وزير السياحة اللبناني: لا يجوز تعطيل السياحة بحجة الاعتصام ونسبة تراجع القطاع 40% وصورة لبنان شـُوّهت


باسم سعد


وجه وزير السياحة جو سركيس كتابا الى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لانهاء الاعتصام في وسط بيروت التجاري quot;رأفة ورحمة بالموسم السياحي المقبل الذي لم يعد يتحمل استمرار مثل هذا الاعتصامquot;.لم يشأه quot;كتابا سياسياquot; وانما شاءه كتاباً من القلب الى القلب الى quot;سيد الاعتصامquot; بعدما لفتته كلمة quot;تشويهquot; بل استفزته في الخطاب الأخير لـ quot;السيدquot;.


سركيس صاحب quot;الثورة البيضاءquot; في قطاع السياحة quot;المناضلquot; السياسي سابقا والسياحي حاضرا، يقول بمرارة quot;الطاقات السياحية الشابة تهاجرquot; لان الكل في العالم يدرك قدرة هذه الطاقات الا نحن في لبنانquot;. ويحز في نفسه تطور الاحداث التي كانت بمثابة المكابح التي فرملت انطلاقته الناجحة في وزارة السياحة في سعيه الى تغيير مفاهيم اللبنانيين للسياحة واهميتها محليا واقليميا ودوليا، فضلا عن انها كانت تجربته ستكون الوجه الجديد quot;للقوات اللبنانيةquot; في تسلمها حقيبة اعتبرها سركيس لا تقل اهمية عن الحقائب السيادية. يتحدث بحسرة عن خسارة القطاع ومستوى انتاجه، لكنه لا يفقد الامل في اعادة استنهاض القطاع في حال قرر المعتصمون quot;ترك ساحتهمquot; للبلد وسياحه.


quot;المستقبلquot; التقت سركيس في دارته في الجبل وسألته عن اسباب الكتاب الذي وجهه الى السيد نصر الله فقال : quot;الصرخة التي اطلقتها نابعة من مسؤولية كوني وزيرا للسياحة، لقد وصلنا الى وقت استنفدنا فيه كل الوسائل لوضع حد للاعتصام في وسط بيروت. على الرغم انه حق من حقوق المواطنين، ولكن ليس على حساب حرية المواطنين الآخرين واملاكهم، لا يجوز تعطيل الموسم السياحي في بيروت بل في كل لبنان، واصحاب المحال في الوسط تعرضوا للاذية المباشرة نتيجة استمرار هذا الاعتصام. انطلاقا من هنا واحساسا بمسؤوليتي كوزير للسياحة وبعد الضغوطات التي تعرضت لها من قبل اصحاب المحال في الوسط، وفي ظل المراجعات المتواصلة والمتكررة لاصحاب المؤسسات السياحية والعاملين فيها في كل لبنان وتواجدهم بصورة يومية في وزارة السياحة، إزاء هذه الصورة اردت ان اخرج هذا الموضوع عن المصلحة السياسية shy;السياسية سيما واننا حريصون على بلدنا ووضعه الاقتصادي على املاك اللبنانيين والمستثمرين، وتخوفا على مستقبل الحركة السياحية واستثماراتها. كل ذلك دفعنا الى توجيه هذا الكتاب الى السيد حسن نصر الله خصوصا ازاء ما سمعته في خطابه الاخير عن quot;تشويهquot; للاعتصام. ونحن الذين تحملنا الكثير نتيجة تشويه صورة لبنان وسمعته في الخارج خصوصا وانني على تواصل دائم مع المؤسسات السياحية العربية والعالمية ومع محترفي السياحة في العالم ومع منظمي مؤتمرات ولقاءات، جميع هؤلاء نقلوا لي ان صورة الاعتصام في الخارج سيئة للغاية وتؤثر تأثيرا مباشرا في الحركة السياحية اللبنانية. إن الاعتصام وما قبله وما بعده شوّهت صورة لبنان.


وعن حماوة اللقاءات السياسية التي تجري لحل الازمة اللبنانية وعما إذا كان توجيه هذا الكتاب الى السيد نصر الله له مدلول سياسي، ام انه يبقى في اطار تراجع عمل قطاع مهم يرفع النمو ويغذي الخزينة قال سركيس quot;منذ تموز الماضي وانا اصرخ في السياسة، انا لي صفة سياسية فضلا عن صفتي الوزارية، ولقد سبق واعطيت رأيي مرات عدة في ما خص هذا الاعتصام وانعكاساته السلبية السياسية والانتاجية، لكن ما حصل بالامس هو انني سمعت كلمة تشويه للاعتصام من السيد حسن نصر الله فلفتتني هذه الكلمة واستفزتني، ولو لم تكن هذه الكلمة لربما مرّ الخطاب مرور الكرام، لكن استوقفتني هذه الكلمة ملياً ودعتني الى توجيه هذا الكتاب. وهذا النداء ليس له علاقة بأي سياسة واغتنم هذه المناسبة لاقول ان ندائي هو نداء صادق ومن القلب.


السياحة هي كنز لبنان ونفطه وواجهته، أنا بدأت بثورة فعلية في الوزارة، واسعى الى تغيير العقلية المتبعة في معالجة هذا القطاع الذي هو من القطاعات الاساسية لهذا البلد. لان السائد في البلد هو ان السياحة هي مسألة ثانوية وليست اساسية، حتى في تأليف الوزارات يعتبرون ان حقيبة الوزارة ليست بأهمية الوزارات السيادية، انما نحن نقول العكس ونسعى الى تغيير العقلية والذهنية المتبعة في هذا المجال. وياليتنا نتعلم من دول الجوار التي جعلت من السياحة صنعتها الاولى وقطاعها الاساسي في مصر وتونس وقبرص واليونان وسوريا.


آمل ان اسمع تجاوبا لكتابي الذي وجهته خصوصا وان الاعتصام لم يؤد الى نتيجته المرجوة، فكيف الاستمرار بهذا المشروع.
وهل تلقيتم أي اشارة كرد فعل ايجابية او سلبية على هذا الكتاب النداء، فيجيب سركيس quot;لقد تلقيت ردود فعل ايجابية جدا ومهنئة لهذه البادرة التي قمت بها خصوصا من المعنيين بقطاع السياحة، لكن على المستوى السياسي لم اتلق بعد اي شيءquot;.


ذكرت في كتابك ان لبنان خسر مؤتمراً كبيراً جدا هو مؤتمر دول السياحة الاسلامية. هل تضعنا بتفاصيله ومستوى الخسارة التي لحقت بلبنان؟
ـ لقد خسرنا بعدم انعقاد هذا المؤتمر كثيرا. لقد عقد المؤتمر الاول في اواخر العام 2005 في اسطنبول بحضور 58 دولة اسلامية. وخلال هذا المؤتمر صدرت توصية بانعقاد المؤتمر الثاني في بيروت في العام 2007، وإذ يصلنا مراسلة منذ اسابيع من منظمي المؤتمر تقول انه نظرا للاوضاع التي يمر بها لبنان وللظروف غير المؤاتية لانعقاد هذا المؤتمر بوقته المقرر في حزيران المقبل ، تقرر ارجاء هذا المؤتمر الى السنة المقبلة لتأمين تمثيل على مستوى وزراء السياحة في الدول الاسلامية، سيما وانه على هامش هذا المؤتمر سيعقد معرض يضم مئات الشركات الطيران والسياحة والسفر وغيرها. فجاء التأجيل كالصاعقة وتأثرنا بها سلبياً.


الخسارة في عدم انعقاد المؤتمر هي عدم حضور ممثلي 58 دولة، كانوا سيعبئون الفنادق وقاعاتها، فضلاً عن انه يساعد كثيرا في تصحيح صورة لبنان في الخارج بعدما اعتبر ان لبنان هو ساحة للاعتصام وحرق الدواليب والقتل والخيم. وهنا احب ان اعبر عن حزني عما جرى على طريق المطار في الثلاثاء الاسود والصورة التي تلقاها اللبنانيون والعرب والاجانب في قطع طريق المطار وما لهذا القطع من دلالات سلبية جدا جدا والتي توجد ردود فعل في الخارج سيئة وسيئة جدا لانهم يعتبرون اغلاق طريق المطار يعني اغلاق البلد.


ماذا عن المؤتمرين الآخرين هل بقيا في موعديهما في نيسان المقبل؟
ـ المؤتمر الاول هو مؤتمر الشرق الاوسط لمنظمة السياحة العالمية والثاني هو اجتماع المجلس السياحي العربي، واللذان سينعقدان في بيروت في 18 و19 نيسان المقبل. لكن المفارقة ان هذين المؤتمرين تقلصا لانهما كانا حدثين منفصلين يغنيان الحياة والحركة السياحية في البلد واصبحا مؤتمرين لاثبات الحضور المعنوي فقط، بعدما تم الغاء كل الاجتماعات التي كانت على هامشيهما فضلاً عن الغاء المعارض التي كانت ستكون في ملحقاتهما.


هل لديكم ملء الثقة في حال تم التوصل الى الحلول السياسية المرجوة بعودة السياحة الى ازدهارها في القريب العاجل؟
ـ لقد اطلقنا خطة بعد حرب تموزshy; آب الماضي وربطنا الاعياد الفطر والاضحى والميلاد ورأس السنة لتكون انطلاقة جديدة كتعويض من خسائر الموسم لكن يا للأسف حصل ما حصل في الاعتصام وغيره. وكنا روجنا للموسم في الخارج في بداية العام 2006 وشاركنا في مؤتمرات دولية وعربية واجتماعات ومعارض وكانت وعودنا يتقبلها من هم في الخارج لكن يا للاسف.


الى اي حد بلغ التراجع بين الفصل الاول او الشهرين الاولين من 2007 قياسا مع الشهرين الاولين من العامين المنصرمين؟
ـ لقد بلغ حجم التراجع 40% عن سنة 2006، فضلا عن تراجع عن العام 2005 التي كانت سنة الاغتيالات. لكن اقول انه في حال تم انهاء الاعتصام واعادة استئناف الحوار يمكن لنا ان نعوض بجهد من الوزارة، لان السائح يحتاج الى استقرار امني بينما المستثمر يحتاج الى استقرار امني وسياسي.


هل يكون الزخم السياحي العربي كما كان في السنوات الاخيرة؟
ـ نعم، كنا قد وصلنا الى مليون و600 الف سائح وهذا الرقم اصبح واقعاً وليس توقعاً والارقام عشية 12 تموز تظهر ذلك. القدرة الاستيعابية للحركة السياحية اللبنانية هي حوالي ثلاثة ملايين لان لبنان ليس بالبلد الكبير، كنا نسعى الى هذا الرقم عبر الخطط الموضوعة والعمل الجاد، مما سيزيد تطورالنمو ودعم الخزينة والحركة الاقتصادية .
وأضاف: اريد ان الفت الى موضوع اساسي ومهم جدا جدا هي الخسارة الكبيرة التي تلحق باليد العاملة الماهرة التي تهاجرنا الى الخارج نتيجة الاوضاع السائدة، هذه الطاقات الكبيرة والمتفوقة في المضمار السياحي والخدمات سيما وان هذا اللبناني يمتلك ميزة لا يملكها اي عامل في هذا القطاع على مستوى العالم، هو خسارة لبنان لأنه الحاضر والمستقبل.