الرياض : أكد خبراء اقتصاديون ضرورة إعادة تقييم السوق العقارية في الخليج خاصة في السوقين السعودية والإماراتية، مشددين في الوقت ذاته على أهمية إعادة تنظيم آليات السوق العقارية، التي تحتاج إلى مزيد من الأمان، وذلك خلال تناولهم السوق العقارية الخليجية في المنتدى العالمي للاستثمار العقاري الذي ينظمه مجلس الغرف التجارية السعودية في فندق فورسيزونز في الرياض.
وسيطرت كلمتي إعادة quot;تنظيم وتقييمquot; على كثير من نقاشات محاور المنتدى، التي تبلورت حول القضايا التي باتت تشكل الهاجس الأكبر لتطلعات العقاريين والاقتصاديين، من تمويل العقار ومستقبله وواقعه وتطلعاته في ظل الأزمة التي يعيشها الاقتصاد العالمي.
وأوضح فور فريكر السفير الأمريكي في السعودية، أن السوق العقارية في المملكة لم تتطور كثيرا، مؤكدا أن الفرص في القطاع العقاري ستكون أكبر أن وجدت الأمان.
وقال السفير الأمريكي خلال تحدثه عن الاقتصاد العالمي وتأثير أزمة الائتمان، والتأثير الذي لحق بالقطاع العقاري: quot;لقد تعلمنا خلال الأسابيع الماضية من الأزمة الاقتصادية التي مر بها العالم، وأننا نجد آثارها تختلف من دولة لأخرىquot;، مطالبا بإعادة تنظيم السوق العقارية السعودية والإماراتية، مشيرا إلى أن الحكومة الأمريكية تبذل قصارى جهدها لتلافي الأزمة، حيث إنها تؤكد أن الأمور مسيطر عليها.
من جهته، كشف أندري وجروف رئيس مجلس إدارة شركة الوطني المستثمر، عن انخفاض الطلب على العقار في الدول الخليجية خاصة في مدينة دبي بواقع 20 في المائة.، محذرا من سياسة آليات القطاع العقاري السعودي، في ظل مطالبته بإعادة تنظيم وتقييم القطاع بما يتناسب مع التطور العالمي.
وقال وجروف: quot;إن آليات السوق العقارية في المملكة ذات حساسية كبيرة لارتباطها بالشريعة الإسلاميةquot;، مشيرا إلى أن سوق الإمارات تسير بشكل متزن لأنها محكومة بعملية التطور، لافتاً إلى ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية في السعودية، مؤكدا أن كثيرا من الإفراد لا يستطيعون إيجاد السيولة لشراء الوحدات السكنية، حيث إن من أفضل الحلول لإيجاد تلك الوحدات السكنية لن يكون إلا بالتقسيط.
من جهة أخرى، استعرض عبد العزيز الدعيلج رئيس مجلس إدارة شركة الأولى المدخل الاستراتيجي للسوق العقارية، كذلك مؤشرات الاقتصاد الكلي وقطاعات التنمية العقارية والاستراتيجيات والمشاريع والاستثمارات، لافتا إلى أن نسبة المنتج العقاري السكني المطلوبة في السوق السعودية 80 في المائة، و 8 في المائة أسواق تجارية، و5 في المائة منشآت طبية، و8 في المائة نشاطات أخرى.
وأوضح الدعيلج أن مدينة الرياض استحوذت على أكبر نسبة من الطلبات العقارية بـ32 في المائة، تليها مكة 28 في المائة، الشرقية بـ 17 في المائة، المدينة المنورة 7 في المائة.
وتوقع الدعيلج أن يكون هناك طلب كبير على القطاع الإسكاني في جميع مناطق المملكة، مؤكدا أن القيمة السوقية لسوق الإسكان بلغت 100 بليون ريال عام 2007.
من جهته، أعلن بادليسيا بن عبد الغني، رئيس مجلس إدارة بنك cimb، إنهم يعملون في الوقت الراهن على مشاريع مشتركة مدعومة من حكومة سنغافورة لتطوير صناديق الملكية في ماليزيا، كما إنهم سيطلقون صندوقاً عقاريا إسلاميا للعقارات، إضافة إلى صندوق quot; cimb quot;الموجود حاليا التابع للبنك الذي يعد ناشطاً في الأسواق الاسوية، متوقعاً أن تكشف الشركات والمصارف الماليزية والإندونيسية واليابانية خلال الأشهر المقبلة عن صناديق إسلامية ومشاريع عقارية إسلامية جديدة.
وأبان عبد الغني أن أسواق العقار الآسيوية بدأت تشهد انخفاضا ملموساً منذ عام 2007، مشيراً إلى أن الأسواق العالمية تتجه نحو الهبوط الذي سيوصلها إلى مرحلة الكساد، مستشهدا على توقعاته بما حدث في دول البلطان التي واجهت فيها عديد من مؤسسات التمويل العجز المالي الذي عصف بها وأوصلها إلى مرحلة الإفلاس.
وأضاف عبد الغني: quot;إن نسبة التضخم في آسيا من المتوقع لها خلال الربع الأول من عام 2009 أن تنخفض إلى 7 في المائة، في ظل تلك المحاولات الجادة من جميع دول العالم لخفض نسبة التضخم، كما أن فيتنام سجلت أقل نسبة نمو لها هذا العام في تسع سنوات، وأن تلك النسبة في النمو بشكل بطيء ستتواصل خلال السنوات المقبلة.
وأكد عبد الغني خلال محاضرته التي بحثت فرص الاستثمار العقاري في آسيا وتأثير التباطؤ المالي والتكاليف والعوائد الخاصة بالصناديق الإسلامية مقابل الصناديق التقليدية إن قطاع العقارات في آسيا يعد من أفضل القطاعات الاقتصادية المتعددة المنافع، لما يوفره من شفافية في المعلومات المهمة والواضحة التي من الممكن البناء عليها، مستدركاً حتى وإن كان هناك تباطؤ في النمو إلا أنه يعزز من زيادة فرص الشراء للعقارات، التي بدورها ستنعكس بفوائد كبيرة على المستثمرين فيما يتعلق بالأرباح التي تعد حافزاً كبيرا للاستثمار في المجال العقاري.
وكشف عبد الغني أن الكثير من البرامج تحولت أنظمة الشراء فيها إلى الأنظمة الإسلامية كما هو الحال في دول الخليج العربي، خاصة بعد أن أصدرت ماليزيا توجيها لجميع بنوكها يقضي بضرورة الالتزام بالتمويل الإسلامي، لافتاً إلى إن شهر حزيران quot;يونيوquot; من عام 2008 ازداد عدد الشركات ذات الأصول التي بدأت تحول معاملاتها إلى الإسلامية ومن ضمنها عدة فنادق وكليات للفندقة.
وأفصح عبد الغني أن ماليزيا تعمل في الوقت الحالي على تطوير اقتصادها وأسواقها الحرة المبنية على الطلب الداخلي، والذي سيمكنها بعد تلبية الطلب فتح الأسواق أمام الاستثمار والمستثمرين الأجانب الذين سيتمكنون من شراء ما يريدون الاستثمار فيه، مفيداً أن صندوق التشغيل الماليزي وضع يده على محفظة تختص بالعقارات، كما إن لديه بعض الخطط للتوسع في المجال العقاري خارج ماليزيا بشكل عام، وعلى وجه الخصوص في منطقة الخليج.
وأشار عبد الغني إلى أنهم يحاولون كبنك استثماري في ماليزيا عرض الفرص التي تتعلق بالتوسع المستقبلي في منطقة الخليج العربي، كما أن لديهم في ماليزيا أفضل الفرص العقارية والكبيرة التي تتمتع بقوة دافعة لها من ضمنها التحول إلى المعاملات الإسلامية واستقطاب اللاعبين الكبار في المجال العقاري بواسطة مراكز الاتصال ومزودي الخدمات الذين يعملون على تطوير تجارتهم عبر ماليزيا.
وكشف عبد الغني أن الطلب مازال مرتفعا ً على التمويل العقاري على الرغم من تأثر بعض البنوك بالأزمة المالية الأخيرة، وأن سوق التجزئة تشهد حالة من التذبذب على الرغم من وجود المؤشرات الجيدة التي تعد غير كافية في ظل ارتباطها بالنمو الاقتصادي، ملمحاً إلى أن ماليزيا تعد من أكبر نقاط الجذب للعقارات، خاصة وأنها رخيصة بالنسبة لتكاليف المعيشة، مستشهدا بمدينة كولومبو التي احتلت المركز 230 بين دول العالم فيما يتعلق بتكلفة المعيشة، والتعليم، مبيناً إن لديهم في ماليزيا برنامجا لتشجيع المستثمرين للاستثمار في منطقة سراوا، إذ أنهم يمنحون المستثمرين الراغبين في الاستثمار في ماليزيا التأشيرات المتعددة التي يتمكنون من خلالها الدخول والخروج عدة مرات بعيداً عن أي إجراءات بيروقراطية تعوق أعمالهم وتحركاتهم.
وعلى الصعيد ذاته أوضح جمال زيدي رئيس مجلس إدارة الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف أن القطاع العقاري من القطاعات المهمة لأي اقتصاد في العالم ،ولكن مع ذلك يحمل الكثير من المخاطر التي قد تنعكس سلبا على اقتصاد أي بلد في العالم والدليل على ذلك ما حصل في الولايات المتحدة.
وذكر زيدي أن العوامل الأساسية التي تؤثر في النشاط العقاري تعود إلى الطلب، والنمو ، التمويل، وعدد السكان وعدد اللاعبين في صناعة العقار والبيئة التنظيمية ، والمواد الخام والفترة الزمنية لقيام أي مشروع، مشيرا إلى أن النشاط العقاري بدأ في الانفجار منذ سنوات في الإمارات ثم بدأ في الانتشار في دول الخليج وتبلغ حجم سوق العقار الخليجية أكثر من تريليون دولار، كما أنها تمثل نحو 4.5 في المائة من الناتج المحلي في السعودية.
وأبان زيدي أن من أبرز المخاطر التي قد تؤثر في النشاط العقاري في المملكة مخاطر مالية والمطورين القادريين والإجراءات البيروقراطية في الجهات الحكومية، موضحا أن تقييم المطور العقاري ومدى قدرته على القيام بالمشروع والالتزام بالشروط والقوانين ومعايير السلامة والجودة وتلافي السلبيات التي قد تحدث بعد تشغيل المشروع ووجود الكوادر الإدارية المدربة لإنجاح المشروع وعدم انتقاله إلى أي مشروع آخر إلا بعد الانتهاء من المشروع الذي يقوم به، كما أن هناك مخاطر للعرض والطلب من حيث التمليك والإيجار ونسب الإنفاق والطلب على المنتج النهائي. وقال زيدي إن النشاط العقاري في المملكة يجب يبحث دوماً عن الفرص النوعية في قطاع التطوير العقاري، واقتناص الفرص المجدية من خلال برنامج التطوير وإعادة التطوير الذي تعتمده الشركات المطورة، وذلك لانتقاء أفضل المشاريع وأجداها. وعند تقييم المشاريع المتاحة، واستهداف قطاعات اقتصادية تتميز بقدرتها على النمو المتسارع، آخذين في الحسبان مدى تأثرها بالمتغيرات الاقتصادية والتحولات في البنية السكانية وديناميكية وتطورات السوق المختلفة.
وأشار زيدي إلى أن سياسته في التطوير العقاري لا تعتمد فقط على القدرات الذاتية بل تتعداها إلى المشاركة مع مطورين قادرين ومتميزين على مستوى المنطقة، باتباع عديد من طرق وأساليب التعاون الناجحة لضمان إرضاء العميل والمحافظة على جودة أي مشروع.