رغم كل شيء.. سورية مثال اقتصادي يحتذى


فادي عاكوم *

رغم الاختلافات السياسية بين سورية والدول العربية والخليجية حول سياستها الشرق الاوسطية والنظام العالمي الجديد، وطريقة تعاطيها مع الملف اللبناني تحديدا، والنقمة العالمية عليها لاتهامها بدعم الارهاب الا ان القيادة السورية تتجه في خط مواز الى اثبات نفسها كورقة اقتصادية صعبة بالاضافة الى السياسية التي نجحوا باثباتها.

فالمراقب للتطورات الاقتصادية السورية يلاحظ دون شك حجم التقدم الذي تحقق على صعيد الانتاج الوطني، فبعد الاجراءات المالية التي اتخذت سابقا خصوصا ما يتعلق بتحويل العملات وفتح الاسواق للمصارف الاجنبية وشركات التامين، بدات سورية بقطف ثمار تحالفها العالمي الجديد مع كل من ايران وفنزويلا .

فآخر الاتفاقات مع ايران اثمرت عن قرب انتاج اول سيارة ايرانية سورية التي ستصنع بمعمل قرب دمشق، بالاضافة الى عدد كبير من المعامل لانتاج الحديد والزجاج المقسى والالات ومحولات الكهرباء والاسمنت ومحطة لتوليد الكهرباء، بالاضافة الى اتفاق ثنائي يقضي بانشاء 50 الف وحدة سكنية في منطقة عدرا، واخيرا انشاء مصرف صناعي مشترك براسمال 200 مليون دولار.

اما فنزويلا فكان لها حصة النفط حيث اعلن مؤخرا بعد زيارة الرئيس الفنزويلي الى دمشق عن حزمة كبيرة من المشاريع الخاصة بقطاع النفط تتعلق بانشاء مصفاة نفط عملاقة وتطوير الانتاج النفطي السوري،اضافة لتفعيل القطاعات الانتاجية، هذا بالاضافة الى تعاون اوروبي سوري في مجالات التطوير الاقتصادي من خلال دعم بعض المشاريع الانتاجية، وفتح الباب على مصراعيه للاستثمارات العقارية الخليجية الضخمة مما سيكون له الاثر المباشر على المستوى المعيشي للمواطن السوري.

فعلى الرغم من سياسة العصا المتبعة من الولايات المتحدة مع سورية ومحاولات التضييق السياسي عليها من خلال تهديدها بفرض العقوبات الاقتصادية، نجحت سورية بمواكبة التطور الاقتصادي الحاصل في المنطقة، كما نجحت بربط اقتصادها مع الدول التي لها تاثيرها الاقتصادي العالمي، مما يجعل مهمة اميركا بفرض العقوبات شبه مستحيلة بسبب التاثير الاقليمي والدولي لهذه العقوبات .

فعلى عكس بعض الدول التي تحولت معارضتها للنظام العالمي الجديد الى كارثة وطنية، استطاعت سورية وكما يبدو من خلال خطط استراتيجية طويلة الامد ان تحول هذه المعارضة الى مصلحة ومكسب وطني سيكون لهم انعكاساتهما ليس فقط حاليا بل على مدى السنوات القادمة .
مستشار إعلامي ومحلل اقتصادي.