للتحول من المطاردة إلى التعاون
مصر إلى ميثاق شرف جديد بين الجمارك والمستوردين


محمد نصر الحويطي من القاهرة


أوشكت مسيرة الإصلاح المالي بشقيها الضريبي والجمركي أن تصل إلى نهايتها، ومثلما نجحت مصلحة الضرائب في إزالة الكثير من الحواجز النفسية بين المأمور والممول، وتحولت العلاقة تدريجيا من علاقة quot;مطاردة وتوجسquot; إلى علاقة quot;تعاون وتكاملquot;.. تسعى مصلحة الجمارك من خلال مشروع القانون الجديد للقضاء على التهرب الجمركي والارتقاء بأسلوب التعامل بين المصلحة والتاجر من quot;الخوف والتربصquot; إلى quot;الثقة والتعاونquot;.

ويجرى حاليا وضع اللمسات النهائية على مشروع القانون الجديد للجمارك بالاستعانة بكبار الخبراء والمختصين في الشئون القانونية والتجارية والجمركية.. ومن المتوقع عرضه على مجلسي الشعب والشورى قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية ليكون بمثابة ميثاق شرف جديد بين المصلحة والمستوردين.
ويقول خبراء الجمارك أن مشروع القانون الجديد سيأتي مواكبا لكافة المستجدات على الساحة الجمركية العالمية مثل التوقيع الإلكتروني والمراجعة اللاحقة والمخاطر والملكية الفكرية. وسيكون هناك لجان التظلم يعمل بها خبراء متخصصون من الغرف التجارية لفض أي نزاع بين المصلحة والتاجر.

ويستجيب مشروع القانون الجديد لاكثر من ثلثي الطلبات التي قدمت لمصلحة الجمارك من الجهات المعنية، ويهدف في المرحلة القادمة للأخذ بالنظام الجمركي العالمي الذي تعمل به منظمة التجارة العالمية والدول الأعضاء في المنظمة. كما يهدف لاعادة الثقة والمصداقية بين المصلحة والتجار والتعاون والتنسيق المشترك وتبادل الرأي بكل صراحة وشفافية. ويؤكد النظام الجديد على أن مصلحة الجمارك ليست جهة جباية بل أنها هيئة معاونة وداعمة للمستوردين الملتزمين الذين يقومون بدور مهم في تنمية حركة السوق.

ويشكل المشروع الجديد حجر الزاوية في مسيرة الإصلاح والتطوير الجمركي التي تهدف إلى تقليل زمن الإفراج الجمركي إلى أدنى حد ممكن، فبعد كانت الرسائل تبقى في الميناء نحو شهر .. لا تستغرق حاليا أكثر من يومين وتسعى المصلحة لتحقيق مراكز متقدمة للإفراج الجمركي خلال بضع ساعات.

ويفتح المشروع الجديد الباب أمام مزيد من تسهيل التبادل التجاري في ظل سياسة التخفيض التدريجي للتعريفة الجمركية على الواردات التي تتبناها مصلحة الجمارك منذ فترة إلى درجة أن التعريفة الجمركية لاكثر من 90% من السلع المستوردة في مصر حاليا تتراوح ما بين صفر إلى 10 % .

ويعزز النظام الجديد المضي في التيسيرات التي تطبقها المصلحة على المستثمرين والمستوردين ومن بينها نظام المراجعة اللاحقة الذي يتعلق بالإفراج تحت نظام إدارة المخاطر ويسهم في الحفاظ على مستحقات الخزانة العامة وأيضا نظام الإفراج المسبق الذي يسمح بتقديم قوائم الشحن وادارج البيانات الجمركية لبدء الإجراءات على البضائع قبل وصولها للإقلال من زمن الإفراج عنها.. وكذلك السداد الإلكتروني للضرائب والرسوم الذي يمثل خطوة مهمة لسرعة الإفراج عن البضائع ووصول مستحقات الخزانة العامة إليها دون التعرض لأي نوع من المخاطر سواء للعميل أو الجمارك
بالإضافة إلى استخدام أجهزة الأشعة لسرعة فحص البضائع والإفراج عنها والقضاء على مخاطر التهريب الجمركي.

وفي اعتقاد خبراء الجمارك ان تسديد الرسوم الجمركية بعد الإعفاءات والتيسيرات الجديدة سيكون ارخص بكثير من تكلفة مخاطر التهرب الجمركي لان ثمن مخاطر التهريب عموما والتهريب الجمركى على وجه الخصوص سيكون عاليا جدا في أحكام القانون الجديد. ففي الوقت الذى يشكل فيه هذا القانون صفحة جديدة في التعامل مع جميع المستوردين والتجار في مصر فانه يغلظ العقوبة على المخالفين والمتهربين لتشمل عقوبات جنائية ومادية ومعنوية.

ويدعم النظام الجديد آليات للتنسيق بين مصلحة الجمارك ومختلف الجهات الحكومية الاخرى وخاصة هيئات الموانىء والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والجهات الامنية لسرعة الافراج عن البضاعة وعدم تحميلها رسوما اضافية تضاف على تكلفتها مما ينعكس على مستوى اسعارها بالايجاب.


كما يدعم المشروع الجديد دور المراكز الجمركية وادارة خدمة كبار العملاء وخدمات الانترنت التى تم انشاؤها مؤخرا والتى ساهمت في سرعة اتمام الاجراءات الجمركية على البضائع خاصة بعد صدور التعرفة الجمركية الجديدة بما أقرته من تخفيض فئات كثيرة على الواردات مما ادى الى تيسير التجارة الدولية وتنمية الصناعات الوطنية..كما ساهمت تقديم خدمات متميزة للمستوردين لسرعة الافراج عن البضائع وتذليل اية صعوبات وسهولة وصول المعلومات الجمركية للمتعاملين.

يذكر انه تم إعداد شبكة انترنت للتواصل بين كافة المراكز الجمركية المتطورة الموجودة حاليا وهذه التجربة ليست جديدة فهناك مركزين بالإسكندرية ومركز واحد بكل من القاهرة والسويس وأخيرا في بورسعيد ، كما تم وضع نظام جديد يسمح بسداد القيمة الجمركية الكترونيا عن طريق البنوك المتعاقدة مع مصلحة الجمارك او من خلال استلام البضائع والدفع بالأجل بشرط وجود ما يثبت ان هناك رصيدا بنكيا للمستورد تستطيع من خلاله مصلحة الجمارك التسوية مع البنك لاختصار الوقت والجهد وتسهيل العمل وجذب الاستثمارات الخارجية. كما تم افتتاح عدة مراكز لوجستية متطورة بالإسكندرية خاصة ان ميناء الإسكندرية يستحوذ على أكثر من 50 % من حجم الواردات.

وقد بلغت حجم الحصيلة الجمركية العام الماضي بلغت عشرة مليارات جنيه ، ومن المتوقع ان ينخفض هذا العام بنحو مليار و400 مليون جنيه وهى قيمة الإعفاءات الواردة في قرار الرئيس حسنى مبارك بتخفيض عدد من بنود التعريفة الجمركية بنسبة 25 % على السلع الاستثمارية والوسيطة والسلع الاستهلاكية النهائية مثل التليفزيونات والثلاجات والسخانات والتكييفات والأفران والملابس الجاهزة.