محمد العوفي من الرياض : دعا خبير اقتصادي سعودي إلى استثمار الفوائض والإيرادات المتصاعدة جراء ارتفاع أسعار النفط وبلوغها مستويات قياسية بطريقة مختلفة عن الطريقة التي أديرت بها إبان الطفرة الاقتصادية الأولى. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور حسان بو حليقه في تصريح لإيلاف إن الارتفاع الكبير والمتسارع في أسعار النفط سيؤدي إلى زيادة في الفوائض والإيرادات الخليجية عمومًا والسعودية خصوصًا، ولذلك يجب أن نتعامل مع هذه الإيرادات الإضافية بطرق جديدة تختلف نوعًا ما تركز على الاستثمار المحلي من خلال تطوير البنى التحتية (الطرق والجسور والخدمات الاجتماعية والاقتصادية)، وإطلاق مبادرات للاهتمام بالموارد البشرية بإعتبارها الثروة الحقيقية للبلاد.

وأضاف أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن مبادرات شحذ الاقتصاد المحلي يجب أن تختلف عما حدث إبان الطفرة الاقتصادية الأولى التي تمثلت في إنشاء عدد من الصناديق التنموية التي أدت إلى أغراض ذات أثر إيجابي على التنمية، لكنها في الوقت الحالي بحاجة إلى تعزيز قدراتها وتوثيق صلتها بالدوائر الاقتصادية، وتوسيع مجالات الإقراض لتصبح السياسة الإقراضية الجديدة تستند إلى شقين: يتمثل الشق الأول في رفع سقف الإقراض، ويتعلق الشق الثاني في توسيع دائرة ومجالات الإقراض، مشيرًا إلى أن صندوق التنمية العقاري على سبيل المثال كان له أثر مهم في تمكين المواطنين من بناء السكن لكن في المرحلة المقبلة من المفيد مواصلة رفع رأسماله، ورفع سقف الإقراض لأكثر من 300 ألف ريال لأنه قياساً إلى الأسعار الحالية قد لا يكون كافياً لتغطية فاتورة حديد التسليح اللازم لبناء المنزل، إلى جانب زيادة عدد القروض الممنوحة سنويًا بما لا يقل عن خمسة أضعاف المعدل الحالي، إضافة إلى إعادة العمل بالقروض الاستثمارية.

وزاد أن هذه السياسة التوسيعية يمكن تطبيقها على بقية الصناديق التنموية، مشيرًا إلى أهمية ربط هذه الصناديق بالمؤسسات المتوسطة والصغيرة بهدف زيادة قدرتها على التوسع والنمو بما يمكنها من استقطاب المزيد من المواطنين مما يريد العمل لحساب نفسه.

وأشار إلى أنه لا بد من توقع زيادة احتمال تنامي الضغوط التضخمية بما يؤدي إلى زيادة معاناة محدودي الدخل أو رقيقي الحال، ولذلك يجب رصد متواصل للأحوال المعيشية لهذه الشريحة للارتقاء بشبكة الأمان الاجتماعي بما يوفر مستوى الكفاف لهذه الشريحة.

وحذر بو حليقه من أن عدم التعامل مع هذه الإيرادات بطريقة جدية قد يجعل هذه الدول ضحية نجاحات أسعار النفط في الوقت الذي يبحث فيه المستهلكون عن بدائل لاستخدام النفط، مشيرًا إلى أن استخدام بدائل النفط كالوقود الحيوي واستخدام المخزون الاستراتيجي أصبح في الوقت الحاضر في حال استمرت أسعار النفط في الارتفاع لفترة طويلة.

وكان تقرير اقتصادي صادر عن معهد ماكينزي العالمي، قد قالإن دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تحقق إيرادات تتجاوز ستة تريليونات دولار من صادرات النفط بحلول عام 2022وإن كيفية استثمار هذا المبلغ قد يكون لها تداعيات مالية وسياسية يستمر أثرها عشرات السنين.إن دخل دول المجلس الست من تصدير النفط بسعر 70دولارًا للبرميل سيبلغ 6.2تريليونات دولار خلال الأربعة عشر عامًا المقبلة أي ثلاثة أمثال ما حصلت عليه في 14عامًا مضت، وأضاف التقرير إنه بسعر 100دولار للبرميل ستصل الإيرادات إلى تسعة تريليونات دولار .

فيما قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية قبل أن يصل سعر برميل النفط المستويات القياسية التي سجلها يوم الجمعة الماضية عند 139 دولارا للبرميل إنه من المتوقع أن تجني الدول الأعضاء في أوبك إيرادات قياسية قدرها 850مليار دولار هذا العام من صادرات النفط بزيادة نحو 175مليار دولار عن إيرادات عام 2007 م، مشيرة إلى أن صافي إيرادات دول أوبك من تصدير النفط سيقفز 26 في المئة من المستوى القياسي للعام الماضي الذي بلغ 675مليار دولار ثم يهبط إلى 783مليار دولار في عام 2009مع تراجع أسعار النفط، وعلى أساس متوسط نصيب الفرد بلغت إيرادات أوبك من تصدير النفط 1147دولارًا العام الماضي وينتظر أن تزيد 24 في المئة في عام 2008 لتصل إلى 1424 دولارًا.