بعدما زادت قيمته عن الملياري دولار
الجزائر تحضر قانونا لقمع الغش التجاري

كامل الشيرازي من الجزائر : تعكف وزارة التجارة الجزائرية حاليا على إعداد مشروع قانون لقمع ظاهرة quot;الغش التجاريquot;، وبحسب إفادات حصلت عليها quot;إيلافquot; يتعلق الأمر بسنّ ضوابط تحكم حركية مختلف المنتجات المتداولة في السوق المحلية، بغرض وضع حد للتقليد والقرصنة وما يواكب تزوير العلامات التجارية، حيث صارت قيمة الغش التجاري في البلاد تربو عن الملياري دولار، علما أنّ الجزائر شرعت منذ عام 1997 في مكافحة ظاهرة التقليد والقرصنة على الأعمال الفكرية، إلاّ أنّ خبراء يجمعون على أنّ الجزائر مازالت متأخرة من حيث ترسانتها القانونية والعقابية لمواجهة المنتجات المغشوشة الني يسميها الجزائريون (سلع تايوان).

وكشف حسن زنتار نائب مدير النوعية في وزارة التجارة لـquot;إيلافquot;، أنّ مشروع قانون مكافحة الغش، سيعرض على الحكومة وعلى غرفتي البرلمان لإثرائه والتصديق عليه بنهاية العام الجاري، ويهدف هذا المشروع بحسب مصادر quot;إيلافquot; إلى تكثيف الرقابة على المنتجات المسوقة في السوق المحلية ومدى مطابقتها لمقاييس الجودة والنوعية، والتصدي لاستشراء ظاهرة المنتجات المقلدّة التي خلّفت آثارا وخيمة، على منوال قطع غيار السيارات المغشوشة على سبيل المثال لا الحصر.

ويأتي الإجراء في سياق سعي السلطات لحماية المستهلك بعد أن صار عرضة لتحايلات قطاع من التجار، وتحتوي مسودة القانون المذكور، على إجراءات ردعية ضدّ المخالفين للتدابير الخاصة بقواعد تداول الأغذية بداية من الإنتاج إلى الاستيراد والمعالجة، فضلا عن مراعاة شروط الحفظ والتخزين والتوزيع والنقل والتحضير، لوضع حد للاختلالات التي طغت على الأسواق المحلية، وتأطير قواعد المنافسة الشريفة دون تمييز أو مفاضلة بين التجار وسائر المتعاملين، ناهيك عن قمع الممارسات غير المشروعة على غرار السمسرة التي تسببت في مضاعفة أسعار مواد استهلاكية أساسية بثلاث إلى خمس مرات عن سعرها الحقيقي.

ويتساءل مراقبون عما إذا كان القانون المذكور سينجح في التعاطي بحزم مع قضية جودة السلع الاستهلاكية ومنطقية أسعارها ومساعدة المستهلكين على اختيار ما يناسبهم، بجانب تمكينهم من حقهم في التغذية وسائر الخدمات اللازمة، وكنقطة استدلالية، يعاني 85 في المئة من الجزائريين سوء التغذية نتيجة تدهور قدرتهم الشرائية بنسبة تفوق 55 في المئة خلال الـ20 سنة الفارطة، بينهم حوالى مليوني طفل جزائري يفتقرون لأبسط أنواع التغذية الضرورية لسنهم، مثل الخبز والحليب والجبن.

واتسعت دائرة المخاوف في الجزائر إزاء تفاقم ظاهرة quot;تزوير العلامات التجاريةquot;، حيث ارتفعت قيمة الأخيرة، بما أفرز تقليد 41 بالمئة من العلامات التجارية المحلية، ما كبّد الاقتصاد الجزائري خسائر تربو عن خمسة عشر مليون دولار كل عام وفق تقارير رسمية، وكشف quot;عمار رمضانيquot; مدير محاربة الغش على مستوى إدارة الجمارك الجزائرية، أنّ حجم المنتجات المقلدة المحجوزة من قبل مصالحه، تتوزع 66 في المائة منها على السجائر، و27 في المائة قطع غيار سيارات، إضافة إلى الأجهزة الكهرو منزلية ومنتجات التجميل علاوة على حجم قليل من المنتوجات الصيدلانية المقلدة.

وأفاد رمضاني، في تصريحات لـquot;إيلافquot;، أنّ انتشار المنتوجات المقلدة في الجزائر مبعثه آسيا بـ55 بالمائة، تحديدا الصين (52 في المائة)، و36 بالمائة من إمارة دبي، إضافة إلى 35 بالمائة من أوروبا و10 بالمائة من الشرق الأوسط و حوض المتوسط، وتنافس المنتوجات المقلدة المتكونة خصوصا من قطع الغيار والمنتوجات الكهربائية المنزلية والمواد الغذائية ومستحضرات التجميل والعطور السوق القانونية بنسبة 35 بالمائة، مع الإشارة إلىأنّ الثلاث سنوات الأخيرة شهدت بداية رواج المنتوجات المقلدة القادمة من إيطاليا وتركيا، هذه القرصنة، جعلت الجزائر تتواجد في المرتبة السابعة عالميا فى مجال إنتاج البرمجيات المقلدة بنسبة 83 بالمائة.

ووفق إحصاءات الديوان الجزائري لحقوق المؤلف فإنّ أعمال القرصنة تمس الاشرطة السمعية للاعمال الموسيقية بنسبة 37 بالمائة والأقراص المضغوطة بنسبة 72 بالمائة وأشرطة الفيديو المستنسخة والمسوقة بنسبة 75 بالمائة، وسط فشل حكومي في مواجهة هذه الآفة، الأمر الذي استدعى تدخلا حكوميا صارما للمراقبة والمتابعة.

ويرى الخبير الجزائري عبد الحق العميري، أنّ ظاهرة quot;تزوير العلامات التجاريةquot; كانت لها ولا تزال تأثيرات سلبية على مسار انضمام الجزائر الى منظمة التجارة العالمية، وهي الخطوة المتعثرة منذ سنوات طويلة، بسبب فرض الطرف الأوروبي التعامل مع الجزائر، وفق قواعد صارمة في مجال حماية الملكية الفكرية والنسب العالية للقرصنة، وتتمثل النسب المقبولة على الصعيد الاوروبي في 16 بالمائة بالنسبة للقطاع السمعي والبصري و26 بالمائة لاشرطة الفيديو المستنسخة.

وكان المشاركون في الندوة الدولية حول العلامات التجارية المزورة التي احتضنتها الجزائر قبل أشهر، حذروا من النتائج السلبية المترتبة على ظاهرة تدفق المنتوجات المزورة والمغشوشة، ودعوا إلى صياغة منظومة قانونية متكاملة لمعالجة هذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم بتزايد نشاط الشركات الأجنبية في مختلف البلدان.

وأكدت ندوة الجزائر أن تطويق هذه المشكلة يقتضي تعاونا دوليا جادا يتجاوز في أبعاده وأهدافه البرامج الوطنية التي عجزت باعتراف الخبراء عن إيقاف زحف هذه الكارثة الإقتصادية، بينما طرح مختصون قضية تعزيز مراقبة الحدود البرية والمطارات والموانئ وتشديد عمليات التفتيش بخصوص السلع والمنتجات المستوردة والتي كثيرا ما تكون مغشوشة وذلك باستعمال كل الوسائل العلمية والتكنولوجية المتاحة.