كشف تقرير أن غواتيمالا فيها أعلى نسبة من الذين يعانون قلة الغذاء على صعيد أميركا اللاتينية، وتأتي في المرتبة الثانية عالمياً، ما يرفع نسبة الوفيات بين الأطفال.
سان خوسيه: كشف تقرير لمنظمة اليونيسيف quot;من أجل الطفولةquot; التابع للأمم المتحدة أن غواتيمالا هي البلد الأكثر معاناة من الفقر والعوز، وفيها أعلى نسبة من الذين يعانون قلة الغذاء على صعيد أميركا اللاتينية، وتأتي في المرتبة الثانية على صعيد العالم، وهذا يرفع نسبة الوفيات بين الأطفال. وفي هذا التقرير، الذي وزع في سان خوسيه، وحصلت إيلاف على نسخة منه، أشار ممثل اليونيسيف في كوستاريكا مانويل مانريكي إلى أن هذا الوضع المخيف يؤثّر خصوصاً في الملايين من الأطفال الغواتيماليين، وهي صورة حقيقية لما يعانيه معظم سكان غواتيمالا، ما يدفع للضغط على الحكومة لوضع سياسة غذائية من أجل فرملة هذه الكارثة السكانية والاجتماعية.
سان خوسيه: النسبة الكبيرة من الناس الذي يعانون قلة التغذية في غواتيمالا ليست قديمة، وتفاقمت مع الوقت، مع كل حكومة أتت بدلاً من أن تتراجع، لذا نجد اليوم أن المتضررين منها أكثر من 49 % من الأطفال. وحسب تقرير منظمة اليونيسيف، تأتي هندوراس في المرتبة الثالثة من حيث تدهور وضع الأطفال الغذائي، بعدها بوليفيا ونيكاراغوا والكاريبي. ويطال هذا الوضع 29 % من الأطفال هناك، ثم البيرو وكولومبيا 27 %، و14 % في الأكوادور، و12 % في الأرجنتين، و14 % في تشيلي والمكسيك، وتأتي كوستاريكا في آخر القائمة بنسبة 6 % فقط، لذا تعتبر من الدول المتقدمة في عناية الطفولة ومكافحة الفقر.
ويأتي هذا التقرير الحزين في الوقت الذي قررت فيه الأمم المتحدة تخفيض نسبة الجوع وقلة الغذاء إلى النصف خلال السنوات العشرين من القرن الواحد والعشرين. إلا أن تقارير لمنظمات إنسانية أخرى تتحدث عن أرقام أعلى للفقراء والجياع في أميركا اللاتينية والكاريبي، وتقول إن عدد الجائعين والمهددين بالموت جوعاً بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية زادت هذا العام أكثر من 6 ملايين. فهم لا يملكون الحد الأدنى من إمكانية الحصول على الغذاء، ليصل العدد الإجمالي إلى 54 مليون شخص في هذا العام. وهذا يعني أن 12 % من سكان أميركا اللاتينية والكاريبي يعانون الجوع من أصل 516 مليون نسمة، وهو عدد سكانها.
وتشير أرقام منظمة الغذاء العالمية F A O التابعة للأمم المتحدة من أجل الزراعة والغذاء في أميركا اللاتينية إلى أنه تم ما بين سنة 1990 وحتى 2006 تخفيض عدد الجائعين هناك من 53 إلى 45 مليوناً، إلا أن الأزمة الاقتصادية أطاحت بكل التقدم الذي تم من أجل مواصلة التخفيض بتوفير أماكن عمل وتأهيل. وفي هذا الصدد، قال خوسي غراسياني مدير F A O quot;من أجل أميركا اللاتينية والكاريبي، لقد كنا المنطقة الوحيدة في العالم التي كانت تتقدم من أجل تخفيض الجوع حتى سنة 2005، والمحصلة الحالية مؤلمة حقاًquot;.
والمشكلة التي ساهمت في تزايد الجوع هي الأزمة الاقتصادية العالمية، وعدم توافر الطرقات الصالحة لوصول المواد الغذائية إلى المناطق النائية في الكثير من البلدان، لكن أيضاً استغلال أراض شاسعة من أجل زراعة الذرة ومواد أخرى لتحويلها إلى وقود. وهذا بالتحديد ما ينفيه الرئيس البرازيلي لويس أغنازيو لولا دا سيلفا، بل، ويدافع عن الطاقة الحيوية، ويحمل ذنب الأزمة الغذائية للبلاد الأكثر غنى متهماً إياها بأنها المسببة لها. وبرأيه، تشوه هذه البلدان التجارة العالمية، وتمنع التطور في البلاد الأكثر فقراً.
ففي مقابلة له، لم يتردد لولا عن القول إنه يصاب بالفزع في كل مرة تربط بلدان معينة زيادة أسعار المواد الغذائية التي تصدرها بزيادة أسعار المحروقات الحيوية، ولا تتحدث بصراحة عن مشاكل أسعار الوقود العادية، منها النفط المسبب الرئيس لرفع أسعار المواد الغذائية، وتحجم عن التحدث عن المساعدات الزراعية.
والمشكلة، حسب رأيه، هي أن البلدان الغنية لا تتحدث عن المخصبات الزراعية التي تبيعها للبلدان النامية كل يوم بسعر أعلى من اليوم الذي سبقه. وطالب البلدان الفقيرة وضع الأصبع على جرح الأزمة الغذائية، التي سببت مشاكل في أكثر من 30 بلدًا تعد من البلدان الأفقر في العالم والحديث بصراحة، فبلدان مثل تاهيتي سوف تشهد المزيد من الاضطرابات لأن المشكلة طالت لقمة عيش الشعب. وحمل لولا بلدانًا غربية تغاضى عن تسميتها مسؤولية عمق الشرخ بين البلدان الغنية والفقيرة، خاصة تلك التي ربطت صرف مساعداتها الإنمائية للقطاع الزراعي بوقف زراعة الحبوب لإنتاج الوقود الحيوي. وقصد بذلك تهديد الاتحاد الأوروبي بشطب المساعدات الزراعية للدول النامية، إذا ما واصلت زراعة الحبوب من أجل إنتاج الوقود العضوي، ما يعني شطبه أكثر من 90 مليون يورو، وهذا يحد من بيع المزارعين في البلدان النامية، خاصة في أميركا اللاتينية منتجاتهم إلى شركات لتحولها إلى وقود عضوية.
وكان جاك ديوف المدير العام لمنظمة التغذية الدولية قد أكد في مقابلة مع صحيفة في كوستاريكا أن زيادة أسعار المواد الغذائية هو فقط مؤشر لاقتراب حلول كوارث وطنية، سيكون لها تأثير قوي، إذا لم يكن هناك إعادة تخطيط وزيادة للمساعدات الزراعية، وما نراه اليوم هو إشارة واضحة، وإذا تركنا الأشياء على حالها فسوف نواجه كارثة وطنية في بلدان كثيرة متأثرة، وهذا سوف يؤثر بالتالي في استقرار العالم الأمني. إلا أن بلداناً في أميركا اللاتينية تخطت هذا الوضع المأسوي، وتشهد نمواً واضحاً، ما يوفّر الغذاء للجميع، فباناما تشهد اليوم نمواً اقتصادياً كبيراً، ما يدفع إلى القول إن الأزمة الاقتصادية لم تترك في هذا البلد بصماتها العميقة، والفقر الذي طال ثلث سكانها في تراجع.
التعليقات