كامل الشيرازي من الجزائر: في خطوة تدعيمية جديدة، رصدت الحكومة الجزائرية مخصصات زادت عن 21 مليار دينار (بما يعادل 310 مليون دولار) لحماية ثروتها من المواشي المقدرة بـ20 مليون رأس، وجاء الإجراء بعدما شهدت السوق المحلية في الآونة الأخيرة أزمة حادة في الأعلاف، جعلت جمهور الموّالين يقرعون أجراس الإنذار خشية مما قد يطال بورصة المواشي من مخاطر بالجملة بحلول الصيف القادم، وهو ما جعل الحكومة الجزائرية، قبل أسبوعين، تقدم على تعليق استيراد لحوم الأغنام إلى غاية آب/أغسطس، بهدف الحفاظ على الثروة المحلية، وتمكينها من تجاوز هذه المرحلة الصعبة بسبب الجفاف الذي طبع الجزائر هذا الموسم.

وتعتزم وزارة الزراعة الجزائرية تخصيص القيمة المذكورة لاستيراد ثلاثة ملايين قنطار من الأعلاف، بعدما تناقص وعاء المخزون المحلي إلى نحو 62 ألف قنطار فحسب، في وقت أقرّت الحكومة دعم القنطار الواحد من الشعير بمعدل 2150 دينار، ما يمكّن المربين من اقتناءه بـ1550 دينار للقنطار، في حين يتحمل الديوان الجزائري المهني للحبوب الفارق، وستسمح المساعي التي شرع فيها الديوان لشراء الشعير، بضمان عمليات التسليم الأولى اعتبارا من شهر يونيو/حزيران المقبل.


كما أصدر رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم تعليمة تقضي بفتح 2.4 مليون هكتار من المساحات السهبية المحمية، للموالين، من أجل تخفيف الضغط المسجل بخصوص أغذية الأغنام، بينما تتطلع السلطات بالتنسيق مع الموّالين لاعداد استراتيجية منسجمة في مجال تربية المواشي، للتصدي للظروف المناخية غير المواتية خلال السنوات العشرة الأخيرة حيث سجل عجز في معدل تساقط الأمطار بنسبة 60 بالمئة في المناطق السهبية مما أدى إلى نقص في إنتاج أغذية الأغنام ونتجت عنه مضاربة في الأسعار بفعل اضطرابات السوق، وانعكاساتها على 18 ولاية كاملة، حيث تجاوز سعر القنطار الواحد من الشعير عتبة 2000 دينار، فيما قفز سعر القنطار من النخالة إلى 2100 دينار، وتجاوز سعر القنطار من الخرطال عارضة 4500 دينار، وقد دفع ذلك الارتفاع بالموالين إلى بدء محاولات التخلص بسرعة من رؤوس الماشية التي يملكونها خوفا من تكبدهم خسائر أكبر فداحة خلال الفترة القادمة.


وانتقد متعاملون قبل أيام استمرار بلادهم في استيراد ما معدله 650 طن من اللحوم المجمدة شهريا ndash; ما يعادل 60 ألف رأس من الماشية شهريا، وهو ما اعتبروه quot;ضربة للانتاج المحليquot;، كما استغرب محمد عليوي رئيس الاتحاد الجزائري للمزارعين مفارقة دعم حكومة بلاده في وقت سابق لموالي أمريكا اللاتينية وأوروبا باستيرادها منتجاتهم، بينما لا تلقي بالا لمتاعب مواطنيها الموّالين، وهو تساؤل تداركته دوائر القرار، بشكل سيعين على ضمان تسويق الماشية الجزائرية وجعلها في منأى عن لعنة الفوائض غير المستغلة.

وتزخر الجزائر بثروة هائلة من الأغنام تتميز بجودتها، بقدر جعل شهرتها تتعدى إلى خارج البلاد لنوعها وطيبة لحمها، وهو ما يجعل البلد بحسبه في غنى عن أي لجوء إلى الإستيراد ويستبعد شبح الندرة بهذا الشأن، بيد أنّ حمى التهريب والمضاربات التي تشتد في الاعياد والمناسبات مواسم الأفراح جعلت هذه الوفرة لا تصنع للقضية ودا، علما أنّ عيد الأضحى من كل سنة، يشهد استهلاك معدل مليوني و500 ألف خروف.

وتتهّم دوائر الرقابة في الجزائر، كثير من المهربين الذين يستنزفون ثروة لا يستهان بها من الأغنام، في صورة ثلاثمائة ألف رأس غنم يوميا تتعرض للتهريب من طرف شبكات مختصة عبر الحدود مع الجارتين تونس والمغرب، رغم نجاح دوائر الرقابة الجزائرية في إحباط عملية تهريب كبيرة لنحو خمسمئة ألف رأس غنم قبل أشهر.

وزيادة على ظاهرتي المضاربة والتهريب، تضاعفت متاعب الجزائريين، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إثر الخسائر الضخمة في المحاصيل الزراعية بفعل الأمطار الطوفانية، بجانب تبعات موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد في الأشهر القليلة الماضية، ما أدى الى ارتفاع أسعار الأعلاف إلى ما يقارب 2500 دينار (50 دولارا ) للقنطار الواحد، كما تسبّب مرض quot;اللسان الأزرقquot; في تراجع أعداد الماشية المطروحة للبيع داخل الأسواق، وهي عوامل تأثرت بها منظومة المواشي بشكل كبير، وهو ما دفع التجار والموالين لرفع الأسعار بغرض تعويض خسائرهم.

وتحولت أسواق الماشية في الجزائر قبل فترة إلى عنوان كبير للاستغلال والغلاء، هذان الأخيران صارا سائدان في أسواق المواشي بفعل ظواهر المضاربة والسمسرة، فبورصة أسعار المواشي أصبحت لا تقلّ عن 20 ألف دينار للخروف العادي ( 300 إلى 450 دولارا) بينما الخروف الجيد لا ينزل ثمنه عن 25 ألف دينار ( 500 دولار) ليصل عند أجود الكباش من 40 ألف دينار إلى 200 ألف دينار ( بين 800 دولار و1200 دولار) وقد يزيد على ذلك أحيانا.