مُذ نَكثَ المطرُ بوعدِهِ

وأطال في الغياب،

في روحي:

نبتت بساتينٌ للنَدبّ،

زهرُها مرويّةٌ بدمعِها،

ملونةً خرجَت،

بِنَّفَسِ النِّواحِ من الألمِ،

كُلُّ الزهورِ مُحمَّرةً حصراً، من خَجلِ آهةٍ طالما تتسلَّقُها.

مُذ آلفتُ بَردَ نَسيمِ هكذا شتاء،

مغلولةً بأغصانِ شجَرِها، روحي:

تورِّقُ بالحبِّ،

لتتدفأ

لتتمدد،

ولتتفيأ كُلُّ الآهاتِ تحت ظِلِّها.

روحي تلطُمُ نَفسها حين تعودُ إلى جسدي ثَمِلةً.

وهي نَفْسُّها حين تضيعُ وتتسلقُ أنينها، حين لنَفْسِّها تُحاكِمُ.

مُذ أدمنتْ روحي الشِّعرَ:

تتلظى

تنهَشُ في ما يُكَوِّنُها.

لتتجسدَ وطناً كامِلاً كمبضعٍ لوجعِها.

مُذ غابتْ "الطبطباتُ" بين المطرِ وعتبةِ بابي،

في روحي:

سواقي حُزنٍ تجري منفيةً عنها

لا تُبَلِّلُ إلا الرعشة الدائمةَ في خوفِها،

مهدورة الأطراف

غارقةً في وحلِّ منفاها،

ترتدي هواءً يسترُ عُريُّها،

عندها تكونُ قد فاضت عن نَفْسِّها،

وتركت ما تحتها مُحتَرِّقاً بسوادِ عُمرِّها.

مُذ أنقذتُ جسدي من قنينةِ نَفطٍ وقد أحرقتْ كُلِّ الندوبِّ في تَعَبِهِ.

في روحي:

شوائبٌ لا تَقْتَلِّعُ جذورها إلّا:

كلمةٌ في قصيدة.،

إلّا:

رقصةُ حُبٍّ من الذاكِرة.

في روحي:

كُلُّ الأسيجةِ حاملةٌ لموتِ الاحتراق.

إلّا:

ما كان منها سليلة نَّفسِ النشوةِ،

أيّاً كان السائلُ المُراقُ دمُهُ يُسْكِّرُ الوجعَ:

بأبدِّ النَّفَسِ في وجعه،

بأنينٍ لا يعترفُ بغيرهِ.

مُذ أذنت الحربُ باقتناصها،

كُلُّ الساعاتِ المهدورةِ بعيدةٍ عن روحي:

أفاعٍ تلتهم الجسدَ الهزيل منفاها،

تعودُ،

ترحلُ،

ثم تعودُ،

ثم ترحلُ،

لكنها حين تَشطَحُ تخلقُ.

مُذ أن اختلطت عليها الأزمنةُ بين:

يومٍ وأمسٍ وغدٍ،

روحي:

لاعِبةُ كُرة، تركُلُ كُلَّ الكونَ بزفيرِ آنِها،

تهزُ شِباكَ كُلِّ الحياةِ بشهيقها،

وتستريحُ بينهما مُتأمِلةً صمت الإلهِ،

في كُلِّ الخللِ

وبكُلِّ اللحظات.

لم تكنْ مُذ هذهِ، إلّا:

مِزراب العُمرِ

تنتقلُ على عُكازتين من آهٍ ومللِ.

لتدوِّنَ روحي:

تصريح الجلجلة في صلبها.

ولتنفُرَ من يقينِ المُضيِّ في سكرتِها.

هي ليست إلّا:

وعكةَ الخِواءِ في تمكُنِّهِ.

ليست إلا:

الشرنقةَ المتألمة في احتراقِها فراشةٍ.

ليست إلّا:

الرّوح الكونيةَ بينَ:

أنفاسِها وآهاتِها

بين ساعاتِها وأيامِها من جهة

ولحظاتِها من جهةٍ أخرى.

ليست إلّا:

نفيرَ الغُفرانِ في وجودٍ ليس لها.