كامل الشيرازي من الجزائر : أعلنت مراجع جزائرية، اليوم، أنّ اقتصادها بات يتكبّد خسارة بأربعمائة مليون دولار جراء تنامي ظاهرة السلع المقلّدة أو ما تُعرف بـquot;العلامات التجارية المزوّرةquot; بما أفرز تقليد 41 في المئة من العلامات التجارية المحلية وفق تقارير رسمية، علما أنّ دوائر الرقابة خلال العام المنقضي حجزت ما يربو عن الأربعة ملايين قطعة مقلدة.


وقال quot;الطاهر بولنوارquot; المتحدث باسم الإتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين أنّ الخسائر المالية المتراوحة بين 25 إلى 30 مليار دينار، ناجمة أساسا عن تسويق سلع مقلدة على مستوى الأسواق الموازية أو ما يُطلق عليها quot;الأسواق الفوضويةquot; التي تمثل 50 بالمئة من مجموع الأسواق العامة في الجزائر.
وتفيد بيانات ndash; حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها ndash; أنّ أكثر من 80 بالمئة من المنتجات المزورة مصدرها الاستيراد غير الشرعي الذي يعد النافذة الرئيسة لولوج السلع المقلدة إلى البلاد، أما عن الدول التي تصدّر هذه السلع فهي تتمركز على وجه الخصوص في دول آسيا الجنوبية لاسيما الصين وتايوان وتايلندا، وكذا دول أوروبا الشرقية خاصة روسيا وأوكرانيا، في حين تمثل السلع المنتجة في الجزائر والمقلدة quot;ثلثquot; المنتجات المتداولة في الأسواق وهو ما يمثل أكثر من 25 بالمائة من الوعاء العام.


ولم يسلم من هذه السلع أي قطاع من القطاعات، إذ مست الظاهرة كل الجوانب بينها السجائر التي تبلغ نسبة التقليد فيها 60 بالمئة من مجموع السجائر المتداولة في السوق الجزائرية، وكذا المواد الكهرو منزلية التي تمثل 12 بالمائة إضافة إلى قطع الغيار التي بلغت نسبتها 50 بالمائة وهو ما يفسر وقوع بعض الحوادث التي تكون السبب الرئيس فيها قطع الغيار المزورة.
كما أنّ مواد التجميل ليست في منأى عن التقليد، إذ إن 40 بالمئة من مجموع هذه المنتجات مقلدة في الأسواق الجزائرية، وهو ما تسبب في ظهور العديد من الأمراض الجلدية التي أكد المختصون أن سببها استعمال مواد لم يحترم فيها المعايير الصحية، كما شملت السلع المقلدة الملابس والأحذية وهي تمثل 30 بالمئة من مجموع السلع المتداولة في السوق المحلية، وغالبيتها جرى جلبها من الصين، حيث تستورد الجزائر ما قيمته 15 مليون دينار من الأحذية الصينية، وهو ما يمثل 25 ألف طن من السلع حوالى 30 بالمئة منها مقلد.


ومست السلع المقلدة الملكية الفكرية أيضا، في صورة ما كشفه الديوان الجزائري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة عن 423 قضية مساس بالملكية الفكرية، كما سجل حجز 134 ألف قرص مضغوط و10 آلاف شريط كاسيت، ووفق إحصاءات الديوان، فإنّ أعمال القرصنة تمس بشكل خاص الأشرطة السمعية للأعمال الموسيقية بنسبة 37 في المئة والأقراص المضغوطة بنسبة 72 في المئة وأشرطة الفيديو المستنسخة والمسوقة بنسبة 75 في المئة.
أما في ما يخص العملات المزورة التي يكثر تداولها في الأسواق الليلية وأسواق السيارات، وكذا أسواق البيع بالجملة، فقد تمكنت مصالح الدرك من حجز أكثر من ألف ورقة مزورة من فئة الألف دينار تم على إثرها إيقاف نحو مائتي شخص.
وللحد من تداول هذه السلع التي أضحت تهدد حياة المستهلكين في الجزائر، يقترح خبراء تشكيل فرق متخصصة في محاربة المنتجات المقلدة على مستوى مصالح الأمن، إضافة إلى إشراك مصالح الصحة في برامج مكافحة هذه المنتجات، فضلا عن إقحام المجالس المحلية المنتخبة في محاربة الأسواق الفوضوية والسلع المقلدة، وسط فشل حكومي في مواجهة هذه الآفة، الأمر الذي استدعى تدخلا حكوميا صارما للمراقبة والمتابعة.
وشرعت الجزائر منذ عام 1997 في مكافحة ظاهرة التقليد والقرصنة على الأعمال الفكرية ، إلاّ أنّ خبراء يجمعون على أنّ الجزائر مازالت متأخرة من حيث ترسانتها القانونية والعقابية لمواجهة المنتجات المغشوشة الني يسميها الجزائريون ( سلع تايوان).


ويرى الخبير الجزائري عبد الحق العميري، أنّ ظاهرة quot;تزوير العلامات التجاريةquot; كانت لها ولا تزال تأثيرات سلبية على مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، وهي الخطوة المتعثرة منذ سنوات طويلة، بسبب فرض الطرف الأوروبي التعامل مع الجزائر، وفق قواعد صارمة في مجال حماية الملكية الفكرية والنسب العالية للقرصنة، وتتمثل النسب المقبولة على الصعيد الأوروبي في 16 بالمائة بالنسبة للقطاع السمعي والبصري و26 بالمائة لأشرطة الفيديو المستنسخة. من جهتها، تركّز المديرة العامة للمعهد الجزائري للملكية الصناعية نبيلة قادري، الفجوة الحاصلة إلى هزال وثقل الإجراءات القانونية والقضائية، مستدلة بكون القضاء الجزائري لم يصدر سوى 43 حكمًا فحسب ضد المقلدين والقراصنة منذ حوالى 37 سنة، من مجموع مئة متابعة قضائية جرى تحريكها ضدّ هؤلاء، مع الإشارة إلى بروز نوع جديد من القرصنة يتعلق بالنشاط غير الشرعي في حقل برامج الصوت والفيديو والأقراص المضغوطة، ما دفع بشركة quot;ميكروسوفت الجزائرquot; لرفع شكوى بهذا الصدد.


وكان المشاركون في الندوة الدولية حول العلامات التجارية المزورة التي احتضنتها الجزائر قبل أشهر، حذروا من النتائج السلبية المترتبة عن ظاهرة تدفق المنتجات المزورة والمغشوشة، ودعوا إلى صياغة منظومة قانونية متكاملة لمعالجة هذه الظاهرة التي بدأت تتفاقم بتزايد نشاط الشركات الأجنبية في مختلف البلدان.
وأكدت ندوة الجزائر أن تطويق هذه المشكلة يقتضي تعاونا دوليا جادا يتجاوز في أبعاده وأهدافه البرامج الوطنية التي عجزت باعتراف الخبراء عن إيقاف زحف هذه الكارثة الإقتصادية، بينما طرح مختصون قضية تعزيز مراقبة الحدود البرية والمطارات والموانئ وتشديد عمليات التفتيش بخصوص السلع والمنتجات المستوردة والتي كثيرا ما تكون مغشوشة وذلك باستعمال كل الوسائل العلمية والتكنولوجية المتاحة.