د. محمد عبدالرحمن الشمري
تبقى الحوافز العامل الخلاق نحو دفع البشر للإبداع والعطاء 0فبدونها يموت الطموح ، ويضيق الأفق، وتتضاءل الآمال بالعيش الكريم 0والشباب معطاء أينما وجد التوجيه والحوافز المشجعة للأداء والعمل، فالذين قدموا لهم الحوافز المشجعة في كرة القدم، خلقوا منهم أبطالاً تعلوا مناصب التتويج الإقليمية والعالمية لعدة سنوات، ولو وجدوا من يمنحهم الحوافز المادية في العمل، لأعادوا سيرة آبائهم وأجدادهم بالكفاح والعمل في أصعب الظروف.
إن انعدام الحافز المادي للوظيفة بسبب الأجور المتدنية التي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة، خاصة أجور العمل في القطاع الخاص، يعد من ابرز عوامل البطالة، وتفشي اليأس والإحباط في نفوس الكثير من الشباب السعودي المؤهلين للعمل 0وانعكس ذلك على نفسياتهم، وعلى سلوكهم، ولعل الازدياد المضطرد في حالات الاكتئاب، والأمراض النفسية، وتفشي الجريمة، وازدياد العنوسة بين الفتيات ، خير شاهد للآثار الخطيرة للبطالة بين الشباب.

وقد حان الوقت للنظر بعمق بمشكلاتهم، وإيجاد الحلول التي تدفعهم نحو العمل وتخلق منهم جيلاً منتجاً وقادراً على مواجهة التحديات، وقد تكون أبرز الحلول هي إعادة النظر في مستوى الأجور والرواتب المقدمة من القطاع الخاص، والعمل على إصدار تشريعات تضع الحد الأدنى المناسب لمستوى الأجور التي تكفل مواجهة متطلبات الحياة الضرورية من سكن وغذاء ودواء.

فهذا الاجراء مطبق في الكثير من الدول التي تضع حداً أدنى لمعدل الأجر اليومي للعمل في القطاع الخاص لا يجوز لرب العمل النزول عنه مهما كانت الظروف، إضافة إلى الحوافز الأخرى من تأمينات اجتماعية وصحية، بل تزيد بعض الدول بإخضاع رب العمل الذي يخالف ذلك للمساءلة الجزائية.

والحقيقة لا ينقصنا شيء لتطبيق ذلك، خاصة في الشركات التي ساهم المواطنون في رأس مالها حتى بلغت أرصدتها أرقاماً فلكية لا مثيل لها في العالم، والمطلوب فقط تفعيل نظام العمل وتعزيزه بما يكفل الحفاظ على حق العاملين بحد أدنى من الأجر كحافز للعمل والعطاء 0وإيقاف مساهمة صندوق تنمية الموارد البشرية المادية في الأجور ، وتوجيه نشاطه نحو التدريب أو أي أنشطة أخرى غير المساهمات المادية 0والتوقف عن تدليل القطاع الخاص والمستثمرين، فقطاع الأعمال، والاستثمارات الأجنبية، لا خير فيها إن لم توفر للمواطنين فرص العمل التي يتطلعون إليها، وهي التي مافتئت تبشر بتلك الوظائف والعيش الرغد، لكن سرعان ما تنطفئ الوعود فور إتمام تغطية الاكتتاب بسبب عدم المتابعة من السلطة التنفيذية المسؤولة عن حماية حقوق المواطنين بالعمل في تلك الشركات.