في عام 1978، بدأ العرض الأول لمسلسل Future Boy Conan (فتى المستقبل كونان)، وهو مسلسل أنمي ياباني إنتاج شركة Nippon Animation، واقتبس بالأساس عن رواية "المَدّ الهائل" لألكسندر كي. يقع المسلسل ضمن إطار ما بعد نهاية العالم، وقد أشرف على إخراجه المخرج الياباني هاياو ميازاكي، أحد أعظم مخرجي ورسامي الرسوم المتحركة اليابانية، وبُثّت الحلقة الأولى يوم الرابع من نيسان (أبريل) عام 1978، واستمر بث الحلقات تباعًا حتى نهايتها في الحادي والثلاثين من تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه. ولستُ أدري حينها هل دار في خَلَد الشركة اليابانية المنتجة أنَّ هذا العمل سيُكتب له الخلود لخمسة عقود لاحقة تقريبًا في ذاكرة مئات الملايين من المتابعين في العالم العربي بمختلف أعمارهم؟!
قامت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981 بدبلجة العمل وسُمّي مسلسل "مغامرات عدنان"، وهذه التسمية الرسمية للنسخة العربية من المسلسل، غير أنه اشتهر بالتسمية الشعبية "عدنان ولينا" نسبة إلى بطلي العمل. وقد ألف الأغاني الفنان فخري عودة، ولحنها الفنان عبدالناصر الزاير، وتلا مقدّمة المسلسل سالم حسين الجحوشي، فيما تم تركيب أصوات الترجمة عبر نخبة من فناني العالم العربي. وقد كان لي شرف اللقاء بالمرحوم فخري عودة خلال شهر آب (أغسطس) عام 2017 في مقر مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك بدولة الكويت الشقيقة، وتحدثنا طويلاً عن كواليس دبلجة ذلك العمل. وكان مما تطرقنا إليه هو مقدار التحدي في تحويل مسلسل ممتلئ بالصراع والأعيرة النارية والأسلحة بمختلف أنواعها لتصبح الفكرة الطاغية في الحلقات آتية وسط سياق عذب من جهة حواراته وموسيقاه وتتابع أحداثه، مع شاب نبيل يكافح قوى الشرّ والظلم والعدوان، تدفعه نوازعه الخيرية ونواياه الطيبة لأن يحلّ السلام في العالم وتزدهر المعمورة بالنور ليعيش الناس فيها بأمان. وهنا أتت عظمة النسخة العربية في كلمات الأغاني سواء في مقدمة المسلسل أو خاتمته، مؤكدة أن شخصية "عدنان" هي عنوان المحبة والحنان، متخطيًا المصاعب ومتحديًا إياها، وأن الغلبة ستكون له في نهاية المطاف. هذا المسلسل أصبح لاحقًا أيقونة مسلسلات الأنمي في العالم العربي، وكلما تقادم الزمن على عرضه الأول تضاعفت أعداد مشاهداته على عكس المألوف والعادة في الأعمال الفنية بصفة عامة، وكم شاهدت وسمعت الكثير من المتابعين قد أورثوا أبناءهم مشاهدته لفرط محبتهم له، فيكاد يكون هذا المسلسل برأيي المتواضع من الأشياء الأثيرة في كل بيت، بكل ما فيه من ذكريات خالدة.
خلال الأيام الماضية، زار اليابان سعادة الشيخ مبارك فهد الجابر الصباح، مدير عام مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكانت زيارة عمل حافلة شملت مؤسسات إنتاج رائدة، ومن هناك تم الإعلان عن عودة التعاون بين المؤسسة والأستوديوهات اليابانية بعد أكثر من ثلاثة عقود، وأنه سيتم بحث إنتاج أعمال إبداعية تجمع الهوية الخليجية بالتقنيات اليابانية الحديثة. لا شك أنه خبر سعيد، وأنا على قناعة تامة بأن قادم الأعمال ربما سيكون في مستوى "مغامرات عدنان"، وربما أفضل مع تطور الوسائل التقنية. غير أنني أسوق اقتراحًا لمؤسستنا العزيزة بأن يتم بحث فكرة عمل جزء ثانٍ من "مغامرات عدنان" لنشاهد مثلًا أبناء "القبطان نامق" وأبناء "عدنان" وأبناء "عبسي" وغيرهم، وما آلت إليه الأمور في مجتمعات "الجزيرة المفقودة" و"أرض الأمل" و"جزيرة عبسي". خصوصًا أن بعض أبطال دبلجة النسخة العربية لا زالوا على قيد الحياة – أمدّ الله في أعمارهم ومتعهم بالصحة والعافية – أمثال الفنانين الكبار جاسم النبهان، فلاح هاشم، عبدالرحمن العقل، سناء التكمجي، داود حسين، سالم الجحوشي، عبدالناصر الزاير وغيرهم، مع الاستعانة بالنجوم العرب الشباب. ولن أبالغ إذا قلت إنه في حال دعت المؤسسة المبدعين من الجيل الذي نشأ على هذا المسلسل ليسهموا في كتابة النص والسيناريو والحوارات وتصميم المشاهد وأشكال الشخصيات وغيرها من التفاصيل الفنية، لا أستبعد أن تكون الاستجابة كبيرة وربما مفاجئة. فما يربط جيل "عدنان ولينا" بتفاصيل المسلسل وأبطاله يفوق أي مسلسل آخر. ومن هنا، عبر منبر إيلاف، أعلن أنني أضع كافة إمكانياتي في الكتابة بين يدي المؤسسة دون مقابل في حال تم بحث تنفيذ هذه الفكرة، ودمتم سالمين.
























التعليقات