نبيل شرف الدين من القاهرة : مرة أخرى عادت الإحتجاجات العمالية لتتصدر واجهة الأحداث في مصر، فقد تظاهر يوم الأحد بضع آلاف من العاملين في إحدى شركات الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى الصناعية في دلتا مصر، مطالبين بزيادة أجورهم، وقد ردد المتظاهرون هتافات مناوئة لكل من الرئيس المصري، ورئيس الوزراء، وغيرهما من كبار المسؤولين.
وتأتي هذه المظاهرة عشية اعتزام موظفين وعمال تنظيم مظاهرة في القاهرة يوم غدٍ الاثنين أمام مقر وزارة التنمية الاقتصادية التي ستشهد اجتماعًا لبحث وضع حد أدنى جديد للأجور في البلاد، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار معظم السلع والخدمات في البلاد خلال الأشهر الماضية، وفي سياق متصل فقد لوح الآلاف من الاطباء المصريين بتقديم استقالاتهم ما لم ترفع الحكومة الحد الادنى لأجورهم مثلما فعلت بالنسبة إلى المعلمين في المدارس المصرية .
وتربط تقارير دبلوماسية غربية في القاهرة بين تصاعد الإضطرابات العمالية من ناحية، ومن ناحية أخرى السياسات الاقتصادية الليبرالية التي يتبناها جناح متنفذ بالحزب الوطني (الحاكم) الذي يتزعمه الرئيس المصري حسني مبارك، ويشغل نجله جمال منصبًا رفيعًا في قيادته، ويبدو الآن المرشح الأكثر احتمالاً لخلافة والده في رئاسة البلاد، على الرغم من الإنكار المتواصل من قبل مبارك الاب والابن على نحو سواء لهذه الفرضية، غير أن شواهد عديدة تشير إلى التقدم المطرد لجمال مبارك سواء داخل الحزب الحاكم، أو من خلال الدفع المتواصل بأعضاء quot;لجنة السياساتquot; التي يرأسها لمناصب وزارية وإدارية عليا

احتجاجات وإحصائيات
وشهدت مصر خلال العام الماضي عشرات الاعتصامات والمظاهرات، احتجاجًا على ارتفاع الاسعار وتدني أجور العاملين، ورصدت منظمة quot;أولاد الأرضquot; المعنية بالحقوق العمالية إحصائيات مفادها أن هناك: 15 اعتصامًا و 6 إضرابات و 3 تظاهرات وتجمهر، ووقفتين احتجاجيتن، ومصرع 8 عمال، وإصابة ستة آخرين نتيجة ظروف العمل السيئة، فضلاً عن فصل 2750 عاملاً وتشريدهم ، كحصاد إحصائي للحركة العمالية في مصر خلال العام المنصرم .
كما رصدت دراسة ميدانية أعدها quot;مركز الأرضquot; أيضًا ما وصفته باتنهاكات الحقوق الديمقراطية للعمال في ظل العمل بحالة الطوارئ، ومصادرة الحق في التنظيم والإضراب والتجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، وأشارت الدراسة إلى أن العمال عانوا في ظل قانون الطوارئ، منذ الثمانينات وحتى الآن من الملاحقات .
وأوضحت الدراسة الحقوقية أيضًا ما اعتبرته quot;انتهاكات امتدت إلى عدم توفير فرص عمل لائقة خاصة بعد ارتفاع نسب البطالة إلى نحو 11%، وارتفاع عدد العاطلين إلى ثمانية ملايين شخص، كما استعرضت أيضًا الانتهاكات التشريعية التي وصفتها بأنها تتمثل في فصل العمال دون تعويضهم، وغلق المصانع لأسباب اقتصادية دون الاعتداد بحقوق العمالquot;، وفق ما ورد في الدراسة الحقوقية .
وتنوعت أسباب احتجاجات العمال بين مشارب شتى، فكانت أكثر أسباب الاحتجاجات بسبب عدم صرف المستحقات المالية، يليها تعسف جهات الإدارة، يليها تصفية وخصخصة وبيع المصانع والشركات، وشكل عدم تثبيت العمال احتجاجين فقط، ثم انتهاك حقوق العمال في التأمين الصحي والاجتماعي وتعديل بنود عقد العمل، فضلاً عن تدني الأجور والخصم من الرواتب وغيرها من الأسباب والدوافع .
وكانت ابرز تلك الاحتجاجات العمالية إضرابات عمال شركة ومصر لغزل المحلة، وشركة أسمنت أسيوط، وشركة quot;مصر ـ إيران للغزل والنسيجquot;، وشركة السكر بالفيوم، وشركة quot;الإسكندرية للغزل والنسيجquot;، وشركة quot;مصر للغزل والنسيجquot; بمدينة كفر الدوار شمال القاهرة .