بعدما تسبب تهريبها في استنزاف المليارات
الجزائر تخطط للاستثمار في النفايات النحاسية

كامل الشيرازي من الجزائر: أفادت مصادر حكومية جزائرية، الخميس، أنّ بلادها تنوي الاستثمار في النفايات النحاسية، وتحضر في الفترة الحالية لافتتاح خطة لتصنيع طاقة هامة من النحاس الذي ظلّ مهملا، بعدما ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة استغلال ثروة الجزائر الهائلة من هذه النفايات، ويأتي الإجراء متزامنا مع شروع العملاق الإماراتيquot; الدولية للاستثماراتquot; في إنشاء مصنع تزيد تكلفته عن 490 مليون دولار لإنتاج أسلاك المباني وكابلات نقل الكهرباء من مادتي النحاس والألمنيوم ذاتي الجهد المنخفض والمتوسط والعالي حسب المواصفات والمقاييس المعمول بها عالميا.

وبحسب معلومات حصلت عليها quot;إيلافquot;، فإنّ مشروعا كبيرا لاسترجاع الكوابل النحاسية سيقام بالمنطقة الصناعية التابعة لولاية عين الدفلى (170 كلم غرب الجزائر)، حيث يٌرتقب أن يبدأ المصنع هناك حركيته بنهاية العام الجاري، عن طريق شراكة جزائرية مصرية، في استثمار تربو قيمته عن العشرين مليون دولار، وأفيد أنّ الجهات المختصة بدأت مساعي حثيثة لإتمام إنجاز المصنع وتجهيزه بأحدث المعدات، لمباشرة عملية إنتاج الكوابل النحاسية التي يكلف جلبها أموالا طائلة، وتتوقع مراجع محلية أن يتمكنّ المصنع المذكور من إنتاج ما قيمته 11 مليون دولار سنويا.


وقال مصدر مسؤول بوزارة التجارة الجزائرية، أنّ بلاده تعتزم إقامة مصنعين ضخمين في آفاق العام 2010، كأقصى تقدير، في خطة تروم استرجاع المعادن النحاسية من خلال إنشاء مركزين نموذجيين بولايتي الجزائر العاصمة ووهران، في انتظار تعميم التجربة إلى مناطق مختلفة من البلاد، وذكر المصدر ذاته أنّ الحكومة الجزائرية تتجه إلى إقرار منع نهائي لتصدير المواد النحاسية، بعدما تسبب تصدير عشرة آلاف طن من النفايات النحاسية سنويا على شكل نفايات غير حديدية، في تكبيد الخزانة العامة خسائر زادت عن الثلاثة آلاف مليار دينار، بجانب رهن مشاريع ضخمة، علما أنّ الجزائر رغم امتلاكها لعديد مناجم الرصاص والزنك والنحاس، إلاّ أنّها تستورد نسبة 70 بالمئة من حاجياتها لمادة الحديد من دول أوروبا الشرقية، في ظل محدودية الإنتاج المحلي وعدم تجاوزه عتبة الـ30 بالمئة.


من جانبها، تعتزم شركة الإمارات الدولية للاستثمار إنشاء مصنع للكابلات في الجزائر بتكلفة تصل إلى 1.8 مليار درهم وهو ما يعادل 490 مليون دولار، ويقوم الاستثمار في أساسياته على استغلال مادة النحاس، وتقول إفادات أنّ الطاقة الإنتاجية للمصنع ستكون بحدود 40 ألف طن إلى 60 ألف طن من الكابلات النحاسية كل عام اعتبارا من السنة المقبلة، بجانب سبعة آلاف طن من الألمنيوم.

ويدعو خبراء الشأن الاقتصادي في الجزائر إلى الاعتناء أكثر بصناعة النحاس لكونها من الصناعات الاستراتيجية، والوفاء بموجباتها يتم عبر وضع خطة بعيدة المدى تسد حاجة الصناعات الرئيسية في البلاد، ويتحدث الإعلامي المختص quot;هيثم ربانيquot; عما يقلّ عن ثمانية مشاريع رئيسة لتطوير صناعة النحاس في الجزائر يمكن تفعيلها لدفع المسار التنموي، وتطوير قطاع الصناعات غير الفلزية يمر حتما عبر استغلال ما تختزنه الجزائر من ثروة نحاسية مبدّدة، علما أنّ السلطات تتطلع أيضا إلى quot;إعادة تدويرالنفايات الصناعيةquot;، سيما بعد تقارير تحدثت عن خسائر وصلت إلى مستوى سبعة مليارات دولار جراء تقاعس الدوائر المعنية في تسيير 3 ملايين طن من النفايات المكدسة في الجزائر، ليدفع الجهات المختصة إلى حث عموم الشركات والمستثمرين المحليين والأجانب للخوض في صناعة من شأنها بحسب خبراء توفير آلاف مناصب الشغل، وتوفير المليارات تستطيع دوائر القرار توظيفها كمنابع تمويل مستحدثة لتمويل مختلف مناحي الحياة في الجزائر.

ولجأ مصدرون منذ تسعينيات القرن الماضي إلى تهريب آلاف الأطنان من الكوابل النحاسية باعتماد طرق ملتوية، من خلال التصريحات الكاذبة كالقول بأنّهم بصدد تصدير نفايات حديدية، بينما الحاويات تحتوي على كميات هائلة من النحاس المسروق، كما يلجأ هؤلاء إلى تذويب الكوابل في ورش خاصة، وتشكيلها في سبائك لتفادي اكتشاف بأنها في الأصل كوابل نحاسية مسروقة.