مسقط: تتراوح نسبة الباحثين عن العمل بين المواطنين بدول مجلس التعاون الخليجي ما بين 7 إلى 15%، في الوقت نفسه يصل عدد العمالة الوافدة في دول المجلس إلى 6 ملايين عامل، ويتعاظم استنزاف الموارد المالية علاوة على أعباء العمالة الوافدة على مرافق الخدمات وغيرها مما يوجد افرازات اقتصادية واجتماعية ـ سلبية عديدة.

ومع تزايد حدة مشكلة الباحثين عن العمل في صفوف الأيدي العاملة الوطنية والحاجة لايجاد الوظائف لمئات الآلاف من الشباب الداخلين إلى اسواق العمل بدول مجلس التعاون سنويا، يحذر العديد من المحللين الاقتصاديين من الآثار السلبية المتعاظمة لهذه المشكلة، الأمر الذي يسلط الضوء مجدداً على الجهود الجماعية التي تبذلها دول المجلس في هذا المضمار.

ويشير مصدر بالامانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى أن الجهود المبذولة حالياً تهدف إلى تشكيل لجنة عليا مشتركة بين الدول الاعضاء لوضع آليات التنفيذ لتفعيل قرارات المجلس الأعلى لقادة دول المجلس التي اتخذت في الدورة العشرين حول كيفية الإستغناء عن الأيدي العاملة الوافدة ووضع استراتيجيات التوطين، مشيرا إلى أن موضوع الأيدي العاملة الوافدة وموضوع توطين الوظائف هي من الموضوعات المهمة التي بحثت على جميع المستويات. فقد أكد قادة دول المجلس على أهمية النظر في النظم والتشريعات والقوانين العمالية التي توصل الأهداف إلى التنفيذ من ناحية توطين الوظائف والحد من استقطاب الأيدي العاملة الأجنبية.فدول المجلس الآن مليئة بالكفاءات الوطنية والمؤهلة علميا وعمليا.

وتتراوح نسبة الأيدي العاملة الاجنبية في بعض دول الخليج ما بين 60% إلى 80% من إجمالي قوة العمل، حيث يصل عددها إلى نحو 6 ملايين عامل. وقد استدعى هذا الأمر إلى بذل جهود إضافية لإعداد القوى العاملة الوطنية إعدادا مهنيا ومهاريا كفوءا بحيث تسهم هذه الأيدي العاملة في تنفيذ خط التنمية، وفي ترشيد الأيدي العاملة الوافدة.

ويرى المتهمون في هذه القضية أن وجود هذه العدد الكبير من العمالة الوافدة تؤثر على فرص الأيدي العاملة الوطنية وتعمل على تدني الأجور بسبب المنافسة، بالاضافة على تأثيرها على الاقتصاد بشكل عام.

ويمكن ملاحظة هذا الأمر من التزايد الحاد في حجم التحويلات المالية للأيدي العاملة الاجنبية التي تخرج من دول المجلس سنويا حيث قفزت خلال الأعوام 1999 - 2002 من 3ر15 مليار دولار إلى 21 مليار دولار وفقا للاحصائيات الرسمية، فيالوقت الذي يتوقع لهذا الرقم بأن يرتفع بشكل أكبر اذا ما أخذ في الإعتبار التحويلات التي تتم مباشرة دون أن تمر بأي من القنوات الرسمية، مما يشكل استنزافا دائما لموارد التنمية بدول المجلس.

وتقول مصادر في الامانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ان دول المجلس تواصل دراسة مشروع الخطة الإرشادية الموحدة لإنشاء نظام نموذجي موحد لمعلومات سوق العمل في الخليج، حيث أن لهذا المشروع أهمية كبيرة جدا، وتهدف خطة العمل للوصول إلىأهدافه النهائية خلال فترة خمس سنوات، وهو مشروع ضخم جداً يحتاج إلى جهد، كما ترمي الخطة إلى ان تزوّد كل دولة خليجية المكتب التنفيذي بمعلومات عن سوق العمل سواء عن السكان أومخرجات التعليم أوالأيدي العاملة. ومن خلال جمع هذه المعلومات يقوم المكتب باعداد الاحصائيات والدراسات لتحليلها لتحقيق الأهداف المرجوة من المشروع والذي يتكون من عدة مراحل أولها تجهيز المكتب باجهزة حاسب آلي تربط بشبكة مع الدول الخليجية والإتفاق على الإحصاءات وكذلك على التواصل الحاسوبي، ثم تجهيز النظام لدعم وتنفيذ توطين الأيدي العاملة الوطنية لدول مجلس التعاون، والذي سيعمل في نهاية الأمر على وتسهيل إنتقال الأيدي العاملة الوطنية بين دول المجلس، بحيث يحصل على نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن في بلده من راتب وتأمين وغيرها من حقوق المواطنة.

وتتفق هذه المصادر مع ما يذهب اليه المحللون الاقتصاديون بشأن التأثيرات البالغة الأهمية لاتجاهات العولمة على أوضاع الأيدي العاملة بدول مجلس التعاون الخليجي. فالعولمة قادمة بشكل يجعل الدول كلها في منظور واحد له دور كبير في تنمية رؤوس الاموال داخل الدول. ويشدد هؤلاء المحللون على أن أهم التحديات العمالية التي تواجه المنطقة تتلخص في عدة نقاط أهمها تنقل الأيدي العاملة غير المنظمة وغير المراقبة سواء الخليجية أو غيرها، ووجود مخرجات تعليم لا تتطابق مع متطلبات سوق العمل، ووجود قوانين عمل بعيدة عن المتطلبات الواقعية لسوق العمل، وايجاد وظائف استثمارية لا تتوافر لها الموارد البشرية الخليجية، وكل هذه الأمور يجب تفاديها بسرعة ولا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه. فهناك قرارات خليجية بهذا الخصوص وكل الدول لديها حاليا أنظمة لأيجاد نوع من الترابط فيما بينها.

إن مخرجات نظم الدول الخليجية هي بمثابة مدخلات للنظام الموحد، الأمر الذي يتطلب أن تتكامل هذه النظم، مما يساعد على وضع الخطط والمرئيات التي تتعامل مع مشاكل أسواق العمل بصورة منهجية وعلمية، تقوم أساسا على توحيد أسواق العمل الخليجية وتكاملها وفتحها بالكامل أمام مواطني دول المجلس الراغبين بالعمل في أي من هذه الدول.