بروكسل: عقد رئيس المفوضية الاوروبية في بروكسل، وهي الجهاز التنفيذي الأوروبي، اجتماعا طارئا واستثنائيا الليلة الماضية ضم عددا من كبار مسئولي المصارف والمتعاملين الاوروبية لمعاينة تداعيات الأزمة النقدية والمالية التي تعصف بالمصارف ومؤسسات التامين الاوروبية .
وقال مصدر أوروبي إن الاجتماع اقتصر على جلسة مشاورات غير رسمية بين الجانبين وذلك قبل انعقاد القمة الاوروبية المصغرة نهار السبت في باريس ،لبحث آلية رد أوروبية على الأزمة ووسط استمرار الخلافات بين الدول الأعضاء في معاينة تطورات الأسواق المالية الاوروبية والعالمية.
وشارك في الاجتماع إلى جانب رئيس المفوضية خوزيه مانوال باروزو،عشرة من مدراء المصارف الأوروبيين المعنيين بالأزمة ومفوض السوق الداخلية الأوروبي شارلي ماكريفي .
وتريد المفوضية، وفي غياب تسجيل اتفاق أوروبي على الصعيد السياسي البدء في تنفيذ عدد من الإجراءات العملية لمؤازرة المصارف الاوروبية التي تواجه متاعب متصاعدة ورغم عمليات الضخ الضخمة وغير المسبوقة من السيولة المالية التي أقدم عليها المصرف المركزي الأوروبي خلال الفترة القليلة الماضية .
وتواجه المفوضية الاوروبية حاليا معضلات معقدة ومتشابكة في معالجة الأزمة حيث ان قوانين المنافسة الصارمة التي حددها الجهاز التنفيذي الأوروبي حتى الآن لا تسمح بتدخل كاسح للدولة في مساعدة مؤسسات خاصة مثل المصارف .
ولكن وإمام تصاعد الضغوط على المؤسسات النقدية الأوروبية وتوجه منطقة اليورو نحو أزمة فعلية وتسجيل متاعب هيكلية في البنية الاقتصادية الاوروبية فان الجهاز التنفيذي الأوروبي تخلى عن الضوابط المتشددة.
وقبلت المفوضية الأوروبي في بروكسل بان تقوم حكومات ألمانيا وهولندا وفرنسا وبلجيكا وايرلندا والمنتمية لمنطقة اليورو بعمليات تأميم مقنعة ولكنها فعلية لعدد من المصارف وضخمت من اجل ذلك أموالا استقطعت من الخزينة العامة.
إلا إن بعض الأطراف الاوروبية باتت تطلب بالعودة للتشدد في التعامل مع هذه المسالة خاصة على ضوء الخطط المعلنة في ايرلندا بتقديم دعم ساحق وضخم وتامين ضمانات تامة وشاملة للمؤسسات المصرفية.
وترى بعض الدول إن الخطة الايرلندية ستدفع بالعديد من المتعاملين إلى النزوح إلى ايرلندا بحثا عن سوق واعدة ومضمونة وذلك على حساب الدول الاوروبية الأخرى.
وبدأت بريطانيا تحركا ضد ايرلندا لدى المؤسسات الاتحادية في بروكسل.
ولكن المسئولين الأوروبيين وعلى مختلف المستويات لا يريدون الدخول في مشادة مع ديبلن بسبب رفض الايرلنديين لاتفاقية لشبونة للوحدة الاوروبية، ومخاطر ان تزداد العلاقات تشنجنا بينهم وبين التكتل الأوروبي وفي ملف إضافي وحساس وهو الملف النقدي.
كما ان خطة الإنقاذ الشاملة والمشتركة على الصعيد الأوروبي للمصرف المهددة والتي روجت لها فرنسا حتى الآن وبملغ يناهز الثلاث مائة مليار يورو وكان من المفروض اعتمادها نهار السبت في قمة باريس المصغرة تم التخلي عنها رسميا بسب المعارضة الألمانية الصريحة والنهائية لها.
وتقول ألمانيا ان الاتحاد الأوروبي لا يمتلك موازنة موحدة ولا يمتلك نفس آليات تحرك الخزينة الاتحادية في الولايات المتحدة .
كما ان برلين لا تريد ان يتحمل مواطنوها تبعات خسائر مصرفية ارتكبت في دول أخرى.
وقال مصدر في المفوضية الاوروبية في بروكسل اليوم الجمعة ان قمة باريس المصغرة هي ذات بعد سياسي اولا وتهدف ثانيا إلى تقدير حجم السيولة الفعلي الذي تحتاجه المصارف الاوروبية.
ويريد الجهاز التنفيذي الأوروبي في هذه المرحلة وحسب نفس المصر مجرد لعب دور الوسيط بين الدول الرافضة لتدخل أوروبي جماعي لإنقاذ المصارف من جهة والتي تقودها ألمانيا والدول الساعية الى تمكين المؤسسات المصرفية الاوروبية من خطة شبيهة بخطة (بولسون) في الولايات المتحدة وتقودها فرنسا من جهة أخرى.
كما ان رئيس المصرف المركزي الأوروبي ورئيس منطقة اليورو الذين يشاركان في اعمال قمة باريس، الى جانب رؤساء فرنسا وايطاليا وألمانيا وبريطانيا، يريدان طمأنة الأسواق عبر التلويح بفرص إشراك مؤسسات نقدية أخرى في إدارة الأزمة وفي مقدمتها المصرف الأوروبي للاستثمار وتجاوز الخلافات بين الحكومات.
التعليقات