كامل الشيرازي من الجزائر: بدأ التجار في الجزائر، حملة لإجبار السلطات على خفض الرسوم الجبائية، بعدما صارت الأخيرة تمثل عبئا ثقيلا على عاتق التجار والحرفيين المحليين، ويطالب هؤلاء الجهات الرسمية بمراجعة quot;السياسة الضريبية المعتمدةquot; في الجزائر، وإزالة معوقات اضطرت خمسة آلاف تاجر في البلاد إلى التوقف عن النشاط، ناهيك عن ألفي حرفي، ويعزو مراقبون هذا النزيف، إلى النمط الضريبي المتبّع، وما يطبع منظومة الضرائب المحلية التي فرضت تقييدات وبعض التطبيقات السلبية في السابق، على غرار ما اتسّمت به مجالات الزراعة والمؤسسات المتوسطة.

وقال متحدث باسم الإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، الاثنين، أنّ هيئته تقترح تخفيض بعض الرسوم الجبائية بالنظر quot;للتكاليف الجبائية وشبه الجبائية الثقيلةquot;، والتي جعلت القطاع الموازي السائر خارج سلطة الضرائب، معتبرا وفي تنام مستمر، ودعا quot;بن يوسف مشنتلquot; العضو في اللجنة الجزائرية للطعون في الجباية، إلى تخفيض الرسم الجزافي الوحيد المطبق على البيع والشراء لينتقل إلى 3 بالمئة عوض 6 بالمئة المفروض حاليا، فضلا عن تخفيض مماثل على الخدمات ليصبح الرسم الجبائي 6 أو 8 بالمئة بدل 12 بالمئة المعمول به حاليا، واعتبر quot;بن يوسف مشنتلquot; أنه يجب رفع النسبة الدنيا الخاضعة للضريبة على رقم الأعمال إلى 2 مليون دينار بالنسبة للرسم المذكور آنفا.

وأعلنت الحكومة الجزائرية، قبل شهرين، عن إستعدادها لإقرار إصلاح ضريبي شامل، في مخطط لعصرنة القطاع، وتغيير توجهات القطاع الجبائي، لكن التجار وسائر المتعاملين الاقتصاديين بقوا على موقفهم، ونظروا بعين الريبة إلى التزامات رسمية لم تتحول إلى واقع ملموس، في وقت يدعو مختصون إلى تبني ميثاق الخاضعين للضرائب، فضلا عن استحداث بطاقة ممغنطة تحتوي على كافة المعطيات المتصلة بالتجار وكذا المستوردين، وتدعيم النظام الجبائي عن طريق إقرار تحفيزات، وإلغاء ما يُعرف بـquot;الإعفاءات والأنظمة الخاصة الاستثنائيةquot;، وما يتصل بـquot;المزايا الجبائيةquot;، علما أنّ السلطات سعت إلى إنشاء مراكز ضريبية نموذجية على مستوى الولايات الكبرى.

وتسبب تداول 80 بالمئة من السلع والبضائع في نحو خمسمائة سوق يطلق عليها مسمى (فوضوية)، في تواجد 55 مليار دينار بما يعادل 9 مليارات دولار خارج نطاق سيطرة الضرائب والتحصيل الجبائي، بحسب تقديرات وزارة التجارة الجزائرية، وهو واقع غريب ينطوي على مفارقات أفرزت حياة اقتصادية محلية تتميّـز بمناطق شعبية تشبه الدول، تبيع وتشتري كما تشتهي ولا تعرف مفهوم الضرائب وإتاوات الدولة، ويمكن للمتجول في مدن جزائرية عديدة بدءا من الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية مرورا بمحافظات داخلية، وصولا إلى مدن الجنوب الكبير، أن يلحظ عشرات التجمعات الاقتصادية المتناثرة هنا وهناك، هذه الأخيرة تسيرها مجموعة من (البارونات)، وفق قوانينها الخاصة بعيدا عن أي سيطرة أو وصاية من طرف الدولة التي أعيتها الحيل على ما يبدو إذ استمرّ بقاء السوق الموازية لسنوات طويلة في الجزائر رغم توالي 12 حكومة، ما يعدّ مؤشرا على سطوة هذه السوق وقوة عرّابيها.

ويربط مراقبون للوضع التجاري في الجزائر، السجال الضريبي الحاصل، بما تسببت به ولا تزال ظاهرة quot;السوق الموازيةquot;، فهذه الأخيرة التي بلغ رقم أعمالها العشر مليارات دولار وتستوعب ما يربو عن المليوني شخص، تدور في فلك لا يعترف بالتحصيل الضريبي، وتؤكد إحصائيات رسمية حديثة، أنّ الاقتصاد الموازي في الجزائر يسيطر لوحده على 40 بالمائة من الكتلة النقدية المتداولة في السوق المحلية، وهي نسبة ضخمة أثرت على أداء التجار المندرجين في السجلات الرسمية.

هذه المعضلة التي اشتكى منها وزراء التجارة المتعاقبين في الجزائر، يقترح خبراء أن يتم حلها بتحديد فترة إعفاء ظرفية تشمل جميع تجار السوق الموازية، بحيث تغنيهم عن دفع الرسم على مداخيلهم الإجمالية والرسم على أرباح مؤسساتهم على امتداد ثلاث سنوات كفيل، بما يكفل إعادة تنظيم الإيرادات الجبائية.

يشار إلى أنّ تقرير أعلنه الديوان الجزائري للسجل التجاري، الأحد، أفاد أنّ عدد التجار الناشطين بالجزائر، هو 1.2 مليون تاجر مقيدين في السجلات الرسمية خلال العام الماضي، ما يمثل ارتفاعا نسبته بـ6.7 بالمئة في السنة التي قبله، وينتمي نصف هؤلاء إلى تجارة التجزئة (50.1 بالمئة)، فيما يتوزع البقية بين الخدمات (31.4 بالمئة)، والصناعات (14.4 بالمائة)، وتجارة الجملة (4.1 بالمئة).