أشرف أبوجلالة من القاهرة: على الرغم من حالة الجدل الكبرى التي أثيرت ولا تزال قائمةحتى الآن في مصر حول قضية تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل على مختلف الأصعدة، إلا أن موجة أخرى من الجدل قد تثار خلال المرحلة المقبلة ليس لعدم اتخاذ الحكومة المصرية إلى الآن خطوات جادة لحسم موقفها من الاتفاقية المبرمة مع الجانب الإسرائيلي في هذا الشأن فحسب، بل لما أزاحت عنه النقاب مجلة أميركية متخصصة في شؤون السياسة النفطية بأن مصر تسعى خلال هذه المرحلة للبحث عن سبل تمكنها من الاكتفاء ذاتيًا في قطاع إنتاج الغاز !



حيث كشفت مجلة الغاز والنفط الأميركية في تقرير مطول لها عن أن مصر منحت شركة الحفر المصرية ( EODC ) التي تم تأسيسها مؤخرًا، اتفاقية حفر لمشروع مشترك ستشارك فيه شركة تويوتا تسوشو التي سيبلغ نصيبها من أعمال الحفر 50 % وشركة الغاز الطبيعي القابضة بنسبة 35 % وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول بنسبة 15 %.



وأشارت المجلة إلى أن مصر أقدمت علي تلك الخطوة في الوقت الذي تحاول فيه مضاعفة مجهوداتها الرامية لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي من أجل تلبية احتياجات السوق المحلي، وكذلك الوصول إلى الحد المأمول من الصادرات لجاراتها من الدول العربية والاتحاد الأوروبي. وسوف تخصص الشركة مبلغًا ماليًا قدره 400 مليون دولار لمنصات الحفر مع احدى الشركات السنغافورية المصنعة للمعدات الثقيلة والتي سيتم تحديدها عما قريب، ومن المنتظر أن تبدأ عمليات الحفر مطلع عام 2011 .



اتفاقية قرض قيمتها 500 مليون دولار

وأشارت المجلة إلي أن شركة تويوتا تسوشو التجارية ndash; احدى فروع شركة تويوتا للمحركات ndash; ستدير المشروع بأكمله بالإضافة لشراء أجهزة الحفر، في حين ستقوم شركة الغاز الطبيعي المصرية القابضة بتشغيل تلك الأجهزة وتنفيذ الاختبارات الخاصة بعمليات الحفر. وقال إيريك واتكينز، محرر السياسة النفطية بالمجلة أن القائمين علي مشروع الحفر المشترك بين مصر واليابان قد وقعوا علي اتفاقية قرض قيمتها 500 مليون دولار مع جمعية مصرفية تتكون من البنوك اليابانية والمصرية.



وأضافت المجلة أن بنك التعاون الدولي الياباني ( JBIC ) قد كشف في أواخر سبتمبر أنه وافق علي المشاركة في القرض النقابي الذي تقدر قيمته بنحو 500 مليون دولار لمشروع الحفر المشترك بين مصر واليابان. وقال البنك إن القرض سيهدف لتمويل أعمال البناء وتشغيل اثنين من أجهزة الحفر الخارجية من قبل شركة الحفر المصرية. كما حصلت مصر هي الأخرى علي تصاريح للقيام بسبع عمليات استكشافية في مواقع بالبحر المتوسط معروف عنها ثرائها بالغاز الطبيعي وسيكون أمام الشركات فرصة حتي التاسع من فبراير المقبل للتقدم بعروضها.



وأشارت المجلة إلى أن احتياطي مصر من الغاز الطبيعي يقدر بنحو 76 تريليون قدم مكعب، وذلك وفقًا لما أعلنه وزير البترول المصري سامح فهمي خلال اجتماع شركة الغاز الطبيعي المصرية القابضة في الـ 22 من سبتمبر الماضي. لكن لا تزال هناك منافسة شرسة علي الإمدادات وبخاصة في مصر.



الطلب في تصاعد مستمر

وفقاً لمؤشر المحلل BMI ، فقد تزايد الطلب المحلي بشكل سريع علي الغاز المصري نظرا لتحول مفاعلات الطاقة الحرارية المنوطة باستهلاك ما يقرب من 65 % من إجمالي الغاز المصري، قد حولت واجهتها من النفط إلي الغاز. وترجح تنبؤات مؤشر BMI أن إمدادات الغاز قد تصل إلي 88 مليار متر مكعب في عام 2012 ، التي توفر صادرات حجمها 48 مليار متر مكعب.



وفي يوليو الماضي ناقش وزير البترول المصري سامح فهمي مع وزير البترول والثروة المعدنية السوري سفيان العو إمكانية إمداد خط الغاز العربي إلي شبكة الغاز الأوروبية لتوصيل الغاز الطبيعي إلي أوروبا عن طريق تركيا. وقد بدأت مصر في تصدير الغاز إلي سوريا في يوليو الماضي، ووفقا لتقارير حديثة فإنها من المنتظر أن تقوم بتصدير ما يقرب من 900 مليون متر مكعب من الغاز في أولي سنوات التشغيل،ويتوقع أن يصل حجم الصادرات إلي 2.2 مليار متر مكعب في العام الواحد علي مدار السنوات التسع المقبلة.



اتفاقية مثيرة للجدل

ومن الجدير بالذكر أن الاتفاق المذكور بين الجانب المصري والإسرائيلي هو لمدة 15 عاما ويقضي بأن تقوم مصر بتزويد إسرائيل 1.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة، رغم عدم تحديد السعر الذي ورد في الاتفاقية، لكن البعض يؤكد أنه يباع بنصف تلكفة إنتاجه في مصر وهناك من يقول أنه يصدر بأقل من ربع تكلفة الإنتاج. وقد بدأ تدفق الغاز الطبيعي المصري مطلع شهر مايو / أيار، وجاءت عملية توريد الغاز بعد توقيع اتفاق مع شركة غاز شرق المتوسط لتوريد الغاز الطبيعي.



وتتضمن المرحلة الأولى تسليم الغاز إلى محطات توليد الكهرباء في مدينتي تل أبيب وأشدود وسيمكن ذلك شركة الكهرباء من زيادة إنتاجها الكهربائي المولد بالغاز الطبيعي الذي تبلغ نسبته 20% من إنتاجها. وأقامت شركة غاز شرق المتوسط خط أنابيب تحت الماء لنقل الغاز الطبيعي من مصر إلى إسرائيل. ويتولى إدارة الخط والشركة مشروع مشترك لمستثمرين منهم رجل الأعمال المصري حسين سالم ورجل الأعمال الإسرائيلي يوسف ميمان. وقد تزامن ذلك مع تعهد وزير البترول المصري لمجلس الشعب بإعادة النظر في اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، في أعقاب موجة عارمة من الانتقادات للاتفاقية من قبل أحزاب المعارضة، والتي قالت إن الأسعار في الاتفاقية أقل بكثير من أسعار السوق.