القطاع الخاص العربي وإعادة إعمار لبنان

فادي عاكوم *


تدفقت المساعدات المالية والعينية على لبنان عقب الحرب الاخيرة التي دمرت قسمًا كبيرًا من بنيته التحتية، وبيوته وجسوره، وكان لهذه المساعدات اثرها الفعلي على الصعيدين الشعبي والحكومي، فمع بدء ظهور الارقام الحقيقة للخسائر، تتجه الحكومة اللبنانية حاليًا الى استقطاب القطاع الخاص العربي للاستثمار في لبنان خصوصًا نحو قطاع الاعمار الذي هو أكثر القطاعات تضررًا من بين القطاعات الاقتصادية. وقد عقدت الغرف العربية اجتماعها في بيروت لاطلاق شراكة حقيقية بين مجتمع الاعمال العربي والاقتصاد اللبناني في اطار برنامج عمل سيبدأ العمل به في المرحلة المقبلة، هذا بالاضافة الى اعلان شركات عقارية خليجية عدة، عدم الانسحاب من السوق اللبناني بل توسيع مشاريعها لتسد حاجة السوق المستجدة.

والاتجاه اللبناني الى القطاع الخاص يبدو لا بد منه بسبب بطء التحرك الحكومي العائد للبيروقراطية والوقت الذي تحتاجه، كما ان التجربة الناجحة لاعادة اعمار وسط المدينة في بيروت بعد انتهاء الحرب اللبنانية بواسطة شركة سوليدير ستكون الحافز الاساسي لتكرار التجربة في اكثر من منطقة حاليًا، خاصة وان رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة يعتبر عراب سوليدير ومن ابرز من اصروا على انجاح المشروع.

وتنبغي الاشارة الى التنافس على الارض للفوز بالمشاريع سيكون كويتيًا إماراتيًا، سعوديًا، إيرانيًا، خليجيًا من خلال الشركات الرائدة في السوق، وإيرانيًا من خلال مؤسسة جهاد البناء التي لها وجودها في مناطق نفوذ حزب الله منذ 20 سنة تقريبًا مع الاشارة الى تفضيل حزب الله أن تقوم المؤسسة باعادة اعمار الضاحية للحفاظ على الطابع الامني للمنطقة .

ويبدو واضحًا وبسبب الدمار الحاصل أن الاستثمار في شركات الاسمنت ومواد البناء سيكون على راس اولويات المستثمرين، بالاضافة الى قطاع الاعمار نفسه، حيث تشير المعلومات عن عزم الحكومة اللبنانية وضع تخطيط جديد لمنطقة الضاحية الجنوبية المدمرة، لتتم اعادة بنائها وفق المعايير الهندسية الحديثة، ومن المؤكد أن تشهد الاسواق ارتفاعًا كبيرًا لاسعار مواد البناء خصوصًا الاسمنت لعدم القدرة الكافية على تلبية حاجة السوق، كما أن الدول العربية والخليجية التي من الممكن أن تصدر هذه المواد الى لبنان بالكاد تستطيع تغطية حاجة اسواقها .

*مستشار إعلامي ومحلل اقتصادي