تاجر لحوم فلسطيني يرتكب مجزرة أسعار


خلف خلف من رام الله


في غمرة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، برزت على الساحة مؤخراً منافسة شديدة بين محلات اللحوم، حيث أقدم تاجر لحوم فلسطيني من بلدة حوارة قرب نابلس جنوب الضفة الغربية على تخفيض أسعار اللحوم في محله بشكل كبير وهو قاد لتخفيض السعر في باقي محلات اللحوم في حوارة والبلدات القريبة منها.بحيث باتت بلدة حوارة وبعض البلدات والقرى المجاورة تشهد حركة شراء نشطة للحوم العجل، وبصورة غير مسبوقة. فقد بدأت هذه الحركة منذ أربعة أيام بعد قيام تاجر اللحوم عطا صبري اشتيوي بتخفيض مفاجئ على سعر كيلو اللحمة من حوالي 40 إلى 30 شيقلا، وسعر كيلو الحوايا وخاصة quot;الكبدquot; إلى 20 شيقلا فقط. وتفاوتت ردود الأفعال بين مؤيد لهذه الخطوة - الغالبية الساحقة من المؤيدين هم عامة المواطنين- ومعارض لها وهم غالبية أصحاب محلات الجزارة وبعض تجار المواشي.

وحسبما جاء على شبكة إخباريات الالكترونية فأن مراسلها في محافظة نابلس التقى الأطراف ذات العلاقة وفي مقدمتهم التاجر عطا الذي أكد بأن صافي كيلو لحم العجل يكلفه بالسعر الحالي حوالي 26 شيقلا، موضحا انه يربح في الكيلو الواحد حوالي ثلاثة شواقل، وإذا ما باع عجلا بزنة 200 كيلو غرام على سبيل المثال فانه يربح حوالي 600 شيقل، موضحا بأنه يذبح يوميا حوالي أربعة عجول، مشيرا إلى انه يعتمد على قاعدة quot;البيع الكثير والربح القليلquot;.

وأوضح بأنه يشتري العجول من مزارع مختلفة وبضمنها مزارع من داخل الخط الأخضر إضافة إلى ما هو موجود في مزرعته الخاصة، ويتعمد نحر عجوله في الساعة التاسعة صباحا حتى لا يقال بأنه يقدم لحوم أبقار كبيرة في السن أو مريضة، كما أنه يملك كافة الوثائق والأوراق اللازمة التي تظهر سلامة عمله من الألف إلى الياء.

وحول أسباب قيامه بهذه الخطوة قال أن اعتماده في العمل كان على محله في قرية النبي الياس قرب قلقيلية، وبعد منع قوات الاحتلال للإسرائيليين والفلسطينيين إدخال بعض المواد الغذائية وبضمنها اللحوم إلى داخل الخط الأخضر جعلته مضطرا للبحث عن موقع آخر للعمل، وخلال البحث وجد بلدة حوارة موقعا مناسبا لوقوعها على الشارع الرئيسي الذي يربط شمال الضفة بجنوبها، وأكد أنه لا quot;يضاربquot; على أحد ولا يقصد أبدا الإساءة لزملائه في هذه المهنة.
وأشار إلى أنه إذا قام بعض التجار بتخفيض أسعار اللحوم بأقل من 30 شيقل فإنه لن يقوم بذلك أبدا، موضحا بأنه إذا ما قام أحد بذلك فإن هذا العمل يصبح quot;مضاربةquot; غير شريفة، كما أنه غير مستعد للخسارة، وأن المهم هو الربح القليل لا أكثر ولا أقل، حسب تعبيره.

ولم ينس أبو صبري أن يعرب عن شكره للكثير من أبناء بلدة حوارة الذين تضامنوا معه في خطوته، مضيفا بأنه ورغم التعب والإرهاق الشديد الذي يصيبه بسبب العمل إلا انه يشعر بفرح كبير وهو يرى عشرات المواطنين من حوارة والقرى المجاورة ومن نفس مدينة نابلس ومخيماتها يقفون على الدور لشراء اللحوم سواء منه أو من باقي زملائه في المهنة بالبلدة.

ماذا يقول المعارضون:
فؤاد الناصر صاحب ملحمة في البلدة نفى إمكانية ربحه إذا ما باع بسعر 30 شيقلا، موضحا بأن صافي كيلو لحم العجل يكلفه بين 28 إلى 29 شيقلا، ويتساءل عن كيفية الربح في هذه الحالة، ويقول بأن ما يحصل هو بسبب غياب القانون وأنه ضمن حالة الفلتان التي يعيشها شعبنا ليس أكثر، حسب وصفه.

وأضاف بأنه على سبيل المثال بحاجة إلى مصروف يومي للمحل قيمته 100 شيقل، كما أنه لا توجد هناك أية جهة تحميه أو تسانده من اعتداءات وممارسات الاحتلال خاصة فيما يتعلق بفرض حظر التجوال التي تتكرر على البلدة بين الفينة والأخرى، مؤكدا أن ما يجري في البلدة من تخفيض للسعر ليس أكثر من عملية quot;مضاربةquot;.

وأكد تاجر اللحوم نضال جبور بأنه بالسعر الحالي (30) شيقلا يخسر بشكل قطعي، مضيفا أن وزن اللحمة يقل بعد وضعه في الثلاجة، كما أن بيع كيلو اللحمة بهذا السعر يكون دون أن يتم تنظيف اللحمة من الدهون والشحوم، وبالتالي فإن كيلو اللحمة يبلغ على المستهلك بين 35 إلى 37 شيقلا، ولكن المستهلك ينخدع بسعر الـ30 شيقلا، مؤكدا أن الأمر لا يتعدى حركة quot;مضاربةquot; غير مبررة.

أما الحاج سامي باجس عودة الذي يعتبر أحد أهم تجار اللحوم في منطقة جنوب نابلس، فاكتفى بالمطالبة بتشكيل لجنة مختصة تحت إشراف جميع الجهات ذات العلاقة في بلدة حوارة للنظر في هذه القضية، داعيا وزارة التموين إلى ضرورة أخذ دورها في هذا الموضوع.

وأضاف بأن سعر اللحوم في بلدة حوارة كان أفضل سعر بالنسبة للمستهلك منذ فترة طويلة، موضحا بأنه حين كان سعر كيلو غرام لحم العجل في بعض المناطق بين 35 إلى 45 شيقلا، كان سعر الكيلو في حوارة 37 شيقلا فقط. وحول ما يقوله البعض أن صافي كيلو اللحمة تبلغ قيمته حوالي (26) شيقلا، قال بأن ذلك مستحيل جدا.

رأي المستهلك؟:
وأكد المواطن عايد محارب أن هذا التنافس يأتي في محصلته النهائية في مصلحة المواطن، وأعرب عن استيائه مما وصفه بالتلاعب في الأسعار، داعيا وزارة التموين إلى أخذ دورها في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن المستهلك أصبح ضحية لبعض التجار، وقال إن ما يهمه هو السعر القليل، كما دعا إلى تعميم سعر الكيلو بـquot;30quot; شيقلا على جميع محافظات الوطن كما حصل في بلدة حوارة.

وقال محمد لافي وكمال جبر وهما من نشطاء حركة فتح بأنهما مع هذه الخطوة، من منطلق قاعدة البيع الكثير والربح القليل، وأشارا إلى انه إذا ثبت لديهما إمكانية خسارة تجار اللحوم بسعر الـ30 شيقلا فإنهما لن يقبلا بذلك، واقترح كل من جبر ولافي في حال إمكانية الخسارة بهذا السعر تشكيل لجنة مختصة وتقديم السعر المناسب.

وقد تحدث العديد من المواطنين ومنهم علي محمد سليم عودة وحربي خالد ضميدي وحسن العاصي وإبراهيم الشمالي، وجميعهم أعربوا عن ارتياحهم الشديد لهذه الخطوة، فيما أكد بعض أنهم لم يشتروا لأبنائهم لحوما من عدة أشهر، وبعد تخفيض السعر تمكنوا من الشراء.

من جانبه ثمن الناطق الإعلامي لحركة فتح في بلدة حوارة عواد نجم المبادرين بتخفيض أسعار اللحوم من منطلق التعاطف من ظروف المواطنين وخاصة الموظفين منهم، وأهاب بوزارة التموين تشديد الرقابة على السلع الأساسية لمنع تكرار ما وصفه استغلال المستهلك والعمل على توحيد الأسعار على السلع الأساسية وخاصة الغذائية والتموينية والغاز.
ودعا جميع التجار في الضفة والقطاع إلى أخذ زمام المبادرة وتخفيف الأسعار وبضمنها أسعار اللحوم أسوة في بلدة حوارة.