كاجول كثنائي دائم في بوليود.

فيلمه الثاني كمخرج، أيضا كان ناجحا جدا و له صدى عالمي من حيث الانتشار سنة 2001، فيلم Kabhi Khushi Kabhie Gham، و كان أيضا من بطولة شاروخان و كاجول رفقة أميتاب باتشان و زوجته جايا باتشان و هيريتيك روشان، و كارينا كابور التي كانت في بداياتها.

فيلمه الثالث Kal Ho Naa Ho، أخرجه Nikkhil Advani، لكن كاران هو من كتب القصة و السيناريو، و والده ياش جوهر هو من أنتجه سنة 2003، و تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في الولايات المتحدة الأمريكية، و كان ناجحا جدا، و من بطولة شاروخان مع بريتي زينتا و سيف علي خان.

سنة 2006 أخرج كاران جوهر فيلما ناجحا أخر لكنه مثير للجدل، و قصته التي كتبها بنفسه كانت مغايرة للمعتاد في بوليود و عارضت الصورة النمطية التي اعتمدتها بوليود منذ نشأتها اتجاه العائلة و رابطة الزواج المقدسة، حيث طرح كاران في هذا الفيلم رؤية مغايرة للخيانة الزوجية بسبب عدم التوافق و التكافئ، و مالت القصة نحو عدم التجريم، و سبر أغوار الحياة الخاصة لكل شخصية في القصة و الغوص في تفاصيلها النفسية و الاجتماعية. الفيلم المنتج من طرف والد كاران، لم يرض الرأي العام الهندي في مجمله و معه الصحافة الفنية حينها، لكنه كان مميزا و غير نمطي أبدا، و مرة أخرى كانت البطولة فيه لشاروخان، مع أميتاب باتشان و ابنه أبهيشيك باتشان و راني موخرجي و بريتي زينتا.

سنة 2008، أنتج كاران فيلم Dostana، من إخراج Tarun Mansukhani، هو فيلم خفيف، رومانسي كوميدي، يتعرض للمثلية الجنسية بطريقة هزلية، لكنها جريئة بالمفهوم البوليودي، و جرأة الفيلم كانت أيضا بسبب وجود الممثلة بريانكا شوبرا و الممثل و عارض الأزياء السابق جون ابراهام، و الذي ظهر في بداية الفيلم في لقطات عري صادمة، و كاران جوهر كان متهما في فترة من حياته بالمثلية من طرف بعض المواقع على النت.

سنة 2009 كان لكاران جوهر فيلمان ناجحان كمنتج هما: Kurbaan و Wake Up Sid، أما الفيلم الذي يعتبر علامة فارقة في مشواره الفني كمخرج، هو فيلم My Name Is Khan المنتج سنة 2010 من طرف والده ياش جوهر و زوجة شاروخان غوري خان، الفيلم بطولة الثنائي شاروخان – كاجول، و نجح كما لم ينجح أي فيلم لكاران جوهر من قبل، صداه كان عالميا أيضا.

استمر نجاح كاران جوهر سنة 2012 بأفلام مميزة و بصمات كبيرة في بوليود، من خلال أفلام مثل: Agneepath كمنتج، و Student of the Year إخراجا و إنتاجا و كتابة، و هو الفيلم الذي أطلق عددا من النجوم الجدد أبناء العائلات الفنية المدعومة مثل: عـالـيـا بهـات، Varun Dhawan، Kayoze Irani.

سنة 2013، أنتج أحد أجمل أفلام ديبيكا باديكون و رانبير كابور، فيلم Yeh Jawaani Hai Deewani، و قام بإخراج و كتابة أنطولوجيا هندية بعنوان Bombay Talkies مكونة من أربعة أفلام قصيرة، رفقة عدد آخر من الكتاب و المخرجين. و الأنطولوجيا المكونة من عدد من الأفلام القصيرة، ليست من الأمور المتكررة كثيرا في بوليود، لكنها لما تنجز تأتي في حلة مميزة و جميلة. في السنوات الأخيرة، تميز كاران في عدد من الأفلام كعادته، لعل أهمها، فيلم Ae Dil Hai Mushkil الذي أخرجه و أنتجه و كتب قصته، و لا يمكن الحديث عن مشوار كاران جوهر دون التوقف عند هذا الفيلم، دراما رومانسية غنائية تعرض مشاكل علاقات الحب و تداخلها، فيلم ممتع للفرجة لكنه مؤلم و يحفز المشاهد على التفكير. هذا الفيلم هو أول تعاون بين كاران جوهر و الممثلة الهندية العالمية و ملكة جمال العالم لسنة 1994 أيشواريا راي.

و من أهم أفلام كاران جوهر في السنوات الأخيرة أيضا كمنتج، هو فيلم: Kalank، من إخراج Abhishek Varman سنة 2019، رغم أن الفيلم منجز بطريقة متقنة و لعب أدوار البطولة فيه نخبة من أهم نجوم الهند، إلا أنه لم يحقق في شباك التذاكر ما كان ينتظر منه، حيث حظي باهتمام الصحافة الفنية و الجمهور قبل عرضه الأول، لكن لم يكن له الحظ من ناحية الإيرادات. سنة 2020 - 2021، شارك كاران جوهر في إخراج أنطولوجيا أخرى عبارة عن 4 أفلام رعب هندية، إضافة إلى أفلام أخرى جديدة، بعضها صدر في صالات العرض أو منصات النت السينمائية، و بعضها لا يزال قيد الإنجاز. الحديث عن سينمائي بحجم كاران جوهر يطول، و تقييمه أمر صعب، لا أدري هل وجوده في الساحة الفنية السينمائية الهندية أضاف أكثر لبوليود و ساهم في التغيير و التطوير النوعي للصناعة السينمائية، أم أن أثره السلبي هو و بقية المسيطرين في بوليود كان أكثر من المساهامات الإيجابية، الفصل في هذا الأمر صعب نظرا للمشوار الفني الحافل لكاران جوهر.

مدون و ناشط اجتماعي جزائري